خبير ألماني: "داعش" يغري المسلمين الألمان للسفر إلى سوريا

مؤخرا، نشر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في الانترنت شريط دعاية في فيديو باللغة الألمانية، يدعو المسلمين في ألمانيا إلى قتال "الكفار". حول هذا الفيديو أجرت DW مقابلة مع ميشائيل لودرز الخبير في شؤون الشرق الأوسط.

 DW: هل هذا أول فيديو دعائي لـ"لدولة الإسلامية" من هذا النوع باللغة الألمانية؟

ميشائيل لودرز: لا، فقد كان هناك بالفعل عدة أشرطة فيديو دعائية باللغة الألمانية، ومن بينها فيديو لمغني الراب دينيس كاسبيرت. أما وجود مشهد إعدام في نهاية الفيديو فهذه مسألة لم تحدث من قبل في فيديو (لداعش) باللغة الألمانية. ومن هذه النقطة يكون هذا الفيديو شكلا من أشكال التصعيد.

ماذا تعرف عن كلا الجهاديين التابعين لـ"لدولة الإسلامية"، الذين يظهران في الفيديو؟

لا يُعْرَف عن هذين الشخصين إلا القليل حتى الآن، ونحن لا نعرف خلفياتهما حتى الآن. لكن اتوقع أن تفعل السلطات الأمنية كل شيء من أجل توضيح هويتهما.

ما رأيك في طريقة صناعة هذا الفيديو؟

في الواقع طريقة الصناعة، مثل كل مظاهر حضور تنظيم "الدولة الإسلامية" في شبكة الإنترنت، طريقة احترافية - من ناحية التقنية، وبالنظر إلى الفئة المستهدفة في أوروبا، التي يصبو إليها التنظيم. وبطبيعة الحال، بها نفس روح احتقار الإنسان، كتلك الناجمة إجمالا عن تمدد "الدولة الإسلامية" في المنطقة.

هل يمكن القول أن الفيديو يأتي رسميا من قبل قيادة "الدولة الإسلامية"؟

هذا سؤال مثير للاهتمام، لكن لا يمكن الإجابة عليه في هذه المرحلة. نحن لا نعرف ما إذا كانت هناك مجموعة معينة داخل تنظيم "الدولة الإسلامية" تصرفت بدافع من نفسها، أم أن هناك تعليمات جاءت من أعلى لإنتاج هذا الفيديو ووضعه في الانترنت.

في الفيديو تتم دعوة المسلمين في ألمانيا والنمسا إلى السفر إلى سوريا والعراق والانضمام إلى الجهاد. وتم تصوير الجهاد في الفيديو كأنه "عطلة" و "سياحة". من المقصود بذلك؟

هذه محاولة بطريقة دعائية لإضفاء مظهر سعادة على القتال في سوريا والعراق لأظهاره باعتباره نوعا من أعمال النزهة الجماعية، أو تجربة حيوية جماعية. وهنا محاولة للوصول إلى شباب مسلم موجود في ألمانيا وأوروبا، ويعاني من عدم الاستقرار نفسيا ويبحث عن هوية؛ من أجل استدراجهم للطريق نحو سوريا. وهذا جزء من الدعاية ومن آلية التجنيد الموجودة لدى "الدولة الإسلامية".

في الفيديو تطلق دعوة من المسلمين في ألمانيا والنمسا إلى قتل "الكفار"، ذبحهم بالسكين، في البلدان الناطقة باللغة الألمانية. كيف تقيم هذه الدعوة؟

الدعوة نفسها ليست جديدة، أما الجديد فهو أن يتم ذلك الآن باستخدام اللغة الألمانية. حيث إنها لم تكن موجودة بهذا الشكل حتى الآن. هنا تجري محاولة على ما يبدو لاستهداف المجندين المحتملين في البلدان الناطقة باللغة الألمانية. وهذا هو الجديد وليس نوع الدعاية في حد ذاته. والجدير بالملاحظة هو الإصرار على قطع رؤوس الخصوم، والذي يظهر للعيان أكثر وأكثر كنوع من "العلامات التجارية" لتنظيم "الدولة الإسلامية".

هل ترى "الدولة الإسلامية" أن هناك إمكانيات تجنيد واضحة في ألمانيا؟

مكن القول ببساطة أن هذا لا يزال كلاما في الهواء. إذا وضعنا في الاعتبار أن هناك من فرنسا أو بلجيكا مجندين تصل أعدادهم بوضوح لبضعة آلاف شخص قد انطلقوا في اتجاه سوريا، وأن من منطقة وسط آسيا أو تونس انطلق نحو خمسة آلاف مقاتل نحو "الدولة الإسلامية"، أما هنا في ألمانيا فتقول سلطات حماية الدستور (المخابرات الداخلية الألمانية) أن عدد الجهاديين الذين كشفتهم هنا في البلد هو 700 جهادي، وهو عدد صغير نسبيا.

وهذا طبعا مسألة تتعلق بالتفسير. إذ يمكن القول أنه إذا كانت "الدولة الإسلامية" بحاجة إلى القيام بدعاية الآن في ألمانيا من أجل تجنيد مقاتلين، فإنها تفعل ذلك من موقف ضعف. ومن الواضح أن ألمانيا ليست الأرض المثالية لتجنيد مثل هؤلاء الجهاديين. ومن ناحية أخرى، يمكن القول أيضا، أن الدولة الإسلامية تستنزف كافة مصادرها لأنهم يعرفون أن هناك رواسب معينة توجه إليها الدعاية.

في الفيديو تُوجه شتائم إلى المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وتُطلق تهديدات بالانتقام منها، وخاصة لأجل المسلمين الذين قتلوا في أفغانستان. فما هو تقييمك لهذه المسألة؟

 بالطبع يعرف هؤلاء النشطاء (الجهاديون) أيضا أنه لا توجد لديهم أي فرصة لإلحاق الضرر بالمستشارة الألمانية. لكن يمكن القول إجمالا إنهم يتباهون بشدة دائما على أمل العثور على شباب مسلم ساذج، وغير متعلم، غِرّ وفاقد للتوجه، يعتبر ذلك أمرا جيدا. هنا يظهر أحد الأقوياء أخيرا إلى أي مدى تسير المسألة! وهذا الجزء النفسي يلعب دورا هاما. لذلك يجب أن تؤخذ الرسالة على محمل الجد أكثر من مجرد أنها تمثل دعاية ذكية جدا. لكن يجب أن لا تعطى قيمة بأفتراض أنّ حياة المستشارة ستتعرض للخطر الآن.

هذا التهديد بالانتقام يمكن أن يفهم أيضا بأنه موجه ضد الحكومة الألمانية بأكملها، وضد الدولة الألمانية. فهل يمكن أن يؤخذ على محمل الجد؟

ربما يكون هذا أيضا رد على قيام الحكومة الألمانية بإمداد قوات البيشمركة الكردية في شمال العراق بالسلاح. وربما يفهم هذا التهديد أيضا على أنه تنبيه: إذا واصلتم السير في هذا الطريق، فسوف نرد بشكل مناسب، من خلال مثلا أن نقوم بدورنا بتسريب مقاتلين إلى ألمانيا، عبر رحلات اللاجئين على سبيل المثال. وسنحاول زعزعة استقرار ألمانيا. وهذا هو السياق الكامن في هذا الفيديو.

أجرت المقابلة: نينا فيركهويزر

*** الدكتور ميشائيل لودرز باحث في العلوم الإسلامية والسياسة وناشر ومستشار في مجالي السياسة والاقتصاد كما أنه روائي ومؤلف لكتب متخصصة.