أخطر ما كشفه تفجير المكلا الإرهابي!!

كشف بيان قيادة المنطقة العسكرية الثانية 13/5 حول حادثة استهداف معسكر الدفاع الساحلي في المكلا بسيارة مفخخة، الخميس، وتبناه تنظيم داعش الإرهابي، عن استشهاد 6 جنود وإصابة 12 اخرين، وكان لافتا محاولة استغلال مواقع تابعة للحراك انتماء الشهداء الى محافظة الضالع ومديرية ردفان المجاورة لها، للدعاية للمشروع الانفصالي، كما نجده في حديث موقع "صدى عدن" الحراكي بأن استشهاد أبناء الضالع وردفان كان دفاعا عن حضرموت وعن أرض الوطن الجنوبي من باب المندب إلى آخر حدود المهرة شرقا.

-هناك عدة ملاحظات يمكن أن نردها هنا، لعل أهمها:

1- كان لافتاً انتماء جميع الشهداء لمحافظة الضالع وجارتها مديرية ردفان بمحافظة لحج، وليس هناك أي شهيد من أبناء حضرموت، رغم ان الهجوم تم على معسكر في حضرموت، بل وفي قلب عاصمتها، ما يشير الى ان العدد الأكبر من القوة البشرية في المعسكر هي من خارج حضرموت.

2- تجنب البيان الصادر عن قيادة المنطقة العسكرية الثانية، ايراد أسماء الجرحى في الهجوم الإرهابي رغم ان عددهم ليس بالكبير (12مصاباً).

3- مسارعة موقع "عدن الغد"، مساء الخميس، الى نشر تصريح لمصدر عسكري بقيادة المنطقة العسكرية الثانية، اكد فيه ان الشهداء ينتمون الى محافظتي الضالع وأبين ومحافظات أخرى بينها حضرموت، حسب ما جاء في التصريح، لكن ما جاء في بيان المنطقة العسكرية، يكشف عدم صحة ذلك.

- يمكن أن نخلص مما سبق إلى النتائج التالية:

1- معظم القوة البشرية المكونة للألوية ومعسكرات الجيش في حضرموت تنتمى الى محافظة الضالع ومديريات ردفان ويافع بمحافظة لحج، فاذا كان جنود وضباط الضالع وردفان يمثلون غالبية القوة البشرية لمعسكر الدفاع الساحلي الواقع في قلب المكلا عاصمة حضرموت، فلاشك ان الامر مشابه له في المعسكرات الأخرى في المحافظة خاصة تلك الموجودة خارج المدن، لكن مع عدم استبعاد وجود شكلي ومحدود لأبناء حضرموت في قيادة تلك المعسكرات لايتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة خاصة تلك الموجودة داخل المدن.

2- غالباً يرجع سبب تجنب بيان المنطقة الثانية ايراد أسماء الجرحى لانتماء جميعهم الى الضالع وردفان، ويبدو ان قيادة المنطقة حاولت بذلك تدارك الامر لما يكشفه من سيطرة الضالع على حضرموت، لكن لم يكن بمقدورها إخفاء هوية الشهداء جراء مسارعة وسائل اعلام حراكية في نشر أسماء الشهداء والمناطق التي ينتمون اليها بعد فترة بسيطة من وقوع الهجوم، وهذا الامر قد يتسبب في تسليط الضوء على احد القضايا شديدة الحساسية في الشارع الجنوبي.

3- هناك عملية توطين واسعة ومكثفة تجري بعيدا عن الانظار، يتم بموجبها إحلال الاف من المسلحين من الضالع ويافع وردفان، في قوام الالوية العسكرية خاصة في حضرموت، محل الجنود والضباط المنتمين للمحافظات الشمالية، والتي كانت احدى المبررات التي يسوقها الحراك في مطالبته بالانفصال، لكن هناك فارق جوهري بين الامرين، فسيطرة أبناء المحافظات الشمالية على قوام معسكرات حضرموت – رغم انها لم تكن صائبة - راجع الى كون الشمال يمثل اكثر من 80% من عدد سكان اليمن، إضافة الى ان هذه العملية تمت خلال عقدين من الزمان، وكانت احدى افرازات حرب صيف 94م، في حين ان سيطرة الضالع وردفان ويافع على معسكرات حضرموت تمت خلال بضعة اشهر فقط.

-إضافة الى انها تمت اثناء سيطرة تنظيم القاعدة على المكلا، وفي ظل وجود هادي كقائد اعلى للقوات المسلحة، الذي عجز، على ما يبدو، في وقف مد الضالع واخواتها من نفوذها العسكري الى قلب حضرموت بهذه السرعة، وهذا الامر يثير التساؤل كيف سيكون الوضع في حال تمكنت قيادات الحراك المنتمية لتلك المناطق من التحكم بالقرار والسلطة كاملا في الجنوب؟ ومن الواضح اننا في ابسط التقديرات سنكون امام صورة مكررة لوضع الجيش الجنوبي قبل الوحدة، والذي كان يطلق عليه أبناء شبوة في ذلك الوقت جيش المديريتين (الضالع، يافع).

4- تكشف سيطرة الضالع وردفان ويافع على معسكرات حضرموت، عن نوايا مبيتة للتعامل مع كبرى المحافظات اليمنية بذات العقلية السابقة، من خلال استمرار التحكم بها عبر القبضة العسكرية، والاكتفاء بتمثيل سياسي شكلي لحضرموت في النظام السياسي.

- كل ذلك يدل على زيف الوعود التي يروج لها الحراك عن دولته الموعودة (فيدرالية، ديمقراطية، مدنية) في الجنوب، فمن يرفض بقوة الاعتراف بحق حضرموت -التي تمثل نحو 40% من مساحة اليمن- في ان تكون احد الأقاليم الستة المقترحة المكونة لليمن الاتحادي وفق مخرجات الحوار الوطني، هي نفس العقلية التي تتولى مهمة وضع بنيان الكيان الجديد، وترفع شعار (وحدة الجنوب أو الموت) عندما يتعلق الامر بالوضع في حضرموت.

- طبعا هناك من قد يشكك في صحة هذا الطرح كونه ارتكز على حادثة منفردة ليس بالضرورة ان تكون معيارا لتحديد نسبة أبناء المديريات الثلاث في قوام الالوية العسكرية في الجنوب عموما وحضرموت على وجه خاص، لكن هناك دلائل أخرى تعزز الطرح السابق سأكتفي هنا بسرد بعضها:

1- في الأشهر الأولى من سيطرة التحالف السعودي – الاماراتي على عدن، رفعت المقاومة الجنوبية كشوفاً بأسماء افرادها، الذين تطالب بدمجهم في أجهزة الامن وقوات الجيش، ورغم ان عناصر المقاومة لم يتجاوز عددهم الثلاثة الاف خلال الحرب، الا ان الكشوف الاولية التي رفعت الى هادي في الرياض، ضمت 60 الف اسم من بينهم 45 الفاً من يافع وحدها، وهذا ما كان صرحت به شخصيات مقربة من هادي كأحمد الميسري، وكان سببا رئيسيا في مسارعة هادي في تعيين حسين عرب في منصب وزير الداخلية، والذي وجهت له بعد ذلك قيادات بارزة في المقاومة أمثال عبدالكريم قاسم، بالوقوف وراء عرقلة عملية الدمج.

2- منذ دخول السعودية وحلفائها الى عدن شهدت غالبية قرى وعزل ومديريات الضالع الخمس دورات تدريبية ودفعات تخرج عسكرية في مختلف التخصصات، وبدرجة اقل شهدت مناطق في يافع أنشطة مشابهة، وكلها تكشف عن توجه واضح وإصرار في السيطرة على الجيش المناطقي الجديد.

3- في اليوم التالي لتعيين الزبيدي محافظا لعدن وشائع مديرا للأمن فيها، استقدم الرجلين اكثر من 1500 من اتباعهما من مسلحي حراك الضالع لتولي المهام الأمنية والاستخباراتية الرئيسية في عدن، وكانت هذه مقدمة لخطوات أخرى اقدما عليها لسحب البساط من تحت اقدام مقاومة عدن السلفية في غالبها، واحكام قبضة حراك الضالع على المدينة، وقد تعددت مبررات الاقصاء والازاحة لقيادات مقاومة عدن كان اخرها قبل يومين مع محاولة إزاحة مهران قباطي قائد معسكر زايد من قيادة المعسكر تحت مبررات غير مقنعة، كما لاننسى إزاحة عناصر مقاومة عدن من كشوف المجموعات التي ترسل الى معسكرات تدريب في اريتريا تحت اشراف الامارات، وأصبحت حكرا على الضالع ويافع.

-استعادة التحكم في الجيش ليست السبب الوحيد الكامن وراء تصدر الضالع ويافع دعوات الانفصال واستعداء كل ما هو شمالي ومحاولة اثارة الفرقة بين أبناء الوطن الواحد، فهناك أسباب كثيرة سأتناولها لاحقا، بإذنه تعالى.

[email protected]

* عبدالعزيز ظافر معياد، كاتب وباحث من اليمن

اقرأ أيضاً للكاتب: