بسبب انقطاع الرواتب وفشل الحسم.. مئات اليمنيين يلقون حتفهم أثناء البحث عن الماء

راح مئات اليمنيين ضحية البحث عن مصدر الحياة الأساسي "الماء"، خلال الخمس سنوات الأخيرة من انقلاب مليشيا الحوثي الإرهابية على النظام أواخر العام 2014م، في ظل تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية، واستمرار المليشيا لأكثر من ست سنوات برفض دفع رواتب الموظفين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وتسريح شركات القطاع الخاص لعشرات الآلاف من عامليها، بالإضافة إلى ما ترتب على فشل الحكومة المعترف بها دوليا في حسم المعركة لصالح الشعب.

وتوفي وأصيب مئات المواطنين في حوادث الغرق داخل الخزانات والحواجز المائية، وآبار المياه، في مختلف المناطق اليمنية، بعد أن توجه أغلب المواطنين بمن فيهم الموظفون للعمل في مجال حفر الآبار وانشاء الخزانات والحواجز المائية، لتغطية احتياج الأراضي الزراعية، التي باتت مصدر رزق وحيداً لملايين اليمنيين.

وكشف آخر إحصائية، وفاة وإصابة 4 شبّان، اليوم السبت 13 مايو/ آذار 2023م، اختناقا في بئر مياه، بمحافظة حجة (شمالي اليمن)، بعد 24 ساعة على وفاة وإصابة 5 آخرين، في حادثي سقوط منفصلتين إلى داخل بئري مياه في محافظة الضالع (جنوبي البلاد)، ليرتفع عدد الضحايا إلى 9 اشخاص.

وأكدت مصادر محلية، وفاة مفتاح علي عبدالله ناصر وهان (27 عاما)، وزين عبدالله علي صغير موانس (25 عاما) فيما اصيب ناصر عبدالله علي صغير موانس (25 عاما)، ومحمد ناصر علي صغير موانس (28 عاما)، بإصابات جسيمة ومتوسطة، بعد تعرضهم لعملية اختناق، داخل بئر ماء يبلغ عمقها 25 مترا، في مديرية محلات الشرف، محافظة حجة (شمالي اليمن).

وذكرت، أن المصاب الأول نزل إلى البئر وشغل مولد ضخ المياه، ما أدى إلى اختناقه والآخرين بعادم المضخة أثناء محاولتهم إنقاذه حيث توفي اثنان وأصيب الآخران.

يأتي ذلك بعد نحو 24 ساعة، على وفاة أربعة أشخاص وإصابة خامس، بحادثتي سقوط في بئري مياه بمديريتي دمت وقعطبة، بمحافظة الضالع (جنوبي اليمن).

وقالت مصادر محلية، إن الشبّان، "بلال مسعد محسن الصيادي، ومحمد عارف احمد عبدالله الصيادي، وطارق الضريبي"، توفوا متأثرين بإصابتهم، اثر انزلاقهم إلى قاع بئر مياه عميقة قيد الحفر، أثناء مزاولة العمل فيها، في قرية "الضيعة"، عزلة "منقير"، غربي مديرية دمت.

فيما توفي الشاب "رداد عبده الحالمي"، وأصيب "مختار عبدالمعطي الفهد"، اثر سقوطهما داخل بئر مياه أخرى غربي مديرية قعطبة، نتيجة كسر الاخشاب الحاملة لمواسير رفع المياه، التي كانا يقفان عليها أثناء اعمال الصيانة.

وهذه الحصيلة هي ضحايا محافظتين فقط، خلال آخر 48 ساعة فقط، في ظل سقوط عشرات الضحايا أسبوعيا في مختلف المناطق.

هجرات نحو الريف

ودفعت الحرب وسياسة التجويع الحوثية والحكومية في آن، بملايين اليمنيين بينهم الموظفون، للعمل في مختلف المهن بحثا عن مصدر رزق يقتاتون منه وعائلاتهم.

وذكرت العديد من المصادر لوكالة خبر، أن المناطق الريفية اليمنية شهدت موجات هجرات واسعة لعشرات آلاف الموظفين ممن فقدوا وظائفهم ورواتبهم، والبدء بالاستقرار فيها والعمل في مهنة الزراعة.

وامام ضعف الإمكانات الاقتصادية لهؤلاء المهاجرين، وحاجة الإصلاحات الزراعية لكميات كبيرة من المياه، اندفعوا نحو حفر الآبار، وانشاء الحواجز والخزانات التجميعية لسيول الأمطار بإمكانات شخصية وخبرات ذاتية، افتقرت في الغالب للايادي العاملة الماهرة، وادوات السلامة، ما جعل مزاوليها عرضة للمخاطر.

وراح ضحية هذه المخاطر مئات المواطنين. بل إن إنشاء مثل هكذا مشاريع دونما وضع سياج تحمي الأطفال والنساء جعل منها خطرا محدقا لهذه الشريحة التي اخذت أرواح العشرات منهم.

فشل الحسم

ومنذ بداية الحرب تمارس مليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً سياسة التجويع والتركيع بحق المواطنين في مناطق سيطرتها، رغم ما تجنيه من ايرادات موانئ الحديدة، وشركات الاتصالات، وفوارق أسعار الوقود ومادة الغاز المنزلي، وعائدات الضرائب والزكاة والجبايات المتعددة التي تفرضها بصورة مجهود حربي ودعم لعناصرها في القتال، إضافة إلى نهب حصص كبيرة من دعم المنظمات الدولية.

بالمقابل، شاركت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في هذه المعاناة، اثر فشلها الذريع طيلة ثماني سنوات من حسم المعركة لصالح الشعب، وتحول قوى النفوذ فيها إلى مستثمرين وأصحاب رؤوس أموال، استغلوا مناصبهم في تنميتها، علاوة على تخليها عن آلاف الموظفين النازحين إلى المناطق المحررة.

وخسر مئات آلاف الموظفين الحكوميين (مدنيين وعسكريين) والعاملين في القطاع الخاص وظائفهم، وارتفعت أسعار المواد الغذائية والاحتياجات الأساسية لأكثر من 500 في المئة، بينما تخطى بعض منها حاجز الـ800 في المئة. وصنّفت المنظمات الدولية الأممية الأزمة الإنسانية في البلاد بالأسوأ عالميا.