مليشيا الحوثي تحوّل صنعاء التاريخ إلى مهرجان يتوشح بمئات المتسولات

تحولت العاصمة اليمنية صنعاء، الخاضعة مليشيا الحوثي (المصنّفة على قائمة الإرهاب) من المدينة الضاربة في عمق التاريخ إلى مهرجان تسول للنساء في شهر رمضان الكريم، مع اتساع رقعة الفقر إثر استمرار رفض دفع مرتبات الموظفين وفرض الجبايات والاتاوات.

وتقف كتائب من النساء اليمنيات ومن مختلف الأعمار، وهن متشحات بالسواد في ساحات المدارس وعلى أرصفة الشوارع وأمام المحال التجارية بالعاصمة صنعاء، لساعات طويلة ترقبا قدوم رجل اعمال أو فاعل خير لتوزيع مساعدات نقدية.

وتداول ناشطون صورا لعشرات النسوة يفترشن الشوارع وسط صنعاء، بعد أن اتخذن منها مأوى لهن مع اطفالهن، بعضهن في سنوات أعمارهم الأولى من صنعاء نفسها، واخريات نازحات عن منازلهن جراء الحرب التي اندلعت عقب انقلاب مليشيا الحوثي في 21 سبتمبر/ أيلول 2014م.

ومع قرب موعد ولوج الحرب عامها التاسع على التوالي، وانقطاع المرتبات لأكثر من ست سنوات تباعاً، وسط جبايات واتاوات حوثية شبه أسبوعية، يرتفع اعداد الأسر الأشد فقراً، في بلد يعاني أكثر من ثلثي سكانه من أسوأ أزمة إنسانية في العالم، بحسب تقارير دولية وأممية.

وحسب مراقبون، ترفض مليشيا الحوثي دفع مرتبات الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرتها، لاكثر من ست سنوات، وتسريحها الآلاف منهم واستبدالهم بآخرين من عناصرها ضمن مخطط تجريف المؤسسات الحكومية من أبناء القبائل اليمنية وتحويثها بعد أن استكملت المناصب العليا، إلا من النذر اليسير وجلهم من الأكثر ولاءً لها، لغرض تحسين وجهها أمام الرأي العام بمزاعم القبول بالآخر.

ومع أن أسعار السلع في ارتفاع مستمر، بزيادة تفارتت بين (1000 - 1700) بالمئة مقارنة بفترة ما قبل الحرب، إلا أن دفع المرتبات الحكومية من شأنه تخفيف وطأة معاناة جزء من أبناء الشعب.

وأكد حقوقيون يمنيون لوكالة خبر، أن خروج النساء بهذه الأعداد ويتزايد من عام إلى أخر، وهو الخروج الدخيل على عادات وكبرياء المجتمع اليمني، بات مقلقا للغاية من مستقبل البلد، في ظل رفض سلطة الأمر الواقع الحوثية تحمل مسؤوليتها وواجباتها تجاه أبناء الشعب في مناطق سيطرتها، وتخصيص الإيرادات لتمويل معاركها وانشطتها الطائفية، وقياداتها.

الكثير من المصادر الحقوقية، تؤكد أيضاً رغبة المليشيا الحوثية في مزيد من التجويع للشعب، واستخدام الملف الإنساني ورقة ضغط لتحقيق مكاسب خاصة بها. وتبين ذلك منذ اتفاق السويد أواخر العام 2018 والضغط الأممي والدولي على إيقاف استكمال تحرير محافظة وموانئ الحديدة، بمزاعم إنسانية، بينها دفع مرتبات الموظفين المتواجدين في مناطق سيطرة الحوثيين، وهو ما تنصلت عنه المليشيا حتى اللحظة دونما موقف دولي جاد تجاه ذلك.

وفرضت المكاييل الدولية والأممية ذات المعايير المتفاوتة، وممارسات النهب الحوثية الواسعة للموارد، خلق مجتمع من شقين، الاول يقف على هاوية المجاعة والآخر سقط في قعرها، وهي بذلك تدفعه مكرها إلى امتهان التسول، وهي المهنة التي تسرق منه كبريائه قسراً، وتشغيله بالبحث عما يسد رمق جوعه وصغاره، متناسيا دون قصد حقوقه وحرياته.

ومما يزيد الماسأة فداحة أن بين هؤلاء النسوة عوائل أشخاص ممن غررت بهم المليشيا الحوثية، ولقوا حتفهم في صفوف مقاتليها.

وذكرت مصادر محلية، ان تواجد النساء في الشوارع بهكذا اعداد، ليس محصوراً على ساعات النهار فقط، حيث تجوب مئات اخريات شوارع وأسواق المدينة وهن يمددن أيديهن بحثا عما يجود به فاعلو الخير، في ظل حكم مليشاوي لم تأخذه رحمة بصغير أو كبير، شيخا أو طفلا، في تقاطع صادم مع العادات والتقاليد اليمنية، والقوانين والتشريعات السماوية والأرضية.