ميدل ايست آي: كيف تدعم "حكومة هادي" مقاتلي القاعدة في اليمن؟

تعد الحرب في اليمن معقدة نظرا للتحالفات المتغيرة. لنأخذ أبو العباس مثلا، قائد أكبر قوة سلفية داخل المقاومة الشعبية، التي تدعم حكومة هادي. وعلى مدى ثلاث سنوات قامت السعودية والإمارات بتسليح ودعم وتمويل مقاتليه.

 

لكن الشهر الماضي أدرجته السعودية وحلفاؤها الخليجيون وقطر والولايات المتحدة على قائمة الإرهاب لدعمه وتمويله تنظيم القاعدة وداعش، في خطوة تهدد بتقسيم التحالف الهش المساند لحكومة هادي.

 

ويشير الحادث إلى المصالح الحساسة التي تربط بين الشركاء داخل الصراع - ولا يوجد أي مكان أكثر وضوحا من دور القاعدة في ساحة المعركة.

 

وقال مصدر في وزارة الإعلام اليمنية –التابعة لحكومة هادي-، متحدثا إلى "ميدل ايست آي" بشرط عدم الكشف عن هويته لأنه لا يملك سلطة القيام بذلك، إن "الحوثيين وحلفاءهم أعداء القوات الموالية للحكومة والقاعدة على حد سواء، لذلك فإن بعض المسلحين من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب جنبا إلى جنب مع القوات الموالية للحكومة يقاتلون الحوثيين وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح وهذا يخدم البلاد".

 

كيف حدث هذا؟

كانت القاعدة عدوا مستمرا للسلطات اليمنية وداعميها الأمريكيين لأكثر من عقدين. في عام 1992 هاجمت القاعدة فندق "جولد مور" في عدن الذي كانت تستخدمه القوات الأمريكية، مما أسفر عن مقتل سائح وعامل فندق. والأهم من ذلك أنه في أكتوبر 2000، استهدف انتحاري من القاعدة بقارب السفينة الأمريكية "يو اس اس كول" عندما كانت ترسو في عدن، مما أسفر عن مقتل 17 أمريكيا.

وفي أوائل عام 2009، جمعت القاعدة قواعدها ومقاتليها في المنطقة، بما في ذلك التي في السعودية، لتشكيل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. وقد اختبأ المقاتلون في جبال اليمن ومناطق نائية أخرى، ونفذوا عمليات اغتيال ضد القادة العسكريين.

 

وفي ديسمبر 2013، اقتحمت القاعدة مستشفى العرضي في إطار هجوم أوسع على وزارة الدفاع في صنعاء، مما أسفر عن مقتل 56 شخصا، من بينهم 23 من أفراد الجيش. وردت الحكومة على الحملات العسكرية ضد معاقل القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

 

ولكن عندما تدخل التحالف بقيادة السعودية في اليمن عام 2015، تجمعت قوات القاعدة والجماعات السنية المتطرفة الأخرى معاً تحت مظلة (المقاومة الشعبية) المؤيدة للحكومة ضد الحوثيين وحلفائهم.

 

واستغل تنظيم القاعدة، شأنه في ذلك شأن الحركات المسلحة الأخرى، الفوضى لزيادة قوته وتوسيع سيطرته، وشكل تحالفات قوية مع القبائل السنية في الجنوب، التي تخضع حاليا لسيطرة الحكومة المنفية.

 

انخرط أفراد القاعدة في شبه الجزيرة العربية داخل قيادة "المقاومة الشعبية" في مناطق سيطرة "المقاومة" المدعومة من التحالف الذي تقوده السعودية. وبمجرد ترسيخ مكانتهم، استدعوا مجموعاتهم الأخرى في شبه الجزيرة العربية.

 

وفي مايو 2017، قال أمير تنظيم القاعدة في جزيرة العرب قاسم الريمي لـ"الملاحم": "نحن نقاتل جنبا إلى جنب مع جميع المسلمين في اليمن، جنبا إلى جنب مع مجموعات إسلامية مختلفة". وشملت هذه "الإخوان المسلمين وأيضا إخواننا من أبناء القبائل السنية".

 

ولم يوضح الريمي ما كان يعنيه استخدام كلمة "جنباً إلى جنب". لكن العديد من المسلحين القبليين السنة والسلفيين متحالفون مع الحكومة اليمنية المنفية.

 

إنكار الحقيقة

وقد دعم تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية الحكومة التي يعيش رئيسها ووزراؤها في المنفى في السعودية. غير أنه من الناحية السياسية، ترفض الحكومة المنفية الاعتراف بأن عناصر القاعدة في جزيرة العرب يقاتلون جنبا إلى جنب مع قواتها.

 

ولكن العلاقة علنية جدا. ويمكن رؤية مقاتلي القاعدة سيرا على الأقدام أو على متن سياراتهم العسكرية في المدن بما في ذلك تعز ولحج وبعض مناطق محافظتي البيضاء ومأرب. وهم يعيشون بين السكان، وفي بعض الأحيان يتدخلون في حل النزاعات المحلية.

 

وقال مصدر في وزارة حكومة هادي إن جماعات القاعدة التي تقاتل تحت قيادة "المقاومة الشعبية" لا تحصل على ما يكفي من المال للقتال. وأضاف "ليس لديهم - تنظيم القاعدة - سيارات عسكرية حديثة، لكن الحكومة تساعدهم بالمال والذخيرة".


ومن المفارقات أن هذه الأموال تأتي في نهاية المطاف من التحالف الذي تقوده السعودية، والذي يعارض تنظيم القاعدة في جزيرة العرب (...).

 

فكيف يمكن أن تكون القاعدة حليفة وعدوة في الوقت نفسه ؟

يقول إبراهيم الياسري، وهو محلل سياسي مستقل في تعز: "إن الحكومة اليمنية –حكومة المنفى- لا تريد الاعتراف بأن مقاتلي القاعدة يقاتلون مع القوات الموالية لها، وذلك لتجنب الإحراجات والعقوبات الدولية لدعمها القاعدة".

 

ولذلك –يضيف-، فإن "القوات الموالية للحكومة لا تقاتل القاعدة في المناطق الحضرية مثل مدينة تعز أو البيضاء أو مأرب وغيرها من المحافظات حيث يتواجد التهديد الحوثي دائما، ولكنها تحارب تنظيم القاعدة في المناطق التي لا تحتاج فيها إلى دعم الجماعة. ويتم اختيار هذه الحملات بعناية".

 

وقد شن التحالف، حملات عسكرية ضد تنظيم القاعدة في شبوة وحضرموت وغيرهما. في الأسبوع الماضي استولى التحالف على حيٍّ في أبين من القاعدة. وقال إبراهيم الياسري إن الهدف من ذلك هو "إخبار العالم بأن الحكومة اليمنية تقاتل القاعدة".

 

على الجانب الآخر من الصراع، قال محمد البخيتي، عضو المجلس السياسي في جماعة الحوثيين لـ "ميدل ايست آي" إن القاعدة هي عدوهم وإن محاربتها وتنظيم داعش أولوية رئيسية.

 

وأضاف البخيتي إنه عندما استولى الجيش واللجان على أراضٍ من القاعدة - بما في ذلك في مأرب وتعز - هرب مقاتلو القاعدة إلى المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الموالية لحكومة هادي.

 

وقال البخيتي إن "المملكة العربية السعودية تريد تدمير بلادنا، لذلك فهي تدعم تنظيم القاعدة وتنظيم داعش لمحاربة اليمنيين، ثم تتهم اليمنيين بأنهم أعضاء في تنظيمي القاعدة وداعش، وهذا ما حدث مع أبو العباس وغيره".

 

*موقع "ميدل ايست آي" البريطاني