حرب التجويع (العربية- السعودية) على اليمنيين.. الصورة كما يرسمها "دوليون" وتقرير قوات البحرية الأمريكية

فاقم العدوان والحصار السعودي المشدد على اليمن منذ 26 مارس، آذار الماضي، وتغذية الصراع المسلح الداخلي، من معاناة السكان والأزمات الحادة في الغذاء والوقود والدواء والمساعدات الإنسانية.

تتسع قاعدة المحتاجين للغذاء الأساسي وأبسط الخدمات العلاجية لتشمل أكثر من نصف السكان، وتقديرات المنظمات الدولية تتحدث عن 12 ونصف مليون يمني على الأقل، وأكثر من نصف محافظات البلاد هي في حالة وضع كارثي وطوارئ قصوى.

ولا تشمل التقديرات، الإنسانية، بالتأكيد، الأعداد الكبيرة للقتلى والمصابين في صفوف المدنيين والدمار الهائل الذي تخلفه الغارات الجوية والقصف الصاروخي في البنية التحتية والأحياء السكنية والمرافق الصحية والتعليمية والإيواء للاجئين.

وشددت سفن وبوارج التحالف العربي والأمريكية الحليفة معها من الحصار البحري المفروض على اليمن منذ أكثر من 100 يوم ما تسبب بانهيار شبه كامل للخدمات الأساسية وانعدام الوقود ونقص حاد في الأدوية والعلاجات، علاوة على توقف خطوط الملاحة التجارية، الأمر الذي أدى إلى "كارثة خطيرة"، بحسب وصف منظمات الأمم المتحدة.

أفادت دراسة جديدة صدرت يوم الخميس 18 / 6 / 2015م، عن منظمة الأغذية والزراعة بالأمم المتحدة، وبرنامج الأغذية العالمي، ووزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية، نيابةً عن الشركاء الفنيين الآخرين، بأن 6 ملايين يمني على الأقل يعانون انعدام الأمن الغذائي الشديد وفي حاجة ماسة إلى المساعدات الغذائية الطارئة والمساعدات المنقذة للحياة في اليمن – وهي زيادة حادة مقارنةً بالربع الأخير من عام 2014.

ووفقاً لدراسة أصدرتها منظمة الأغذية والزراعة بالأمم المتحدة، وبرنامج الأغذية العالمي، هناك ملايين معرضون لانعدام الأمن الغذائي الشديد، ويمكن أن يصلوا بسهولة لمستوى الطوارئ ما لم يحدث تحسن كبير في توافر الغذاء وإمكانية الوصول إليه بأسعار يستطيع غالبية الناس تحملها.

وصرح صلاح الحاج حسن، ممثل منظمة الأغذية والزراعة في اليمن: "نحن نشهد تدهوراً خطيراً وحاداً في وضع الأمن الغذائي بسبب الصراع المستمر، وهو ما يجعل من وصول المساعدات الإنسانية أمراً صعباً".

وبحسب تقرير بثته وكالة "رويترز"، الثلاثاء، انسحب كثير من شركات الملاحة منذ ذلك الحين، في حين تواجه الشركات الأخرى التي ما زالت راغبة في الشحن إلى البلد، تأخيرات لا يمكن تقديرها وعمليات تفتيش إجبارية على يد سفن التحالف الحربية التي تهدف للحيلولة دون وصول أسلحة للحوثيين.

وأظهر تقرير بشأن تقييم المساعدات الإنسانية أعدته البحرية الأمريكية وحصلت عليه الوكالة، أن 42 سفينة فقط وصلت إلى اليمن محملة ببضائع في يونيو حزيران مقارنة مع 100 سفينة في مارس آذار.

ولم تتوافر بيانات أخرى. وقبل الأزمة كان عدد السفن التي تصل إلى ميناء عدن الرئيسي وحده في جنوب البلاد يتجاوز 1000 سفينة في المتوسط سنويًا خلال الأعوام الماضية.

وتم توزيع التقرير الذي جاء في 15 صفحة ويحمل شارة القيادة المركزية للبحرية الأمريكية وعلم السعودية بين جيوش التحالف ومنظمات الإغاثة التي ترسل مساعدات بموافقة التحالف الذي تقوده المملكة.

وقال التقرير، إن الواردات القادمة إلى مرافئ عدن تكاد تتوقف، حيث انخفضت زيارات سفن الشحن وسفن الحاويات وناقلات الوقود أكثر من 75 بالمئة في الفترة من يناير كانون الثاني حتى يونيو حزيران مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وأعلنت اليونيسيف عن توقف برنامج التحصين للأطفال في اليمن بسبب الحرب والحصار. وفي هذ الإطار، دعا ستيفن أوبراين وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إلى "احترام حياة الإنسان" في اليمن، وإلى الوصول الفوري إلى المحتاجين، داعياً جميع الأطراف إلى التوافق على هدنة إنسانية فورية وغير مشروطة في جميع أنحاء البلاد.

وقال: "بينما يسعى الآخرون إلى حل سياسي مستدام، لا يزال المجتمع الإنساني في سباق مع عقارب الساعة، مركزاً فقط على جلب الماء والغذاء والوقود والإمدادات الطبية الحيوية وغيرها من أشكال الدعم لإنقاذ حياة الناس الأشد احتياجاً. ومع ذلك، يتعين القيام بأكثر من ذلك بكثير".

ووفقًا للأمم المتحدة، قتل 3260 شخصاً ونزح حوالى 1.3 مليون شخص منذ شهر آذار/مارس موعد بدء العمليات العسكرية والحربية للتحالف السعودي على اليمن. كما أن ملايين غيرهم يواجهون خطر المجاعة بسبب عدم وصول المساعدات الغذائية، وعدداً لا يحصى من الجرحى يموتون لأن المستشفيات تغلق أبوابها بسبب نقص الوقود.

وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أن أكثر من نصف السكان يفتقرون إلى الغذاء الملائم وأن الواردات التجارية من الوقود والغذاء والدواء بلغت مستويات "حادة" منخفضة عن مستويات ما قبل الأزمة.

وقال أنطوان جراند رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن يوم الثلاثاء: "أي شيء نجلبه... لن يكفي بوضوح. ما نحتاجه بالنسبة لعدن بشكل خاص والبلد بشكل عام هو استئناف الواردات التجارية. مهما فعلنا كعمال إغاثة إنسانية، فإن ذلك لا يعدو كونه جزءاً ضئيلاً مما هو ضروري فعلاً."

وأوضح في إفادة إلى الأمم المتحدة في جنيف عبر الهاتف من صنعاء "من الواضح أن الوضع يتدهور يوماً بعد يوم، وهذا ما يجعل الوضع كارثياً بهذا الشكل."

وقالت سيسيل بويي المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف، الثلاثاء: "نشعر بالقلق البالغ إزاء تدهور حقوق الإنسان والوضع الإنساني في اليمن حيث يواصل المدنيون تحمل عبء الصراع.... وقد شرد أكثر من مليون شخص داخلياً أو لجأوا إلى الدول المجاورة منذ بدء الصراع. ومنذ السابع عشر من يونيو حزيران واصلت قوات التحالف عمليات القصف الجوي والهجمات الأخرى، كما تم الإبلاغ عن وقوع الاشتباكات البرية والقصف وأعمال القنص وتفجير العبوات الناسفة في محافظات مختلفة."

وتسبب نقص الوقود في نشر الأمراض والمعاناة في أرجاء البلد القاحل، حيث يعتمد الحصول على المياه، غالباً، على مضخات تعمل بالوقود. وتظهر تقييمات لجهات إغاثية وتجارية أن اليمن يحتاج لاستيراد أكثر من 500 ألف طن من الوقود شهرياً.

وقال تقرير المساعدات الأمريكي، إن اليمن لم يتمكن سوى من استيراد 11 بالمئة فقط من احتياجاته الشهرية من الوقود في يونيو حزيران مقارنة مع 18 بالمئة في مايو آيار وواحد بالمئة في أبريل نيسان و23 بالمئة في مارس آذار حيث يواجه البلد نقصاً قدره 1.8 مليون طن في واردات الوقود.

وأضاف التقرير: "يصل التيار الكهربائي المتوسط إلى ساعة واحدة في اليوم (للمواطنين). الافتقار إلى طاقة التخزين والوقود اللازم لطحن الحبوب لإنتاج الطحين (الدقيق) يثني التجار عن طرح طلبيات لشراء مزيد من الحبوب."