كيف ينعكس تصدير "صفر" برميل نفط على الاقتصاد الإيراني؟

تأتي تصريحات كبار المسؤولين في إدارة الرئيس دونالد ترمب لتؤكد عدم استثناء الولايات المتحدة أحداً من التعامل النفطي مع إيران.

وبحسب ما أعلن رسميا يوم الاثنين، لن تمدد واشنطن الإعفاءات التي منحتها لثماني دول ولمدة 6 أشهر، بعد أن تنتهي في الثاني من مايو المقبل، والهدف من وراء هذا التشدد الأميركي هو إيصال تصدير النفط الإيراني إلى مستوى الصفر حتى تغير طهران من سلوكها وتجلس خلف طاولة المفاوضات لمناقشة الشروط الاثني عشر التي وضعتها الولايات المتحدة الأميركية.

كالعادة.. المسؤولون الإيرانيون يلجؤون إلى لغة التهديد من المتشددين في الحرس الثوري إلى المعتدلين في حكومة روحاني.

وكان روحاني هدد قبيل فرض الحزمة الثانية من العقوبات الأميركية في نوفمبر الماضي والتي استهدفت قطاع النفط بأنه في حال منعت إيران من تصدير النفط ستمنع الدول الأخرى من تصدير نفطها.

ويكرر قادة الحرس الثوري تهديداتهم بإغلاق مضيق هرمز الذي يمر منه حوالي 30% من إمدادات النفط العالمية.

صحيحٌ، أن إيران قد تستطيع إغلاق المضيق ولكن لكي تبقي هذا الممر الاستراتيجي مغلقا فعلا عليها أن تستخدم القوة العسكرية وهذا يعني إعلان الحرب ضد المجتمع الدولي وفي المقدمة الولايات المتحدة الأميركية.

ما الكمية التي تصدرها إيران من النفط؟

وفقا لآخر تقرير لأوبك، فقد انخفض إنتاج النفط الإيراني 28 ألف برميل يوميا في شهر مارس الماضي لينخفض إلى أقل من 2.7 مليون برميل المخصص لها وهو أدنى مستوى خلال الأعوام الخمسة الماضية حسب ما ذكر موقع "يورونيوز" الناطق بالفارسية.

ومن ناحية أخرى، ذكرت "رويترز" أن حجم النفط الإيراني المصدّر خلال النصف الأول من شهر أبريل هبط حوالي مليون برميل يوميا.

لذا وتزامنا مع عملية الانخفاض التي بدأت السنة الماضية، شهد الاقتصاد الإيراني نموا سلبيا وبالمقابل ارتفع سعر العملات الأجنبية وزاد التضخم.

مما لا شك فيه، فإن تطبيق الحظر الكامل على النفط الإيراني على خلفية إلغاء الإعفاءات التي منحتها الولايات المتحدة لثمانية دول سيترك مضاعفات على الاقتصاد الإيراني وأداء الحكومة والحياة المعيشية.

ولمعرفة تداعيات القرار الأميركي الصارم بهذا الخصوص، نلقي نظرة على المجالات التي تتأثر بشكل مباشر من جراء ذلك:

عجز الميزانية وارتفاع سعر الدولار

وفقا لقانون الموازنة للسنة الإيرانية الجديدة التي بدأت 21 مارس الماضي، يتعين على الحكومة جني أكثر من 158.5 ألف مليار تومان من بيع النفط ومشتقاته.

وهذا المبلغ يعادل 35% من إجمالي الموارد الحكومية لهذا العام، و62.5% من إجمالي الإيرادات السنوية من صادرات النفط والمنتجات النفطية.

لذلك، يتعين على الحكومة تحصيل 253.6 مليار تومان من بيع النفط ومشتقاته طبقا لقانون الميزانية للعام الجاري.

حيث سيتم خصم 20% من إجمالي ايرادات إيران النفطية لفائدة صندوق التنمية الوطنية و14.5% يتم تخصيصه للاعتمادات الاستثمارية وعمليات شركة النفط الوطنية الإيرانية، ويتم صرف 3% لتطوير المحافظات الأقل نموا.

كما تعهدت الحكومة الإيرانية بتخصيص 14 مليار دولار بالسعر الحكومي أي 4 آلاف و200 تومان للدولار الواحد لتوريد السلع الأساسية إلى البلاد ولكن السعر الحر للدولار يبلغ حوالي 15 ألف تومان وهذا المبلغ يعادل 58.8 ألف مليار تومان من إيرادات الحكومة من تصدير النفط وفقا لقانون الميزانية.

لذلك، إذا أرادت الحكومة الإيرانية توفير الـ 100 مليار تومان المتبقي، وفقا لصرف العملة الرسمي على أساس 13750 تومان للدولار الواحد، فإنها تحتاج إلى توفير 7.1 مليار دولار من عائدات النفط.

وبالتالي، فإن الحكومة ولكي توفر دخلها بالتومان من بيع النفط والمشتقات النفطية، وفقا لقانون الميزانية الحالي، مضطرة إلى بيع 21.1 مليار دولار من العملة وتصدير ما يعادل 33.8 مليار دولار من النفط ومنتجاته.

وإذا افترضنا أن سعر النفط الإيراني الحالي يبلغ 64 دولارا للبرميل، فإن ضمان الحصول على إيرادات بمبلغ 33.8 مليار دولار في العام الحالي الإيراني يتم من خلال تصدير 1.48 مليون برميل من النفط والمشتقات النفطية يوميا.

ماذا لو استطاعت إيران الالتفاف على العقوبات؟

وفي أكثر الحالات تشاؤما ضمن خطة الولايات المتحدة ليبلغ تصدير النفط الإيراني إلى الصفر، ستظل إيران قادرة على بيع ما بين 400 إلى 500 ألف برميل من منتجاتها النفطية يوميا عبر اللجوء إلى طرق الالتفاف على العقوبات، وفي مثل هذه الحالة قد تصل عائدات إيران من النقد الأجنبي إلى حوالي 11 مليار دولار في السنة من تصدير النفط.

وإجمالي هذا المبلغ، يمكن ضخ ما يقرب من 7 مليارات دولار في ميزانية الدولة. لذلك فإنه يتعين على الحكومة رفع سعر بيع الدولار إلى 22600 تومان لكي تستطيع توفير 158.5 ألف مليار تومان.

بعبارة أخرى، حتى لو وصل إجمالي دخل إيران من العملات الأجنبية إلى الصفر، فإن الحكومة ولكي تنفذ قانون الميزانية لهذا العام عليها أن تزيد سعر صرف الدولار الأميركي إلى 22600 تومان وتنفق 7 مليارات دولار من احتياطياتها من النقد الأجنبي وفرض تضخم بنسبة 100%.

كما يمكن للحكومة أن تقلل من عدد وحجم السلع والبضائع التي يتم شراؤها بالسعر الرسمي للعملة الأجنبية أو رفع السعر الرسمي للعملات الأجنبية لكي تحد من ارتفاع العجز في الميزانية التي تأخذ من العملة الإيرانية أساسا لحساباتها.

على هذا الأساس، فإن مدى استطاعة إيران على بيع النفط خارج إطار العقوبات الأميركية والارتفاع المضطرد لسعر النفط تعد من العوامل الرئيسية التي قد تساعد طهران على إبقاء سعر العملات ومعدل ارتفاع التضخم منخفضين.

نذكر هنا، أن إيران جربت في سبتمبر الماضي مبلغ 19500 تومان للدولار الواحد لمدة أسبوع قبل أن ينخفض إلى أقل من 15 ألف تومان.

ولكن بالرغم من هذا الانخفاض ترك ذلك الارتفاع مضاعفاته التضخمية على الاقتصاد الإيراني حيث شهدت أسعار السلع طفرة بنسبة 170%.

وحاليا العيون مشدودة نحو الثاني من مايو عندما ينتهي العمل بالإعفاءات التي منحتها الولايات المتحدة لثماني دول في مجال استيراد النفط الإيراني حتى إيجاد البديل.