قطر تتحرك لإنقاذ حركة النهضة بعد فتح ملفاتها السرية

تونس - أثار خبر لقاء جمع في الدوحة بين حافظ قائد السبسي، القيادي في نداء تونس وبين راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية جدلا واسعا بسبب مكان انعقاده وتوقيته، في ضوء اتهامات للدوحة بأنها تتحرك بهدف إنقاذ الغنوشي وحركته في وقت انكشاف ملفاتها السرية سواء ما تعلق باختراقها وزارات سيادية مثل الداخلية، أو ما تعلق بجهازها السري والاتهامات التي تتحدث عن صلة له بالاغتيالات التي حدث في 2013.
 
واعتبرت أوساط سياسية تونسية أن عقد اللقاء في الدوحة وليس في تونس يؤكد أن قطر تحاول إصلاح العلاقة بين حزب نداء تونس وحركة النهضة بعد انتهاء التوافق بينهما، وفي ظل ما يروج من تسريبات عن غضب الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي على النهضة، وقراره برفع الغطاء عنها، ما فتح الباب أمام إخراج الملفات السرية إلى العلن.
 
وتمسّك النائب بالبرلمان التونسي المنجي الحرباوي عن حزب نداء تونس بنفي أي لقاء قد يكون تم عقده بين المدير التنفيذي لحزب نداء تونس حافظ قائد السبسي والغنوشي برعاية قطرية.
 
وقال الحرباوي في تصريح لـ”العرب” إن نداء تونس لن يقبل أبدا أي محاولة تسوية تقودها قطر الراعي الرسمي الأول لحركة النهضة الإسلامية، مؤكّدا أن حافظ قائد السبسي زار فعلا الدوحة مؤخرا في إطار أعمال خاصة وليست لها أي علاقة بنشاطه السياسي، وأنه لم يلتق الغنوشي كما يتم الترويج له.
 
وشدّد على أن نداء تونس ومن ورائه رئيسه المؤسس الباجي قائد السبسي حسم أمر التوافق أو التحالف مع حركة النهضة إلى الأبد.
 
وأثارت أنباء اللقاء ارتباكا واضحا بين قواعد نداء تونس وقياداته الوسطى التي تعمل على إعادة تجميع جمهورها الانتخابي وتحفيزه للمشاركة في المؤتمر القادم للحزب على قاعدة القطيعة مع حركة النهضة، في استعادة لمناخ 2013 الذي نجح فيه السبسي في بناء جبهة مدنية واسعة نجحت في تعديل موازين القوى لفائدة حزب نداء تونس.
 
ويتم الحديث من جديد عن أن الرئيس التونسي، وبعد فك الارتباط مع النهضة، يسعى لتكوين جبهة جديدة تدافع عن مدنية الدولة وقوانينها بوجه تمدد الإسلام السياسي في البلاد. وكان الباجي قائد السبسي التقى في الأيام الماضية أكثر من شخصية وطنية بارزة بينها مهدي جمعة، رئيس الحكومة السابق ورئيس حزب البديل.
 
ودخل سليم الرياحي، الأمين العام لنداء تونس على الخط، وهو خارج البلاد، حين أكد أن النداء ثابت في موقفه من النهضة التي يحمّلها مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع، وأنه من غير الممكن أن نقبل وساطات بين حزبين أصبح الخلاف بينهما مبدئيا.
 
وشدد الرياحي، في تدوينة على حسابه في فيسبوك، على أن الداخل التونسي وحده القادر على تحليل أبعاد الأزمة السياسية الحالية، مؤكدا أنه لا مجال للترويج لأخبار عن وساطات من أي نوع مع النهضة.
 
ويطرح ملف التسوية القطرية للعلاقة بين نداء تونس وحركة النهضة، إن تأكد، مخاوف من محاولات الالتفاف على ملف الجهاز السري للحركة، والذي كشفته هيئة الدفاع عن السياسيين الراحلين شكري بلعيد ومحمد البراهمي اللذين تم اغتيالهما في فترة حكم الترويكا.
 
لكن سياسيين معارضين يستبعدون أن تنجح أي جهة في الالتفاف على ملف الجهاز السري لاعتبارات أهمها أن خطر عدم تفكيكه قضائيا وسياسيا سيهدد استقرار الانتقال الديمقراطي في البلاد لسنوات قادمة، فضلا عن أن أي تواطؤ داخلي أو خارجي سيفتح الطريق أمام النهضة للمزيد من السيطرة على الأجهزة الأمنية والعسكرية والتحكم في الحكم بالشكل الذي تفشل أي انتخابات في تغييره مهما كانت نتائجها.
 
وأكد زهير حمدي، الأمين العام لحزب التيار الشعبي (أسسه الراحل محمد البراهمي) في تصريح لـ”العرب” أن الجبهة الشعبية، التي ينتمي إليها حزبه، تدين أي محاولات قطرية أو أجنبية للتدخّل في الشأن التونسي، معتبرا أن هذه العملية إن تمّت فعلا فستؤثر على سير التحقيقات في الملفات المتهمة فيها النهضة وآخرها ملف الجهاز السرّي الذي كونته للسيطرة على مفاصل الدولة.
 
وشدّد على أن الجبهة الشعبية لا ثقة لها في أي من طرفي الحكم نداء تونس أو النهضة لأنهما سرعان ما يتقلّبان على مواقفهما السياسية، مطالبا كل القوى الحية بالتصدي للمحاولات القطرية لاختراق تونس مجدّدا إن تأكد اللقاء بين الغنوشي وحافظ قائد السبسي في الدوحة.
 
ولم تبدد اللقاءات التي جمعت الرئيس التونسي بهيئة الدفاع عن الراحلين شكري بلعيد ومحمد البراهمي مخاوف الجبهة الشعبية من إمكانية عودة التوافق بين النهضة والنداء والمخاطر التي يمكن أن يحملها على الملفات التي تدين النهضة.
 
وقال النائب عن الجبهة الشعبية عمار عمروسية في تصريح لـ”العرب” إنه إن ثبت وجود وساطة قطرية بين نداء تونس والنهضة فإن ذلك سيكون له هدف واحد وهو طمس كل الملفات التي تدين حركة النهضة، مطالبا رئاسة الجمهورية بتوضيح المسألة والإجابة عن تساؤلات الشارع السياسي.