الناسا تعلن عن مشروع رحلتها البشرية إلى المريخ

في الوقت الذي بلغت فيه الرحلات إلى المريخ بواسطة المركبات الروبوتية درجة من التطور أصبحت تشكل منظومة نقل جديدة عبر الفضاء، فإن الناسا تعمل على خط مواز أيضاً إنما بشكل أكثر سرية أو تكتماً، وهو الرحلة الكبيرة لبشر إلى الكوكب الأحمر.

ويشير تقرير نشر مؤخراً إنما دون الدخول في التفاصيل كيف تعمل وتخطط الوكالة الفضائية لتحقيق هذا المشروع الكبير.

فلم يعد هناك شك اليوم من أن الرجال والنساء الذين سوف ”يبحرون“ في الفضاء باتجاه المريخ قد ولدوا وهم موجودون بيننا! وقد بدأت التحضيرات فعلياً لهذه الرحلة بشكل متكتم، حيث يتوقع أن يكون الانطلاق في أواسط الثلاثينيات من هذا القرن.

وفي الوقت الذي تجدد فيه روسيا حلمها الذي لم تتممه في فترة الاتحاد السوفييتي في الاستكشاف البشري والآلي للقمر، وفي الوقت الذي تنطلق فيه دول مثل الهند والصين والاتحاد الأوروبي وغيرها أيضا إلى الفضاء بقوة، فإن الناسا تضع دائما نصب عينيها إرسال رحلة مأهولة إلى كوكب المريخ لأن هذه الخطوة تعد في عرف العلماء خطوة أساسية لاستكشاف المريخ نفسه ثم المجالات الأبعد من المجموعة الشمسية. وكان هذا المشروع قد أعيد إطلاقه في عام 2010 من قبل أوباما الذي أعطى الأولوية للرحلات المأهولة باتجاه الكويكبات وقمري المريخ. وفي الواقع يمكن لفوبوس وديموس أن يستخدما من أجل تحضير إرسال فريق دولي إلى الكوكب الأحمر بدلا من استخدام قمر الأرض كمحطة انطلاق باتجاه المريخ كما كان مخططا له في البرنامج الذي وافق عليه ج. دبليو بوش.

وجاء الاكتشاف الحديث (أشرنا له في نبأ سابق ) عن وجود مياه مالحة سائلة (في نمط طيني) على سطح المريخ ليدعم الاهتمام بإرسال البشر إلى سطحه. ورغم أن هذه المياه مالحة جداً، وغير قابلة للشرب لكن لا شك أنه يمكن معالجتها من أجل الاستهلاك البشري. ويتفق عدد كبير من الاخصائيين على القول أن المصادر الضرورية للحياة على سطح المريخ موجودة وممكنة الاستثمار.

وفي هذا الإطار أطلقت الناسا في بداية تشرين الأول 2015 مجموعة عمل مهمتها البحث حول مستقبل مواقع الهبوط على المريخ بالنسبة لبعثة بشرية إلى الكوكب الأحمر. ونشرت وكالة ناسا بعد ذلك بأيام تقريراً من 34 صفحة تعرض فيه برنامجها بإيجاز.

الناسا تعلن عن مشروع رحلتها البشرية إلى المريخفي الوقت الذي بلغت فيه الرحلات إلى المريخ بواسطة المركبات الروبوتية درجة ...

‎Posted by ‎مجلة العلوم‎ on‎ 20 نوفمبر، 2015

وموجز هذا التقرير يتمثل فيما يلي:

للوصول إلى المريخ تعمل الناسا على ثلاثة مراحل. المرحلة الأولى، المسماة Earth Reliant سوف يتم خلالها سلسلة من الأبحاث على متن المحطة الفضائية الدولية لاختبار التكنولوجيات الضروررية لهذه الرحلة الطويلة. وتتعلق هذه الأبحاث أيضاً بفهم أفضل لآثار مثل هذه الرحلة على صحة رواد الفضاء ودراسة وسائل تخفيضها إلى أقصى حد. وسوف تستفيد الناسا من هذه المرحلة الأولى من أجل الوصول إلى سوية معيارية لتكنولوجيات جديدة واعدة، مثل استخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد، وأجهزة استخدام المصادر الخام في مواضعها أو أيضاً منظومات اتصال متقدمة جداً. ونلاحظ هنا كيف تقود الأبحاث المتعلقة بالفضاء تطور تقنيات مستقبلية ستصبح لا شك سائدة في الاسواق بعد سنوات.

أما المرحلة الثانية فسميت Proving Ground، وسوف تشهد مغادرة رواد فضاء للمدمار المنخفض حول الأرض ليمضوا عدة أيام بين الأرض والقمر. وسوف يضع العلماء موضوع الاختبار والتطبيق المواد الضرورية التي تسمح لرواد الفضاء بأن يكونوا مستقلين تماماً عن المصادر الأرضية. لهذا لا بد أن نتخيل مساكن جديدة لهم في الفضاء ضمن مركبتهم، تختلف عن تلك التي في المحطة الدولية، كما ومنظومة حقيقية حاملة للحياة في حلقة مغلقة أخف بكثير من تلك التي على المحطة الدولية التي تتطلب تجديداً لها كل ثلاثة أشهر. وفي هذا السيناريو يؤخذ بعين الاعتبار دعم بعثة التقاط نيزك وجلبه إلى مقربة من الأرض.

وأخيراً، في المرحلة النهائية، Earth independent، تبدأ مراحل العد التنازلي وإطلاق البرامج التي وجهتها المريخ. وهنا تصرح الناسا بشكل واضح أنها لا تمانع إرسال بعثات استكشافية مأهولة إلى قمري المريخ، فوبوس وديموس. فمنظومات استخدام المصادر الطبيعية في موضعها التي درست في المرحلة الأولى ستكون قادرة على استخدام مصادر الكوكب الاحمر لتصنيع وقود العودة كما و الماء والأكسجين اللازمين. وأخيراً، يجب أن تكون وسائل الاتصالات التي تم تجريبها وتطويرها قد بلغت مرحلة لا تخسر معها زمناً انتظار أكثر من عشرين دقيقة لإرسال رسالة من المريخ.

على الرغم من أن المعلومات والتفاصيل لا تزال قليلة، بل وغائبة تماماً فيما يخص الهندسة التكنولوجية للمشروع، لكن لا بد من الاستنتاج أن ”الولايات المتحدة لم تكن يوماً أكثر قرباً من إعطاء الضوء الأخضر لإرسال بعثة مأهولة وجهتها الكوكب الأحمر“ كما يقول شارلز بولدن مدير الناسا. مع ذلك هناك عدة عقبات لا بد أن تجتازها الناسا لتحقيق هذا المشروع، ومنها على المستوى السياسي حيث يجب أن يكون الرئيس المنتخب للولايات المتحدة الجديد بع دأوباما يحمل التوجه نفسه فيما يخص توجهات مشاريع الرحلات الفضائية.