من يقف وراء القارب "الشبح" الذي يهرب مغاربة لإسبانيا بالمجان؟

حير القارب "الفونتوم" أو الشبح، الذي ظهر لمرات على السواحل المغربية لنقل شباب من هذا البلد نحو الضفة الأخرى، السلطات المغربية والإسبانية على السواء. ولم يتمكن أي منهما من فك لغزه. وقد شجع هذا الأمر الكثير من الشباب للتوجه نحو السواحل الشمالية للمملكة، أملا في ركوبه يوما ما. فمن يقف وراء "الشبح"؟
 
مشهد في غاية السريالية، شباب مغاربة يركضون نحو قارب نفاث رسا للتو على شاطئ سيدي قنقوش في إقليم طنجة شمال البلاد، بعد أن رحب بهم أصحابه لنقلهم إلى الضفة الأخرى. إنه "الفونتوم" أو الشبح، كما يطلق عليه في المواقع المغربية، والذي أصبح حلم العديد من الشباب المغربي أن يركبه يوما للوصول إلى أوروبا.
 
تحول هذا القارب إلى لغز حير السلطات المغربية، ما صعب عليها إعطاء تفسير لما يحصل. واكتفت الرباط ببلاغ للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية، قالت فيه إنها تمكنت، بالتعاون مع الدرك الملكي، من "إحباط محاولة للهجرة السرية انطلاقا من شاطئ مارتيل".
 
وجاء البلاغ بعد هذه العملية، وهي الخامسة في ظرف شهر واحد، التي نفذها القارب "الشبح" السبت الأخير على السواحل المغربية. وأفاد البلاغ أن هذا التدخل "أجبر القارب على الفرار إلى عرض البحر"، دون أن ينجح أي من المرشحين للهجرة السرية في ركوبه.
 
وخرج مئات من الشباب السبت في مظاهرة في مدينة مارتيل الساحلية بمجرد فرار القارب "الشبح" بعد مطاردته من قبل قوات البحرية، رفعوا خلالها شعارات مطالبة بالهجرة: "الشعب يريد الحركة"، "الشعب يريد الهجرة فابور" أي "الشعب يريد الهجرة بالمجان".
 
خمس عمليات تهريب بالمجان
 
وشهدت الشواطئ المغربية خمس عمليات تهريب مهاجرين مغاربة بهذا الشكل، في ظرف لا يتعدى الشهر الواحد، في كل من سيدي قنقوش، إقليم طنجة، وفي بليونش، الفنيدق، مارتيل ووادي لو في إقليم تطوان، ونجح المهربون في ثلاثة منها في نقل شباب مغاربة للضفة الأخرى.
 
وعرفت هذه المناطق توافد أعداد كبيرة من الشباب، سواء من شمال المغرب أو المناطق الداخلية، أملا في ركوب "الشبح". وانتشرت بعض الإعلانات على فيسبوك تخبر الراغبين في الهجرة بالانتقال لهذه النقاط في انتظار عودة "الفونتوم". "هي دعوات مفبركة، وليس لها علاقة بالمهربين"، يقول محمد بن عيسى رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان في مارتيل.
 
وأصبح هذا التدفق يقلق السلطات المغربية التي تقوم في الوقت الحالي بحملات وسط هذه المناطق لتوقيف الشباب المنحدرين من مناطق أخرى، قبل نقلهم إلى مدنهم. "لقد تم نقل أكثر من 150 شابا إلى المدن الداخلية" انطلاقا من مارتيل، يفيد بن عيسى. ويؤكد بن عيسى أن هذه التوقيفات "غير قانونية، وقد يتخللها العنف من قبل القوات العمومية".
 
من يقف وراء هذه العمليات؟
 
لم يسبق أن شهدت السواحل المغربية تهريب مهاجرين بالمجان. وقد تصل المبالغ التي يدفعها المرشحون للهجرة للمهربين خمسة ملايين سنتيم مغربي، أي ما يتجاوز الأربعة آلاف يورو. وتوجه أصابع الاتهام لتجار المخدرات خاصة.
 
ويرى بعض المختصين في الهجرة أن المهربين بصدد، تجريب طرق جديدة في اختراق وسائل المراقبة بتنفيذهم لهذه العمليات، إلا أن الطريقة الاستعراضية التي نظمت بها، يبدو أنه يراد منها استفزاز السلطات المغربية والإسبانية على السواء.
 
فهذه العصابة تريد أن تبلغ رسالة لهذه السلطات على أنها "قوية، وقادرة أن تتجاوز المراقبة" في واضحة النهار، يفسر محمد بن عيسى إقدامها على هكذا عمليات. ويشير أن شبكات الاتجار في المخدرات القوية تلقت ضربة قوية مؤخرا في أكثر من مناسبة سواء بالداخلة أو القنيطرة، حيث تم حجز أطنان من هذه المخدرات.
 
فهل هي حرب جديدة اختارتها شبكات تهريب المخدرات ضد المغرب وإسبانيا؟ وإلى أي حد يمكن أن تصل في الاستمرار في عملياتها؟ خاصة وأن هذه الشبكات لها امتدادات دولية، وينشط فيها أفراد من جنسيات مختلفة. وفشل كل من السطات المغربية والإسبانية في توقيف هؤلاء حتى الآن، يعود أساسا، يقول بن عيسى: "لخبرة هؤلاء في البحر وللمعدات المتطورة التي يتوفرون عليها في تجاوز المراقبة"، وهذا ما قد يساعد "الشبح" مرة أخرى على الظهور.