موريتانيا تتجه لحل الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين

نواكشوط - تقول أوساط سياسية موريتانية إن السلطات تتجه فعليا لحظر جماعة الإخوان المسلمين بمختلف واجهاتها السياسية والمالية بدءا بحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) وصولا إلى الجمعيات والمنظمات المالية والتجارية والإعلامية التي يصفها الموريتانيون بالإمبراطورية لتوسعها وسيطرتها على قطاعات كثيرة.
 
وأكدت هذه الأوساط أن تلويح الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز باتخاذ “إجراءات” ضد حزب تواصل، فيه تلويح واضح بخيار الحلّ، وأن السلطات تمتلك ملفات كثيرة يمكن أن تدين بها الحزب الإسلامي، خاصة ما تعلق بوجود خطة للتمكين عبر السيطرة على مختلف المجالات، وربط علاقات خارجية تهدد أمن موريتانيا.
 
وكان ولد عبدالعزيز قال إنه “ليس من الطبيعي أن يستخدم حزب واحد الإسلام ويحتكره، هذا غير مقبول ولن يكون مقبولا في المستقبل”. وردا على سؤال، في مؤتمر صحافي طويل بثه التلفزيون مساء الجمعة، ألمح الرئيس الموريتاني إلى “إجراءات ستتخذ في الوقت المناسب”، دون أن يضيف أي تفاصيل.
 
وسبق للسلطات الموريتانية أن بادرت في 2014 إلى حل الذراع الدعوية للحزب، أي جمعية المستقبل للدعوة والتربية والثقافة، التي يرأسها محمد الحسن ولد الددو، القيادي في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه يوسف القرضاوي.
 
جاء قرار الحلّ على خلفية اتهامات من السلطة باستغلال الإسلاميين للجمعيات الخيرية لتجذير سياسة التمكين، وهو ما يرد عليه التيار الإسلامي بأن العمل الخيري والدعوي من صلب اهتماماته، وليس تكتيكا مؤقتا.
 
وزادت مخاوف الموريتانيين بعد الاستعراض الكبير لمنتسبي جماعة الإخوان المسلمين خلال الانتخابات الأخيرة، وهو استعراض أبان عن إمكانيات مالية كبرى لا يمكن أن يحصل عليها حزب في بلد محدود الإمكانيات، ما يثير الشكوك والتساؤلات بشأن الجهة الخارجية الممولة للجماعة في ضوء اتهامات واسعة لها بالارتباط بقطر.
 
ويسيطر التنظيم على مؤسسات تجارية كبرى، ويدير محال تجارية وصيدليات ومحطات بنزين ووكالات تأجير السيارات، فضلا عن المحلات الصغيرة المختلفة.
 
ودعا محمد إسحاق الكنتي، المحلل السياسي والمستشار السابق في الرئاسة الموريتانية، إلى حل حزب تواصل، معتبرا أن “إخوان موريتانيا فرع من تنظيم الإخوان الدولي”، وأنهم “متطرفون خرجوا من نفس العباءة التي خرج منها سيد قطب وشكري مصطفى، وعبود الزمر، وأيمن الظواهري”.
 
وقال الكنتي، في مقال تحت عنوان “الحل في الحل” نشرته صحيفة الوطن الموريتانية، إن “الذين يعارضون حل التنظيم الإخواني باسم الديمقراطية، يتناسون أنه لم يتردد لحظة في التنكر للديمقراطية حين اعتقد أن مصلحته تقتضى ذلك، كما يفعل الإخوان عموما”.
 
وتابع الكاتب الموريتاني “ينسى المدافعون عن الإخوان باسم الديمقراطية أن الإخوان كانوا إلى عهد قريب من ألد أعداء الديمقراطية، ولا يتبنونها إلا إذا كانت كفيلة بإيصالهم إلى السلطة”.
 
وترى شخصيات سياسية ومدنية موريتانية أن التوجه الحكومي للمطالبة بحل جماعة الإخوان يعبر عن وجهة نظر طيف واسع من المشهد السياسي يتخوف من أن تسيطر الجماعة على المؤسسات الموريتانية من بوابة ديمقراطية هشة وبشكل غير متكافئ مع بقية الأحزاب باعتماد المال الخارجي، فضلا عن تهديد البيئة الموريتانية المعتدلة بأفكار وافدة تتسم بالتشدد.
 
وبدا تأثير التخوّف جليا في نتائج الانتخابات الأخيرة، حيث انحاز غالبية الناخبين للحزب الحاكم باعتباره ضمانة لاستقرار موريتانيا بمواجهة أفكار الجماعة التي لا تخفي انتماءها الخارجي من خلال عضويتها في الاتحاد الذي يتزعمه القرضاوي، والذي يمثل واجهة سياسية للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين.
 
ولا تجد مزاعم قيادة حزب تواصل، كونه حزبا إسلاميا محليا بطبعة خاصة، أي صدى لها في الواقع في ضوء شبكة علاقات زعيمه محمد جميل ولد منصور، وهي الشبكة التي كشفتها قائمة الحاضرين لمؤتمره الأخير، والتي ضمت قيادات من أحزاب إخوانية من المغرب وليبيا وتونس والسودان ووفدا من حركة حماس بقيادة خالد مشعل.
 
وكان رئيس حزب الوئام الموريتاني، بيجل ولد هميد، اتهم حزب تواصل بتلقي تمويلات من الخارج والعمل على الخروج عن التقاليد المحلية المتمثلة في المذهب المالكي.
 
وأثار موقف حزب تواصل المعارض لقرار نواكشوط قطع العلاقات مع قطر على خليفة أزمتها مع دول المقاطعة الأربع، ردودا غاضبة في البلاد. واعتبر سياسيون ونشطاء على مواقع التواصل أن هذا الموقف كشف أن الحزب الإخواني يحمل أجندة خارجية تقفز على هويته الموريتانية، ويلتقي في ذلك مع فروع أخرى للجماعة انحازت للتنظيم الدولي على حساب مواقف دولها الأصلية.