أهدروا المليارات على المزارات.. الحوثيون يدعون ملايين الجياع للحجيج إلى أضرحة العبودية

في الوقت الذي يتضور ملايين اليمنين جوعاً نتيجة إيقاف صرف المرتبات، ونهب الإيرادات وفرض الجبايات، والارتفاع الجنوني للأسعار، أنفقت مليشيا الحوثي عشرات الملايين في افتتاح مقبرة جديدة لقتلاها ومزار لأحد رموزها الذي سبق له أن ادعى المهدوية والنبوة قبل تغيير طريق الحج من مكة إلى محافظة عمران حيث ولادته، جسّدت العبودية التي تعبّد طريق اعتناقها.

وأكدت مصادر محلية، أن مليشيا الحوثي "ذراع إيران في اليمن"، افتتحت الساعات الماضية، مقبرة جديدة لقتلاها، ومزارا مزخرفا لضريح وجامع "الحسين العياني" في منطقة "دُكم ريدة" في محافظة ‎عمران (شمالي صنعاء)، في إطار مشروعها لإحياء الرموز الدينية الطائفية وإعادة إنتاج صورة حقبة حكم الأئمة الكهنوتية للبلاد.

وأنفقت المليشيا الحوثية على افتتاح مزار ضريح "العياني"، عشرات الملايين، ضمن مساعيها الطائفية الرامية إلى تكريس مبدأ الولاء والتبرك برموزها، في استنساخ صريح لحقبة الأئمة التي أذاقت الشعب اليمني الويلات، في تجاهل ودونية لعشرات آلاف الجياع من الموظفين الموقوفة رواتبهم، والملايين ممن سلبتهم حقوقهم وفرضت عليهم جبايات تكاد تكون أسبوعية لإحياء فعاليات وإقامة أنشطة، مضامينها وأبعادها تمهد الطريق لتقديس رموزها، على رأسهم زعيمها الإرهابي عبدالملك الحوثي.

في السياق، كشفت مصادر مطلعة لوكالة خبر، أن مليشيا الحوثي خصصت هذه السنة كمرحلة أولى أكثر من 75 مليار ريال للإنفاق على تجهيز ما يزيد على 28 مقبرة جديدة لقتلاها، تتوزع في 12 منطقة تحت قبضتها، إضافة إلى نفاقتها على احتفالاتها السنوية بما تسميه "أسبوع الشهيد".

وذكرت المصادر أن المليشيا تدرس إعادة ترميم ضريح مزار صريع شقيق زعيمها "حسين الحوثي" بكلفة كبيرة جدا لم يتم تحديدها حتى اللحظة، إلا ان دراسات أولية تشير إلى أنها بمليارات الريالات.

ومنذ الانقلاب العسكري للحوثيين على النظام الجمهوري في 21 سبتمبر/ أيلول 2014م، عمدت المليشيا إلى تسريح واعتقال كل مناوئيها، تمهيدا لاتاحة المجال لنفسها بالانفراد في الحكم والاستيلاء على الثروة.

تعظيم وتقديس

وتنهب المليشيا الحوثية، شهريا، عشرات المليارات، من ايرادات الموانئ الخاضعة لسيطرتها ومطار صنعاء، وضرائب شركات الهاتف المحمول، والشركات الصناعية والتجارية والإنتاجية (استهلاكية ودوائية وغيرها)، وفوارق اسعار المشتقات النفطية ومادة الغاز المنزلي، وغيرها من الايرادات والجبايات وغيرها.

وجسّد افتتاح المزار أبعاد العبودية السلالية الحوثية للآخرين بتعظيم وتقديس رموزها في زيارة اضرحتهم، وهو معتقد اسلافهم، سبق وجسّدته في مزار لضريع شقيق زعيمها الصريع حسين الحوثي، الذي ادعت ذات يوم بانه "قرآن ناطق".

وتتشابه كثيرا الدعاوى الخرافية لرموز السلالة الكهنوتية، حيث سبق وادعى "العياني" المهدوية والنبوءة، وهي الغريزة المستوردة في حقيقتها من رموز ايرانية، ظهرت في قرون قريبة من هذا. ففي العام 1844م لقب علي محمد الشيرازي نفسه بالباب وقال انه "علي" المقصود به في الحديث المنسوب إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، الذي لم تثبت صحته، وينص "أنا مدينة العلم وعلي بابها". وبصرف النظر عن موضع الخلاف. فاختصرت الصلوات في 9 ركعات جعلتها في البكور والزوال، وحوّلت القبلة إلى عكا في فلسطين، حيث قبره الذي دفن فيه بعد الحكم عليه بالإعدام الذي جاء بعد عفو ناتج عن استتابة، قبل ان يعاود كفره البواح ويُنفّذ الحكم فيه.

ويتعارض ذلك مع صريح السنة النبوية واهل الشرع، ومهمة طمسها التي اوكلها النبي عليه الصلاة إلى الخليفة علي بن ابي طالب رضي الله عنه. قال الإمام ابن القيم: "ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم تعلية القبور ولا بناؤها بآجر ، ولا بحجر ولبن ، ولا تشييدها، ولا تطيينها، ولا بناء القباب عليها، فكل هذا بدعة مكروهة، مخالفة لهديه صلى الله عليه وسلم. وقد بعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى اليمن، ألا يدع تمثالاً إلا طمسه ، ولا قبراً مشرفاً إلا سواه" رواه مسلم.

مهدوية ونبوة

والحسين بن القاسم العياني، الذي قدم والده من الحجاز إلى اليمن، ولد في قرية عيّان بحرف سفيان محافظة عمران عام 987م. استغل ووالده كغيرهما من ابناء السلالة الوافدة طيب اهل اليمن. وكانت نفوذ حكمه في البداية محصورة في صعدة حتى وفاة والده في العام 1003م، والأخير كان قد نصّب نفسه واليا على صنعاء.

خاض الحسين حروبا بمساعدة قبائل حمير وهمدان بغية السيطرة على صنعاء، وادرجها لاحقا ضمن مستعمرته السلالية حتى قُتل في وادي عرعر بمنطقة البون على مقربة من ريدة بعمران في العام 1013م.

وفي العام 1010م ادعى المهدوية، ثم ادعى أن كلامه "أبهر" من القرٱن الكريم مستغلا فصاحته وفلسفته، إلا انه ما قوبل برفض الناس، فجار عليهم وبطش بهم وطلب الاخماس في كل شيء، وفرض على كل من يرفض حكمه دفع الجزية كـ"اليهود"، ومن تعذر عليه ذلك قتله وصلبه، قبل ان يعمل على تحويل الحج من مكة إلى قرية مدقة في عيّان، وحج إليها مع أصحابه، وفيهم قال الشاعر:

"حج الأنام إلى المحصب من منى
                   وإلى مدقة حج آل القاسم".