قمة الرياض تعيد رسم خرائط الشرعية وتتجاهل الرخوات

محمد الخامري 

بينما كانت عدسات العالم تلتقط لحظة اللقاءُ بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس القيادة السورية أحمد الشرع، بحضور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ومشاركة الرئيس التركي أردوغان عبر الانترنت، كان اليمن غائباً عن الصورة، وعن المعنىٰ، ولم يتم ذكره حتى في هامش الزيارة والقمة والحدث التاريخي برمته..!!.

هذا اللقاء لم يكن بروتوكوليًا، ولم يكن عادياً. لقد كان لحظة إعلان ضمني عن شرعية جديدة لسوريا مابعد الأسد، شرعية بُنيت على أنقاض حرب، لكن تقودها اليوم قيادة نضجت، وعرفت من أين تؤكل كتف السياسة الدولية. ووجدت اليوم فرصتها فاستغلتها، واقتحمت الطاولة من باب الكبار الأقوياء، اقليميا ودولياً.

 في الجهة المقابلة، نكبتنا وبؤسنا كيمنيين، مجلس القيادة الرئاسي، بشخوصه الثمانية الذين يقيم غالبيتهم في ذات المدينة، كانوا يجتمعون في خيمة عبدالله العليمي يُخزنون القات ويتابعون فعاليات الزيارة التاريخية ومخرجاتها المفصلية من شاشات التلفزيون، ولايجرؤون على السؤال: لماذا لسنا جزء من المشهد، لماذا لم يُذكر اسم اليمن  على هامش الزيارة، ولو من باب رفع العتب او جبر الخواطر..؟!

ليرتد إليهم الجواب الذي يعرفونه جيداً: لأنهم ليسوا جزء حقيقي من المشهد اليمني، ولايملكون شيئًا يُقدمونه، وليس لديهم مايقولونه غير الشكاوى المتكررة من الحوثيين وتدبيج الشكر والعرفان لكل من يتطوع ويقصف المرافق العامة والمنشآت الحيوية في مجال سيطرتهم فقط..!! 

 القيادة السورية رغم الانقسام والمآسي التي مرت بها منذ 2011 وحتى اليوم، استطاعت أن تُفرز شخصية سياسية تفاوض وتُقنع وتُحترم، أما قيادة اليمن، فلم تفرز سوى وجوهٍ تتنازع الصلاحيات، وتستجدي الشرعية، وتنتظر التعليمات من موظف في مكتب السفير السعودي لدى اليمن، قيادة عاجزة عن بناء تحالف، أو فرض قرار، أو حتى صياغة موقف سياسي حقيقي، قيادة لم تقدّم خلال أكثر من ثلاث سنوات منذ تشكيل مجلسهم إلا المزيد من الخيبات والنهب والفساد والارتزاق والتبعية.

هذه ليست مقارنة عابرة بين بلدين، بل مقارنة بين مشروعين:

مشروع يؤمن بالدولة ويسعى لاستعادتها، ومشروع يعتاش على الدولة وينهش ماتبقى منها..

سوريا، بكل جراحها، تسير في طريق البناء السياسي، واليمن، بكل دعم الإقليم والعالم له، يسير في طريق التفكك والانهيار، لأنه بلا قيادة وطنية حقيقية، والموجود عبارة عن كومبارس يتحركون وفقا لأجندة من يمولهم، ولايرون في الدولة أكثر من حقيبة سفر ومخصصات مالية، وبيانات عبثية وتغريدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

التاريخ لايرحم، وقيادات العالم تعرف قدر كل شخص وأهميته، والسياسة لاتعترف بالضعفاء، والشعوب حتى الصامتة منها تحفظ جيدًا من وقف معها ومن باعها، ومن جلس على ركامها يقتسم الغنائم.