أزمة التحالف الثلاثي القطري التركي السعودي في اجتماع مغلق!

* افتتاحية "رأي اليوم"، لندن، 18 ديسمبر كانون الأول 2015
 
أن يعقد وزراء خارجية المثلث التركي السعودي القطري اجتماعاً مغلقاً في نيويورك عشية مباحثات المجموعة الدولية بشأن سورية الجمعة، بعيداً عن أعين الصحافيين، فإن هذا أمر متوقع، وغير مستغرب، لأن هذا التحالف الثلاثي يواجه العديد من التحديات الخطيرة، ليس على صعيد الملف السوري فقط، وإنما على أصعدة إقليمية ودولية عديدة، نظراً للمتغيرات المتسارعة في المنطقة.
 
ولابد أن الحليفين، التركي والقطري، يشعران بحالة من القلق الشديد من جراء خطوات الشريك السعودي الانفتاحية على مصر التي تمثلت في زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد، وإعلانه المفاجئ عن زيادة الاستثمارات السعودية في مصر إلى أكثر من ثمانية مليارات دولار، وسد حاجتها من النفط لخمس سنوات قادمة، وتعزيز الملاحة في قناة السويس لزيادة عوائدها بعد تراجعها في الأشهر الأخيرة.
 
ولعل الوزيرين، التركي والقطري، يريدان الاستفسار من نظيرهما السعودي عن أسباب هذه التحول تجاه مصر وأسبابه وحدوده، بحكم علاقات بلديهما المتوترة مع القاهرة، التي بدت في الأشهر الأخيرة أكثر انفتاحاً على النظام السوري، وأكثر تطبيعاً للعلاقات معه، علاوة على علاقاتها الوثيقة مع موسكو.
 
التحالف التركي السعودي القطري الذي ترسخ منذ وصول العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الى الحكم في كانون الثاني (يناير) الماضي، جاء موازيا لتحالف ثلاثي عربي آخر يضم مصر والامارات والاردن، فيما يتعلق بالشأن السوري وقضايا عربية اخرى، وكان عماد التحالف الجديد احتضان حركة “الاخوان المسلمين” في مصر واليمن خصوصا، وعدم تصنيفها كحركة ارهابية، وتشديد الخناق على النظام السوري، واشتراط رحيل الرئيس الاسد في اي حل سياسي، ومن هنا فإن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، على لسان الحليفين القطري والتركي على الاقل، هو عما اذا كانت السعودية قد جرّت مصر ورئيسها عبد الفتاح السيسي الى معسكرها، ام ان مصر التي لعبت اوراقها جيدا، وفضلت البعد عن التورط السعودي في اليمن هي التي جرّت السعودية اليها؟
 
نجد من الصعب علينا استبعاد مسألة التنسيق المسبق بين الحلفاء الثلاثة، التركي والسعودي والقطري، قبل اجتماع نيويورك الموسع، خاصة ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال صراحة في مؤتمر صحافي عقده امس بأن بلاده لن تسمح مطلقا بأن يفرض احد عليها من سيحكم سورية او اي بلد آخر، وجاء هذا الموقف كرد على مواقف دول التحالف الثلاث الذي لا يرى اي دور للرئيس السوري في مستقبل سورية، وان عليه الرحيل قبل بدء المرحلة الانتقالية المقترحة.
 
وخطورة تصريحات الرئيس الروسي هذه تأتي وسط انباء عن صفقة او اتفاق امريكي روسي على صيغة الحل النهائي التي سيتم فرضها على المؤتمرين لاقرارها ورفعها بعد ذلك الى مجلس الامن الدولي لاعتمادها بصورة نهائية.
 
وهناك نقطة اخرى لا يمكن تغافلها اثناء الحديث عن الاجتماع الثلاثي المغلق، تتعلق بالازمة التركية الروسية المتفاقمة على ارضية اسقاط مقاتلات تركية لقاذفة روسية قرب الحدود السورية، فالرئيس بوتين اكد بأنه لن يغفر لتركيا هذا العدوان، وتوعد بالمزيد من العقوبات الاقتصادية الامر الذي دفع الرئيس اردوغان الى البحث عن مصادر جديدة كبدائل للغاز الروسي واسواق اخرى للبضائع التركية التي كانت تذهب الى موسكو، وتقدر قيمتها بمليارات الدولارات، وتوقفت بسبب هذه العقوبات.
 
لا نعرف ما اذا كان الاجتماع الثلاثي المغلق قد حقق اغراضه في تبديد قلق اطرافه، جزئيا او كليا، لكن ما نعرفه ان الازمة من التعقيد لدرجة يصعب حلحلتها، ناهيك عن حلها في اجتماع واحد على مستوى وزراء الخارجية، وهي ازمة مرشحة للتفاقم في العام الجديد، بسبب انقلاب الكثير من المعادلات والتحالفات والمواقف، بما في ذلك الموقف الروسي والامريكي، وحدوث بعض التقارب بينهما على ارضية الملف السوري، وخاصة بقاء الرئيس الاسد.