بغداد توسع الفجوة مع طهران بالسعي لتعويض صادراتها النفطية

تحبس إيران أنفاسها مع اقتراب موعد فرض قيود على قطاع الطاقة اعتبارا من أوائل نوفمبر، بعدما انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مايو الماضي من الاتفاق النووي الذي أبرم في العام 2015 بهدف كبح برنامج طهران النووي.
 
ويُباع النفط الإيراني بشكل رئيسي إلى شركات تكرير في الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية، رغم أن له زبائن أيضا في تركيا والاتحاد الأوروبي. ولا يستطيع المشترون الذين يبحثون عن بديل أن يختاروا ببساطة أي خام في السوق.
 
وحذرت وكالة الطاقة الدولية مؤخرا من أنه “مع سريان العقوبات النفطية على إيران، ومشكلات الإنتاج في مناطق أخرى، فإن الحفاظ على الإمدادات العالمية ربما يشكل تحديا قويا وأنه سيأتي على حساب الإبقاء على طاقة احتياطية كافية كعامل وقائي”.
 
وأضافت أنه “بناء على ذلك، فربما يكون أفق السوق أقل هدوءا بكثير في المرحلة المقبلة، مقارنة مع الوقت الحالي”.
 
وكان دبلوماسي إيراني بارز قد أبلغ منظمة أوبك في الأحد الماضي أنه ينبغي عدم السماح لأي عضو في المنظمة بالسيطرة على حصة عضو آخر من صادرات النفط، في ضوء عرض السعودية زيادة إنتاجها لتغطية أي نقص في إمدادات الخام الإيراني.
 
لكن بيانات تدفقات تجارة النفط تظهر أنه في أوروبا على الأقل، نجحت السعودية والعراق بالفعل في تحقيق ذلك خلال الفترة الماضية.
 
وأظهرت بيانات وكالة رويترز لتتبع السفن أن تدفقات النفط الإيراني إلى أوروبا هبطت منذ بداية العام الحالي بنسبة 35 بالمئة إلى نحو 415 ألف برميل يوميا، بينما تضاعفت الشحنات السعودية، وزادت الصادرات من العراق 30 بالمئة.
 
وقالت شركة تكرير ردا على سؤال عن الخامات التي من المرجح أن تكون بديلة للخام الإيراني إنه “الخام السعودي وخام البصرة وخام الأورال”. ويأتي الخامان الأخيران من العراق وروسيا على الترتيب.
 
وزاد العراق والسعودية مجتمعان إنتاجهما النفطي بمقدار 245 ألف برميل يوميا منذ بداية العام، وخفضا سعر البيع الرسمي لخاماتهما الخفيفة إلى العملاء في الدول الآسيوية.
 
وإيران هي خامس أكبر مصدر للنفط في العالم، لكن نحو 1.5 مليون برميل يوميا من إمداداتها تحت تهديد العقوبات. وربما يضطر عملاؤها إلى الدفع بسخاء مقابل بدائل محتملة.
 
ويجري تصنيف النفط بشكل رئيسي وفقا لمحتوى الكبريت، وكثافته قياسا إلى الماء، وفق مؤشر الكثافة الخاص بمعهد البترول الأميركي.
 
وتصنف الخامات فوق 35 درجة على مؤشر الكثافة لمعهد البترول الأميركي في الفئة “الخفيفة”، بينما تلك التي تتراوح بين 25 إلى 35 درجة تعتبر في الفئة “المتوسطة” ودون 25 درجة في الفئة “الثقيلة”.
 
ويعتبر الخام الخفيف أكثر سهولة وأقل تكلفة في الاستخراج والنقل، والأكثر سهولة في التكرير. أما الخامات الثقيلة، التي تحتوي على المزيد من الشوائب مثل الكبريت أو المعادن، فإنها تتطلب معالجات إضافية لاستخلاص منتجات عالية القيمة.
 
ويعد مكون الكبريت ثاني مؤشر رئيسي للتصنيف. فالخام “منخفض” الكبريت يقل فيه مكون الكبريت عن 0.5 بالمئة، بينما الخام “عالي” الكبريت يرتفع فيه مكون الكبريت عن هذا المستوى. والكبريت من المواد المسببة للتآكل، وتحتاج مصافي التكرير التي تستخدم قدرا أكبر من الخامات عالية الكبريت إلى المزيد من الصيانة المكثفة.
 
وتشير بيانات لمعهد البترول الأميركي إلى أن متوسط كثافة الكبريت في خامات أوبك يبلغ نحو 33 درجة. بينما يبلغ في الخامات الأميركية نحو 35.7 درجة. وما زال النفط الصخري، وهو الخام الأسرع نموا في الولايات المتحدة، هو الأخف.
 
ويعد الخام الإيراني الخفيف متوسط الكبريت، وهو ما يعني أن الخام الصخري الأميركي، رغم وفرته وانخفاض تكلفته لا يصلح بديلا في حد ذاته. فمعظم المصافي حول العالم مجهزة لاستهلاك الخامات عند 32 درجة على مؤشر الكثافة لمعهد البترول الأميركي، بحسب مصدر في شركة تكرير أوروبية كبرى.
 
وفي العادة تمزج المصافي أنواعا مختلفة من الخامات للحصول على أفضل ما يناسبها.
 
وتتأثر الخامات التي يرتفع فيها مكون الكبريت بدرجة أقل عند تقلبات الأسعار. فقد انخفضت أسعار النفط في سوق البيع الحاضر على مدى النصف الثاني من 2018. لكن خام الأورال الروسي وفورتيس البريطاني وجيراسول الأنغولي عالية الكبريت كانت الأفضل أداء حول حوض الأطلسي.
 
وبلغت خسائر أسعار تلك الخامات نحو 4 بالمئة منذ منتصف العام مقارنة مع خسائر بلغت 5 إلى 6 بالمئة لخامات أخف ومنخفضة الكبريت مثل إيكوفيسك النرويجي أو بوني الخفيف النيجيري.