عزل «هادي» .. عودة «البيض»

تصعيد غير مسبوق من قبل فصائل متشددة مدعومة من الإمارات، ضمن الحراك الجنوبي، وتحظى بقبول لدى قطاعات واسعة من أبناء المحافظات الجنوبية، كان تتويجه رفع علم "التشطير"، على مبنى محافظة عدن، بالتزامن مع حصار بعض المسلحين قصر المعاشيق الذي يقطن فيه عبد ربه منصور هادي المدعوم سعودياً.

هل تم عزل هادي، وهل ذلك مقدمة لعودة البيض؟ سؤال تجيب عنه وتفسره رسائل إماراتية سعودية، خلال الأيام الماضية. حيث شهدت عدن تصعيداً أمنياً وسياسياً غير مسبوق من قبل "فصائل متشددة ضمن الحراك الجنوبي" ضد وجود الرجل تزامناً مع الحديث عن رفع الغطاء الأمني عنه، قبيل عودته إلى عدن، وإطلاق ما عرف بمعركة "تحرير تعز".

وتشير تطورات الوضع، إلى ملامح تخلٍ عن هادي من قبل السعودية والإمارات، بعد ثبوت فشله في إدارة الوضع، برغم قوة الدعم الذي تلقاه سابقاً.

وكشفت لوكالة "خبر"، مصادر على اطلاع، طلباً تقدم هادي به إلى الإمارات، بمساعدته في القضاء على الحراك، وخاصة بعض القيادات، وأبلغهم أنه لن يستطيع "إدارة الأمور هناك في وجودهم"، إلا أنه تم تجاهل الطلب.

وشهدت مدينة عدن تطورات لافتة ومتسارعة خلال اليومين الماضيين. فإضافة لاشتباكات اندلعت في ميناء الزيت، استهدفت محاولتا اغتيال فاشلتان قياديين عسكريين، تزامنتا، أيضاً، مع لقاء جمع وليّ العهد الإماراتي محمد بن زايد وقيادات في «المقاومة الجنوبية» التابعة لـ«الحراك الجنوبي» في أبو ظبي، ومن بين هؤلاء القيادي السلفي هاني بن بريك.

لكن مسؤولاً أمنياً، طلب عدم كشف هويته، أفاد لـ"خبر"، أن ما حدث في ميناء الزيت لا يخرج عن الصراع الإماراتي السعودي في المدينة، عبر أجنحة الطرفين في مختلف المرافق والمؤسسات. مضيفاً، أن الرياض ربما تحاول تعويض خسارتها في جيزان ببسط نفوذ مواليها على ميناء الزيت ومصفاة عدن.

وتحدثت تقارير، أن الرياض كانت قد رصدت ملياري دولار كموازنة لهادي وحكومته. ما يعزز معلومات، تحصلت عليها وكالة "خبر"، أن حصار مجاميع مسلحة من الحراك لقصر معاشيق، لا يعدو كونه محاولة "للابتزاز المالي" ينفذها جلال، نجل هادي وبعض المقربين، لجلب المال الخليجي والسعودية في المقدمة.

وتوضح تراتيب الوضع القائم عمق الصراع الإماراتي السعودي، حيث إن الإمارات توجهت إلى تكوين أذرع داخل فصائل متشددة في الحراك تملك قاعدة شعبية إلى حد ما، فيما تضع السعودية أولوياتها في دعم عناصر "القاعدة وداعش"، بالإضافة إلى أذرع داخل الحراك أيضاً.

انعكس كل ذلك على وضع هادي، خاصة بعد فشل معركة "تحرير تعز"، بالإضافة إلى الضربة التي وجهتها القوة الصاروخية للجيش اليمني في باب المندب، 13 ديسمبر، واستهدفت قيادة ما يعرف بـ"التحالف" ومخازن الأسلحة، والتي أفشلت ما ظل السعوديون وحلفاؤهم يخططون له لشهور.

وتشير معلومات تحصلت عليها وكالة "خبر"، أن الإمارات كانت قد رفضت دعم الإخوان في المحافظات الجنوبية، مفضلة التعامل مع فصائل متشددة ضمن الحراك الجنوبي.

وتزداد الصورة وضوحاً مع ظهور قيادات حراكية متشددة "وهي تقوم بواجب العزاء للسلطات الإماراتية، في مقتل قائد قواتها في اليمن، العقيد سلطان بن هويدان، الذي قضى بضربة "توشكا باب المندب"، وفي مقدمتهم نائب الرئيس الأسبق، علي سالم البيض، الذي تمت استضافته في وقت سابق من قبل عبدالرحمن الجفري.

ويمكن اعتبار "ظهور البيض في الإمارات، رفقة عبدالرحمن الجفري" في إطار تصعيد لعودة الرجل إلى الواجهة، خاصة وأنه يحظى بقاعدة جماهيرية، مؤشراً إضافياً على توجّه إماراتي لتفعيل أوراق أكثر فاعلية في صراعها العميق مع السعودية.

وأكدت تقارير نشرتها وسائل إعلام عالمية، مخاوف هادي من التوجه إلى أي حل سياسي للأزمة في البلاد، لأن ذلك يعني انتهاء "وظيفته السياسية" وتصعيد خالد بحاح، الذي ظل يحتفظ بعلاقات جيدة مع دول الخليج والأطراف الدولية.