تقرير ميداني: صعدة تنزف بعيداً عن الأعين والإعلام

صعدة مدينة ومحافظة مكلومة.. تنزف بعيداً عن عدسات القنوات الإخبارية وأولويات المراسلين والناشطين والحقوقيين ونخب السياسة والإعلام.

الوضع الصحي

تمر محافظة صعدة، بوضع صحي في غاية الصعوبة، وربما على شفا انهيار في الأيام القامة، في حال لم يتم تلافي هذه الكارثة، فالعدوان السعودي يستهدف في صعدة البشر والشجر والحجر، وجعل من هذه المحافظة المكلومة بسوء جيرانها هدفاً للغارات الجوية والقصف الصاروخي والمدفعي، وجعل منها تعيش وضعاً إنسانياً وصحياً غاية في الصعوبة.

مصدر في مكتب الصحة العامة والسكان في صعدة قال لـ"خبر" للأنباء: "إن الغارات المكثفة لطيران العدوان على صعدة خلفت الكثير من الضحايا من مختلف فئات المجتمع خصوصاً الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع من أطفال ونساء وكبار سن وذوي الاحتياجات الخاصة، وضاعفت من تفاقم الوضع الصحي في المحافظة، نتيجة لارتفاع أعداد الضحايا مقارنة بتلاشي الأدوية وانحسار العلاجات. مضيفاً أن تعرض الكثير من المراكز الصحية والمستشفيات الريفية في المديريات للقصف وغارات طائرات العدوان والتي كان آخرها قصف المركز الطبي في العطفين بمديرية كتاف، ضاعف العبء على المستشفى الجمهوري والذي يعد المستشفى الوحيد في صعدة الذي يعاني هو، أيضاً، من نقص في الأدوية والكوادر المتخصصة وشحة المشتقات النفطية لتشغيل أجهزة المستشفى مما جعله يواجه صعوبة في تقديم الخدمات الطبية بالشكل المطلوب.

ولفت المصدر إلى أن استهدف الطيران لسيارات المارة على طريق صعدة ـ صنعاء، جعل مكتب الصحة يواجه صعوبة في إرسال بعض الضحايا إلى مستشفيات العاصمة صنعاء والذين يحتاجون إلى إجراء عمليات جراحية كبيرة واستعصى علاجها في المستشفى.

غياب الدور الإنساني

وتعاني صعدة من تردي الوضع الإنساني وانعدام الخدمات الإساسية والضرورية للنازحين والمنكوبين في المحافظة. زاد من ذلك، بحسب عدد من السكان المحليين في صعدة، شبه غياب لدور المنظمات الدولية الإنسانية والتي لم تقم بدورها وفقاً لأهدافها ومبادئها بما في ذلك مكتب اللجنة الدولية للصليب الأحمر بصعدة، وحضور شكلي لمنظمة أطباء بلاحدود الاسبانية، باستثناء منظمة اليونيسف التي تقدم عدداً من الخدمات الإنسانية للنازحين كالماء النظيف، وأدوات النظافة، والقطارات والأدوية، والمشتقات النفطية لقطاعات الصحة والمياه في المحافظة لمواصلة تقديم خدماتها للمنكوبين... وغيرها من الأنشطة.

وذكر عدد من السكان الذين التقتهم "خبر" للأنباء، أن غياب دور تلك المنظمات انعكس سلباً على أوضاع السكان، ففاقم من الوضع الإنساني في المحافظة في ظل غياب شبه كامل لدور السلطات المحلية في صعدة.

وعلى صعيد متصل، أفاد مصدر حقوقي في صعدة لـ"خبر" بأن وعوداً كان قد أطلقها منسق الشئون الإنسانية في مكتب الأمم المتحدة في اليمن "يوهانس فان" خلال زيارة قام بها إلى صعدة في الـ 5 من أغسطس الجاري، أكد على أن مكاتب الأمم المتحدة ستعاود فتح مكاتبها في صعدة في أقرب وقت، وتستأنف نشاطاتها، والتي كانت أغلقتها مع بدء الغارات لطائرات العدوان السعودي، لكنها لم تستأنف العمل ولاتزال مكاتبها مغلقة باستثناء مكتب اليونيسف، وبدء منظمة الـ DRC عملها في المحافظة في توزيع المواد الغذائية للنازحين من أواخر شهر أغسطس الجاري.

الدمار الشامل

الخسائر التي خلفها قصف الطيران لم يقتصر على البشر بل طال كل شيء، مباني ومؤسسات حكومية مدنية وعسكرية ومساكن مواطنين ومقرات منظمات مجتمع مدني وجمعيات تعاونية زراعية، وأسواقاً شعبية وتجارية ومحطات وقود ومستشفيات ومدارس ومساجد وملاعب رياضية.

ويقول عضو في السلطة المحلية في صعدة لـ"خبر" للأنباء، إن طائرات الدوان السعودي الغاشم تقصف، بشكل همجي ومكثف، مختلف مناطق ومديريات المحافظة بشكل جنوني. مشيراً إلى أن طيران العدوان السعودي استهدف محافظة صعدة خلال الأسبوع الماضي فقط بأكثر من 340 غارة من طائرات الـ f16 وأكثر من 250 صاروخاً وقذائف مدفعية.

مبيناً بأن قصف طيران العدوان منذ بدء غاراته في 26 مارس الماضي استهدف تدمير البنى التحتية لمؤسسات الدولة المدنية، حيث دمر في مركز محافظة صعدة محطتي الكهرباء والغاز، وخزان مياه الشرب والمجمع الحكومي الذي يحتوي على (مكتب الخدمة المدنية، ومكتب التعليم الفني والتدريب المهني، ومكتب الإعلام، ومكتب الصناعة والتجارة، والإدارة العامة للتدريب والتأهيل، ومكتب النقل، ومكتب الإدارة العامة للمعلومات والإحصاء ومكتب التخطيط والتعاون الدولي ومكتب الإيرادات الزكوية، ومكتب صندوق التحسين ومكاتب السلطة المحلية في مديرية سحار)، وبنك التسليف الزراعي، ومكتب البريد، ومكتب المؤسسة العامة للاتصالات، ومعهد الاتصالات، ومكتب محو الأمية، ومطار صعدة، وإدارة أمن صعدة ومعسكرات وألوية الجيش، وأقسام الشرطة في عدد من المديريات، بالإضافة إلى قصف المجمعات الحكومية ومقرات السلطات المحلية في مديريات الظاهر وقطابر وساقين وحيدان، ومكتب الشباب والرياضة في المحافظة، وبيت الشباب، والصالة الرياضية ومكتب التربية والتعليم، والمعهد التجاري، والمعهد العالي، وملحقات كلية التربية والآداب والعلوم بصعدة، ومكتب الاوقاف والارشاد، والمركز الثقافي، ومبنى إذاعة صعدة المحلية، ومباني مكتب التربية في مديريات سحار وحيدان وساقين وباقم.
وأضاف: القصف استهدف، أيضاً، عددًا من المدارس الحكومية والمساجد ومستشفى الملاحيط بمديرية الظاهر والمستشفى الريفي بمديرية ساقين، والمركز الطبي في العاطفيين بكتاف وسكن مستشفى الرحمة الأهلي ومركز المجد الطبي، وتضرر مستشفى علي معوض الاهلي بصعدة، كما استهدف طيران العدوان مكاتب عدد من منظمات المجتمع المدني والجمعيات التعاونية الزراعية والأسواق والثلاجات التابعة لها.

شبكات الاتصالات

طيران العدوان السعودي استهدف شبكات الاتصالات وكابلات الانترنت والذي تسبب في انقطاع خدمة الانترنت DSL عن محافظة صعدة والتلفونات الأرضية (الثابت).. بالإضافة إلى استهداف شبكات الاتصالات اللاسلكية لمختلف الشبكات المحلية في أغلب مديريات المحافظة (موبايل، سبأفون، MTN).

الطرقات والجسور

وبحسب مصادر محلية متعددة في صعدة في صعدة، فإن القصف تواصل ليستهدف عدداً من الطرقات الإسفلتية والترابية والجسور والعبارات التي تربط المحافظة بالمحافظات المجاورة والطرق التي تربط مديريات المحافظة ببعضها البعض، حيث تم قصف الكباري والجسور على طريق صعدة كتاف البقع، وقصف الشارع العام وسط مدينة صعدة، وطريق الملاحيط صعدة والجسور التي تتخللها، وقصف الكباري والجسور على طريق الملاحيط حرض الإسفلتي، وطريق صعدة صنعاء الإسفلتي والعبارات والكباري على طول الطريق، في استهداف ممنهج لمنع وصول المواد الطبية والغذائية والمشتقات النفطية.