كشف أسرار "مومياء طفلة مصرية" دُفِنَت قبل 1900 سنة مع رسمٍ لوجهها

اكتشف علماء الآثار بقايا مومياء طفلةٍ تبلغ من العمر 5 سنواتٍ في هوَّارة بصعيد مصر.
 
وكانت المومياء الفريدة من نوعها ملفوفةً مع رسمٍ لوجهها وفق تقرير لصحيفة The Daily Mail البريطانية لكن مع ذلك لم يُعرف سوى القليل عن تلك الفتاة حتى الآن.
 
واليوم، وبعد مرور قرنٍ و6 أعوام على اكتشافها، استخدم الباحثون تقنيةً مبتكرةً للتصوير بالأشعة السينية ساعدت في تجميع قصتها.
 
وألقى المسح الضوء على مجموعةٍ من الألغاز، بما في ذلك كيفية تحنيط جثمانها قبل 1900 عام، والأشياء التي دُفنت معها، وسبب وفاتها.
 
وفق The Daily Mail كان الباحثون من جامعة نورث ويسترن الأميركية يعملون على حلِّ بعض ألغاز مومياء الفتاة المعروفة باسم مومياء غاريت.
وكجزءٍ من التحقيق الشامل، استخدم الباحثون تقنية تبعثر الأشعة السينية لتكون هذه هي المرة الأولى التي تُستَخدَم فيها هذه التقنية على مومياء بشرية.
 
البروفيسور ستيوارت ستوك المشرف على الدراسة قال: "هذه تجربةٌ فريدةٌ من نوعها، فهي أشبه بلعبة تجميع أجزاء الصور، غير أنها ثلاثية الأبعاد". وأضاف: "توصَّلنا إلى بعض الاكتشافات الأولية التي تتعلَّق بالمواد المختلفة المُستَخدَمة، لكن الأمر سيتطلَّب أياماً لكي نتوصَّل إلى الإجابات الدقيقة لأسئلتنا. لقد تأكَّدنا أن الشظايا في تجويف المخ هي غُرزٌ متصلبة، وليست مادةً متبلورة".
 
ومومياء غاريت هي واحدةٌ من بين 100 مومياء فقط لها رسوماتٌ لوجوهها. ولتلك المومياوات رسوماتٌ موضوعةٌ وسط لفافات التحنيط فوق الوجه مباشرةً وتحاكي وجوه أصحابها الحقيقية.
 
كانت الطفلة ملفوفةً في الكتان بطولها البالغ 90 سم فقط. ورُتِّبَ الغلاف الخارجي في نمطٍ هندسيٍ معقدٍ من الأشكال المتداخلة التي استُخدمت كإطارٍ لصورة الوجه.
ورُسمت الصورة باستخدام شمع العسل والألوان، وتُظهِر وجهاً يُحدِّق نحو الخارج بشعرٍ داكنٍ متدلٍ خلف الرأس. وتظهر الفتاة في الصورة مرتديةً سترةً قرمزية اللون ومجوهراتٍ ذهبيةٍ.
 
ويأمل الباحثون أن يلقي تحليلهم الضوء على هوية الفتاة ومن أين أتت. وبمقارنة صورة الفتاة مع صور مومياوات أخرى، اكتشفوا أن صورتها غالباً قد رُسِمَت بشكلٍ فريدٍ ومميزٍ، وفي مرسمٍ مختلفٍ عن الآخرين.
 
يقول البروفيسور مارك والتون، وهو أحد الباحثين الذين عملوا في الدراسة: "إن صور المومياوات السليمة نادرةٌ للغاية، والحصول على واحدةٍ هنا في الحرم الجامعي كان أمراً مُلهماً للمحاضرة والعرض".
 
حسب The Daily Mail يعتقد الباحثون أن مومياء غاريت تنحدر من عائلةٍ رفيعة الشأن، وأنها كانت مدفونةً في مقبرةٍ تحت الأرض مع أربع مومياواتٍ أخرى.
 
ويضيف البروفيسور والتون: "هذه فرصةٌ تأتي مرةً واحدةً في العمر لطلابنا - ولي - للعمل على فهم كينونة تلك الفتاة المومياء. تسمح لنا أدوات التحليل القوية الحديثة بإجراء الدراسة الأثرية التي لم يتمكَّن العلماء من إجرائها على المومياء قبل 100 سنةٍ، دون إلحاق الضرر بها".
وتستخدم تقنية المسح بالأشعة السينية أشعةً عالية الطاقة لاستكشاف المواد والأجسام داخل المومياء، مع الحفاظ على المومياء وكفنها سليمين. ويقول البروفيسور ستوك: "أنا مهتمٌ بما يمكننا اكتشافه من أنسجة عظامها من منظورٍ طبيٍ. نحن مهتمون كذلك بجسمٍ يبدو على شكل جعران، وبأسنانها، وبما يبدو وكأنه أسلاكٌ قرب الرأس والقدم".
 
يأتي المسح بالأشعة السينية في أعقاب مسحٍ بالأشعة المقطعية أجراه الباحثون في أغسطس/آب.
 
وقد أعطى المسح للباحثين صورةً ثلاثية الأبعاد لتكوين المومياء، وسمح لهم أن يؤكدوا أن الفتاة كانت تبلغ من العمر خمس سنواتٍ.
 
أكد المسح كذلك خلو جسد الفتاة من أي آثار صدماتٍ واضحةٍ، مرجحاً أنها قد تكون ماتت جراء مرضٍ ما.
 
وقال الدكتور تاكو تربسترا أحد الباحثين العاملين في الدراسة لصحيفة شيكاغو تريبيون إن أكثر المتهمين ترجيحاً هم: الملاريا، والسل، والجدري.
 
وأضاف البروفيسور والتون: "نحن قادرون بشكلٍ أساسيٍ على الرجوع إلى كشفٍ أثري وُجِدَ قبل مائة عام، وإعادة تركيبه باستخدام تقنياتنا التحليلية المعاصرة. كل المعلومات التي سنجدها ستساعدنا في إثراء المحتوى التاريخي الكلِّي الذي نملكه لتلك الفتاة وللحقبة الرومانية في مصر".