الاعتداءات على الكهرباء.. خسائر فادحة وعجز رسمي

أصبح الأمر اعتيادياً بالنسبة للمواطنين أن تنقطع الكهرباء لساعات طويلة بسبب اعتداءات متكررة ينفذها مسلحون قبليون على امتداد مناطق خطوط نقل الطاقة، مأرب- صنعاء، بين الحين والآخر. وذكرت وسائل الإعلام الرسمية أن سبب انقطاع الكهرباء الخميس ناتج عن سقوط أحد الأبراج جراء الرياح القوية ما أثار سخرية الناس من هذه التبريرات الساذجة لوزارة الكهرباء، وسط استهجان متصاعد عن هشاشة تنفيذ مشاريع وطنية استراتيجية تتسبب بها وزارة الكهرباء. وأكدت تقارير معتمدة أن الاعتداءات التي طالت خطوط نقل الطاقة الكهربائية مأرب – صنعاء، تجاوز "300" اعتداء أواخر العام 2010. وبحسب تقرير صادر عن المؤسسة العامة للكهرباء في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، فإن الخسائر التي تكبدتها المؤسسة جراء الاعتداءات المستمرة بلغت 33 مليار ريال يمني، أي ما يعادل (120مليون دولار) شاملة قطع الغيار والإصلاحات والطاقة المنقطعة. صحيفة رسمية تشن هجوماً لاذعاً.. وكانت صحيفة "26سبتمبر" قد شنت هجوماً لاذعاً على وزير الكهرباء "صالح سميع" واتهمته بعرقلة إنشاء محطة معبر الغازية لتوليد الكهرباء. وتساءلت صحيفة "26سبتمبر" في عددها الأسبوعي الصادر الخميس: "لماذا يريد وزير الكهرباء صالح سميع عرقلة محطة الكهرباء في معبر..؟" وأضافت الصحيفة الرسمية: "لا ندري كيف توافقت مثل هذه الأعمال التخريبية مع تصرفات وزارة الكهرباء والطاقة إزاء محطة معبر والإصرار على إعاقة تنفيذها"؟! إحصاءات.. ومماطلة رسمية وفيما تذكر الإحصاءات الرسمية أن الاعتمادات المالية المخصصة لإنشاء هذه المحطة موجودة ومرصودة من الصندوق السعودي للتنمية بقيمة 200 مليون دولار قُدمت لليمن كمنحة، إلا أن هناك عقبات واضحة وإصراراً على إعاقة تنفيذ هذا المشروع من قِبَل وزارة الكهرباء. في السياق ذاته، لا تزال وزارة التخطيط والتعاون الدولي المخوَّلة بوضع خطة شاملة لمشروع محطة ذمار الغازية لتوليد الكهرباء، تماطل هي الأخرى توجيهات رئاسة الجمهورية للإسراع بتخصيص المبلغ المقدم كمنحة للمشروع والمرصود من الصندوق السعودي للتنمية والذي يبلغ 200 مليون دولار قُدمت لليمن في مؤتمر سابق لمجموعة أصدقاء اليمن المانحين. وأبدى كثير من المراقبين خوفهم وقلقهم أن تطير الاعتمادات المالية المخصصة لهذا المشروع الأضخم في حال تحققه طالما أن وزارة الكهرباء لم تستطع أن تستوعب مثل هذه المنحة في إنشاء وإنجاز هذا المشروع المهم والحيوي لليمن. وكانت وزارة التخطيط والتعاون الدولي قد ألقت بالمسؤولية على وزارة الكهرباء في وقت سابق حول تجاهل وزارة الكهرباء لإتمام الإجراءات القانونية للشروع في تنفيذ المشروع . يأتي هذا التصعيد على وزير الكهرباء، الذي يصفه الكثير من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بـ"الوزير الكارثة"، بعد اعتداء هو الثالث خلال 24ساعة مساء الخميس وانهيار برج الكهرباء 425 في مأرب تلاه اعتداء آخر من قبل مسلحين قبليين في منطقة الدماشقة. وكان رئيس الجمهورية قد أوقف صفقة فساد لوزير الكهرباء بتسهيل من وزير المالية صخر الوجيه في أكبر قضية فساد تشهدها البلاد مؤخراً بعد نشر وثائق تثبت تورط "الوزير الكارثة" في صفقة الفساد المفضوحة. وكشف خبراء اقتصاد أن باستطاعة اليمن إنشاء محطة غازية بنصف قيمة الديزل بسنة واحدة فقط وبقدرة تحقق عائدات سنوية للدولة بـ100 مليار ريال. وقالت مصادر بغرفة العمليات إن مسلحين أطلقوا وابلاً من الرصاص بشكل كثيف على خطوط التيار الكهربائي مارب - صنعاء بين البرجين 382- 383 في منطقة آل شبوان مما أدى إلى خروج الدائرة الثانية عن الخدمة وتساقط خطوط نقل الكهرباء إلى الأرض. تحذيرات من توقف تام.. وكانت مصادر فنية في المؤسسة العامة للكهرباء حذرت في الأيام الماضية من توقف تام للمحطة الغازية جراء تعرضها المتكرر للاعتداءات، ما يسبب تلف بعض القطع وتقصير العمر الافتراضي للمحطة. وتنتج المحطة الغازية بمأرب ما مقداره 341 ميجاوات وتغطي 30 % من احتياجات اليمن من الكهرباء، ودخلت الخدمة الفعلية في العام 2009. عجز رسمي.. وأدت الاعتداءات المتكررة على الكهرباء في ظل عجز الأجهزة الأمنية والعسكرية عن وضع حد لذلك، إلى حالة من السخط الشعبي المتنامي يومياً نتيجة ما يسببه ذلك من خسائر مادية كبيرة واستنزاف جائر لموارد البلاد التي لا تكاد تغطي النفقات الأساسية، للمواطن البسيط في ظل تنامي ظاهرة الفساد المالي والإداري في أجهزة الدولة. ويعتقد مراقبون أن قوى سياسية وقبلية تقف وراء تلك العمليات مشيرةً إلى أنها تستخدم ذلك كورقة للضغط على الحكومة أو أنهم يجنون فوائد كونهم يمتلكون الشركات التي تتولى عمليات الإصلاح وتعود عليهم بملايين الدولارات. وتتبادل الأطراف السياسية الاتهامات بالوقوف وراء تلك الاعتداءات، وخاصة أنها تزامنت منذ أوائل العام 2011 وما شهدته اليمن من أزمة سياسية عاصفة لتأتي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية كحل سياسي ومخرج من تلك الأزمة.