خبراء أمريكيون: الهدف من إغلاق المنافذ اليمنية الهروب من الاعتراف بالفشل

في إجراء انهزامي جديد وهرب من الاعتراف بالفشل العسكري الذريع أعلن تحالف العدوان السعودي الاثنين إغلاق كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية في اليمن.

ويأتي هذا الإجراء في وقت رفض العدوان كل الأصوات الحقوقية الدولية لرفع الحظر عن مطار صنعاء الدولي تخفيفاً من الكارثة الإنسانية الأكبر في العالم، والتي هي من صنع العدوان.

وقال مصدر دبلوماسي في الامم المتحدة لوكالة "خبر"، إن مجلس الامن الدولي - بطلب من دولة السويد - سيعقد جلسة طارئة بشأن اليمن غدا (الاربعاء)، ردا على اغلاق التحالف كافة المنافذ اليمنية.

وقال المتحدث باسم أمين عام الأمم المتحدة فرحان حق: قلقون من قرار إغلاق معابر اليمن وما سيؤدي إليه من عرقلة وصول المساعدات ولم تتمكن طائرتان تابعتان للأمم المتحدة من السفر إلى اليمن بفعل إغلاق السعودية للأجواء اليمنية.

ودعت الأمم المتحدة، الثلاثاء، تحالفا تقوده السعودية إلى إعادة فتح طرق مرور المساعدات إلى اليمن قائلة إن واردات الغذاء والدواء حيوية لنحو سبعة ملايين نسمة يواجهون المجاعة في البلد الذي يشهد بالفعل أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

وقال ينس لايركه المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في إفادة صحفية "الوضع كارثي في اليمن، هذه هي أسوأ أزمة غذاء نراها اليوم، سبعة ملايين شخص على شفا مجاعة، ملايين الأشخاص تساعد عملياتنا الإنسانية في بقائهم على قيد الحياة".

من جهتها أكدت منظمة الصحة العالمية أن الحصار الذي يفرضه التحالف سيعوق جهودها لمحاربة الكوليرا في اليمن، وقالت إن حالات الإصابة تجاوزت حتى الآن 900 ألف توفي منها 2194.

وحذر رئيس برنامج الغذاء العالمي التابع للامم المتحدة من ان مئات الالاف من الاطفال في اليمن سوف يكونون "على وشك المجاعة" اذا استمر الحصار الذي تفرضه قوات التحالف بقيادة السعودية برا وبحرا وجوا لمدة اسبوعين.

وقال ديفيد بيسلي رئيس برنامج الغذاء العالمي في مقابلة مع وكالة انباء اسوشيتد برس، انه إذا استمر الإغلاق، فإنها ستكون واحدا من أكثر الكوارث الإنسانية تدميرا شهدناها منذ عقود.

Yahya Arhab/EPA
Yahya Arhab/EPA

الى ذلك، دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر على وجه السرعة إبقاء المنافذ البحرية والبرية والجوية في اليمن مفتوحة للسماح بدخول الامدادات الإنسانية الحيوية الى البلاد.

وقال سكوت بول، كبير مستشاري السياسة الإنسانية في منظمة أوكسفام، الذي عمل في اليمن: "إن فكرة فرض مزيد من القيود على اليمن هي مصدر قلق كبير".

إقرأ أيضاً: صاروخ الرياض بعيون العالم الغربي

وفي أول تعليق لخبراء أمريكيين على الإجراء هذا قال بروس ريدل، مستشار سابق لأربعة رؤساء أمريكيين ومدير معهد بروكينغز الاستخباراتي الأمريكي: الهجوم الصاروخي على مطار الملك خالد الدولي في العاصمة السعودية الرياض أرعب القيادة السعودية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى وإلى حد أفقدها التركيز.

وأضاف في تصريح لـ"اليمن اليوم" عبر البريد الإلكتروني: القيادة السعودية الآن قلقة من الهجوم القادم، وتطبيق الحصار على اليمن براً وبحراً وجواً حتى على المنافذ الواقعة تحت سيطرة حلفاء التحالف محاولة استباقية للقادم من اليمن.

يوافقه في الرأي، دانيال لاريسون، كبير محرري صحيفة "أميركان كونزرفيتف" الأمريكية والذي أكد أن هذا الإجراء هروب من الاعتراف بالفشل.

وقال لاريسون لــ"اليمن اليوم" عبر البريد الإلكتروني: "أخشى أن يضيق التحالف الخناق على السكان المدنيين أكثر من أجل صرف الانتباه عن فشل حملتهم".

وبعد ان تحدثت صحيفة "اليمن اليوم" معه، نشر دانيال لاريسون مقالا في صحيفة "أميركان كونزرفيتف" قال فيه: "كان رد فعل التحالف بقيادة السعودية على الصاروخ الباليستي الذي استهدف مطار الملك خالد في الرياض مفرطا في انتهاك القانون الدولي، إنه مثال قاس للعقاب الجماعي، رد على هجوم صاروخي وحيد مقابل الهجمات اليومية على اليمن".

واضاف: "لم تتعرض الأراضي السعودية لأي هجوم من اليمن عندما بدأ التدخل قبل عامين ونصف العام، ومن المؤكد أن عاصمتها الرياض لم تكن مهددة، ولكن بعد 30 شهراً من قصف المدن والبلدات اليمنية بلا هوادة وبدون تمييز وبشكل متعمد، تتعرض الرياض نفسها اليوم للهجوم".

وتابع: "إن الحرب دمرت اليمن، ولكنها أدت أيضاً إلى تفاقم أمن السعودية، وبدلاً من الاعتراف بأن حرب التحالف قد فشلت فإن السعوديين وحلفاءهم يضاعفون أخطاءهم السابقة عن طريق تكثيف الحصار الذي تسبب بالفعل في حدوث مجاعة كبرى وأزمات إنسانية وتفشي وباء الكوليرا".

من جانبه اعتبر مايكل هورتن، كبير خبراء مؤسسة (جيمس تاون) الاستبخاراتية الأمريكية: هذا الإجراء هروب من السياسات الداخلية السعودية.

وقال مايكل لـ"اليمن اليوم" عبر البريد الإلكتروني: "السياسات السعودية تجاه اليمن تتحدث بشكل متزايد عن مشاكلها الداخلية بدلاً من أي منهج متماسك للحرب في اليمن".

الصحفية اليمنية والحائزة على جائزة حرية الصحافة الدولية من قبل منظمة لجنة حماية الصحافيين في نيويورك، افراح ناصر، اعتبرت هذا الاجراء بمثابة إعدام جماعي وعقاب جماعي تفرضه السعودية على كل اليمنيين.

وقالت افراح ناصر في تصريح لوكالة "خبر": "قبل اغلاق كل المنافذ.. الحياة كانت لاتطاق فما بالك مع اغلاق جميع المنافذ. اذا كانت اليمن في موت بطيء فهي الان في موت سريع. اليوم الوضع حرج للغاية ولابد من ايجاد حل لإخراج الشعب من هذه الكارثة. على الفرقاء ان يكون عندهم ذرة رحمة وان يجنبوا الملايين من الشعب اليمني الموت السريع هذا".

وفي تغطيتها لهذا الإجراء السعودي نقلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن خبراء ومحللين تأكيدهم بأنه لا مبرر لإغلاق المنافذ الواقعة تحت سيطرة عملاء التحالف، وأنه "لم يتضح بعد ما إذا كانت طهران أرسلت أو حتى ترسل صواريخ إلى اليمن، التي تخضع لحصار جوي وبحري وبري"، مشدداً: "ولم ترد تقارير عن إرسال صواريخ أو أجزاء من الصواريخ إلى اليمن".

من جانبها قالت الواشنطن بوست، إن اغلاق المنافذ اليمنية كاملة الذي كان يخشى منذ فترة طويلة، سيكون محفزا محتملا للمجاعة على نطاق واسع.

واضافت ان بعض مسؤولي الإغاثة وصفوا تلك الإجراءات بأنها مثال آخر على فرض الرياض عقابا جماعيا على اليمنيين في محاولتها كسر عزيمة الحوثيين وحلفائهم.

وقد يتسبب إغلاق السعودية للمنافذ البرية والبحرية والجوية مع اليمن في انتشار المجاعة والاوبئة.

وبحسب الواشنطن بوست، اغلق التحالف مطار اليمن الرئيسي في صنعاء منذ اكثر من عام. وتقول منظمات الإغاثة إن عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم بسبب اغلاق المطار أكثر مما قتلوا بسبب الغارات الجوية التي شنها التحالف.

وقالت الصحيفة الامريكية إن الاستراتيجية السياسة الخارجية لمحمد بن سلمان مثل التدخل في اليمن والحصار المفروض على قطر، تحولت بسرعة إلى مستنقعات مدمرة. مشيرة انه ثبت واقعيا ان كل استراتيجيات محمد بن سلمان الخارجية كارثية، وغالبا ما تأتي بنتائج سلبية.

واكدت الواشنطن بوست، ان التدخل في اليمن كان كارثة بشكل مطلق. وأيا كان مبرر التدخل الأولي، فقد اثبت منذ زمن طويل أن التدخل العسكري في اليمن قد فشل.

ومضت الصحيفة الامريكية بالقول: واصل التحالف السعودي - الإماراتي حملة حصار وتفجيرات لا هوادة فيها دون أي أفق سياسي ذي معنى أو استراتيجية واضحة للانتصار. وكان الأثر الإنساني كارثيا. ويكشف الهجوم الصاروخي على الرياض ان تكاليف هذا المأزق لا يمكن احتواؤها داخل اليمن المدمر.