ما الذي يربط بين روسيا وحزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف في فرنسا؟

سلط  تقرير برلماني حول التدخلات الأجنبية في الشؤون الفرنسية الضوء على وجود صلات بين حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف وروسيا. لكن مارين لوبان رئيسة الحزب، انتقدت التقرير ونددت بما سمته "المحاكمة السياسية".

كشف تقرير أجرته لجنة تحقيق تابعة للجمعية الوطنية الفرنسية حول التدخلات الأجنبية في السياسة الفرنسية عن صلات بين حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف بشأن علاقاته وروابطه مع الكرملين الروسي.

وخلص التقرير إلى أن حزب مارين لوبان يلعب دور "همزة وصل" بين روسيا وفرنسا. لكن زعيمته  مارين لوبان انتقدت التقرير ووصفته بـ"المسيس" و"غير النزيه".

وأظهرت بعض مقتطفات التقرير المسربة، والذي دونته نائبة حزب "النهضة" كونستونس لو غريب مدى "توافق" خط حزب "التجمع الوطني" مع "الخطاب الروسي" في 2014 عند ضم موسكو شبه جزيرة القرم "بشكل غير شرعي"، وفي نفس السنة حصل الحزب على قرض مالي قدره حوالي 9 ملايين يورو من قبل بنك تشيكي روسي.

العلاقة بين حزب "التجمع الوطني" وروسيا "قديمة" و"متجذرة عبر التاريخ"

وجدير بالذكر أن حزب "التجمع الوطني" هو الذي دعا إلى القيام بهذا التحقيق بهدف "وضع حد للاتهامات التي تستهدفه بشكل منتظم" والتي تشير إلى وجود "قرابة بينه وبين روسيا".

وفي هذا الشأن، قال جوليان بايو، وهو نائب عن حزب الخضر في الجمعية الوطنية الفرنسية: "حزب مارين لوبان حاول استغلال لجنة التحقيق لكنه فشل في ذلك".

وصوت نواب حزب "التجمع الوطني" المتواجدون في اللجنة، التي يترأسها جان فيليب تانغي وهو أيضا من نفس الحزب، ضد التحقيق. وتمت المصادقة عليه بـ11 صوتا مقابل 5 وفق مصدر من الجمعية الوطنية.

أما حزب "فرنسا الأبية" اليساري، فقد امتنع عن التصويت. فيما وصف أورليان سانتول من نفس الحزب موقف حزب "التجمع الوطني" إزاء روسيا بـ"المذنب على الأقل".

وتشير كونستونس لو غريب التي دونت التقرير الذي سينشر بشكله النهائي هذا الأسبوع إلى أن "العلاقة والأيدولوجية بين حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف وروسيا "متجذرة عبر الزمان" لكنها شهدت "هيكلة وتنامي" مع انتخاب مارين لوبان على رأس الحزب في 2011.

كما أشارت أيضا إلى وجود "اتصالات متكررة" ومنتظمة بين نواب حزب التجمع الوطني ومسؤولين روس، فضلا عن استقبال الرئيس بوتين لمارين لوبان في 24 مارس/أذار 2017 في قصر الكرملين قبل بضعة أسابيع فقط من موعد الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي فاز فيها ايمانويل ماكرون.

"محاكمة سياسية"

وأضافت كونستونس لو غريب أن "كل ما قالته مارين لوبان خلال جلسة الاستماع التي نظمتها لجنة التحقيق بخصوص جزيرة القرم كان مطابقا حرفيا لنظام بوتين"، منوهة في الوقت نفسه إلى أن "بعض مواقف حزب التجمع الوطني ومارين لوبان تغيرت قليلا بعد الغزو الروسي لأوكرانيا".

وخلال ندوة صحفية نظمتها في منطقة "با دو كاليه" شمال فرنسا، انتقدت مارين لوبان استنتاجات نائبة حزب النهضة كونستونس لوغريب ونددت بما سمته بـ"المحاكمة السياسية".

وقالت: "في الواقع، لا يوجد أي شيء"، معتبرة التقرير بأنه شبيه بالشخص الذي قام بتدوينه أي أنه "طائفي" و"غير نزيه" و"منحاز سياسيا".

أما رئيس اللجنة، جان فيليب تانغي من حزب "التجمع الوطني"، فلقد ندد بما سماه بـ"المهزلة". وقال: "لا يوجد أي عنصر يحمل المسؤولية" لمارين لوبان. وتم الاستماع للوبان أمام اللجنة في 24 مايو/أيار الماضي فأقسمت أنها لم تقدم أي مقابل سياسي لروسيا من أجل الحصول على قرض مالي عام 2014.

تدخلات أجنبية أم تأثيرات؟

أما مارين لوبان، فلقد صرحت في هذا الشأن: "أؤكد رسميا بأنني لم أتخذ أي قرار لأفرح أيا كان"، مضيفة أن "الحصول أم لا على القرض البنكي لم يغير ولو ذرة واحدة من آرائنا ومواقفنا".

وتابعت: "كنت أعتبر أن سكان جزيرة القرم صوتوا بحرية لصالح انضمامهم إلى روسيا"، مشيرة إلى أن "خصومنا السياسيين يلقون اللوم علينا لأننا نفكر بشكل مخالف".

وأضافت بأن "التقرير الذي نشرته لجنة التحقيق التابعة للجمعية الوطنية لم يتطرق كثيرا إلى القرض المالي الذي بنيت عليه حملة القذف والافتراء التي تستهدفنا"، مضيفة أن "جميع السلطات التي تم الاستماع إليها قالت بأنه لا يوجد أي شيء" فيما يخص هذا الملف.

وتجدر الإشارة إلى أن لجنة التحقيق استمعت خلال ستة أشهر إلى عدد كبير من الشخصيات، لكنها واجهت صعوبات كثيرة لكي تفرق وتميز بشكل دقيق ما بين "التدخلات الأجنبية" و"التأثيرات الأجنبية".

كما تم الاستماع أيضا إلى رئيس الوزراء السابق فرانسوا فيون بخصوص المناصب التي كان يحتلها في عدة مجالس إدارية تابعة لشركات روسية،  قبل أن يغادرها عند اندلاع الحرب في أوكرانيا.

كما تم أيضا استدعاء رشيد مباركي وهو صحافي سابق في قناة "بي إف إم" والذي أقيل من منصبه بسبب "خطأ كبير"، ليفسر ماهية الشكوك حول تدخلات خارجية في عمله، والتي ينفيها. وفتح القضاء الفرنسي تحقيقا حول المسألة.