منذ متى وقطر تطعن الصومال الجريح في الظهر؟

تتابع قطر بقلق شديد أصداء الفضيحة الناجمة عن تسريب محتوى مكالمة هاتفية بين دبلوماسي ورجل أعمال قطريين تظهر أنّ تفجيرا إرهابيا نفذته حركة الشباب في الصومال كان لحساب قطر وخدمة لمصالحها هناك.
 
وتخشى الدوحة الخضوع لمساءلة دولية تفتح مجدّدا ملف علاقاتها بتنظيمات إرهابية، وتعيد إحياء اتهامات سبق أن وُجّهت إليها من عدّة جهات.
 
وصعب على قطر هذه المرّة نفي التهمة الموجّهة إليها بالاستناد إلى دليل مادي، فلجأت إلى التبرير.
 
وكانت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية قد نشرت في وقت سابق محتوى مكالمة هاتفية جرت بين السفير القطري في الصومال حسن بن حمزة هاشم، وخليفة المهندي رجل الأعمال المقرب من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وجاء فيها قول المهنّدي إن عناصر حركة الشباب نفذوا تفجيرا في مدينة بوصاصو لتعزيز مصالح قطر.
 
ورغم تهم دعم الإرهاب والتشدّد التي تلاحق قطر وكانت سببا في مقاطعة كلّ من الرياض وأبوظبي والقاهرة والمنامة للدوحة، فإنّ الأخيرة تعرض نفسها على القوى الكبرى كـ”شريكة وازنة” في عدّة ملفات سياسية وأمنية، وخصوصا اقتصادية، معوّلة على الفائض المالي الكبير المتأتي لها من بيع الغاز.
 
ويقول مراقبون إنّ تفجّر مثل هذه الفضائح يعسّر على القيادة القطرية التمادي في التكتيك الذي تعتمد عليه منذ سنوات ويتمثّل في التغطية على دعم الإرهاب عبر الاستخدام المكثف للأموال في حملات العلاقات العامة، وأيضا في مشاريع استثمارية ضخمة في الغرب تجعل بعض الدوائر النافذة هناك، مرتبطة مصلحيا بقطر وتعمل على مساعدتها في إقفال بعض الملفّات المحرجة لها.
 
وجاء تفجير الفضيحة المتعلقة بصلة قطر بالعملية الإرهابية في بوصاصو من قبل صحيفة أميركية، خلال الفترة التي قام خلالها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى الولايات المتحدة وكادت نتائجها تختصر في الإعلان عن هبات مالية قطرية للولايات المتحدة وصفقات مع كبريات شركاتها وعن مضاعفة استثمارات قطر هناك لتبلغ بضع مئات المليارات من الدولارات.
 
وعلّق أحد الملاحظين على تزامن الفضيحة مع الزيارة بالقول إنّ “كشف نيويورك تايمز أفسد على الشيخ تميم زيارته للولايات المتحدة وحرمه من العائد الاعتباري والمعنوي الذي كان يطمح إليه لقاء كل ما بذله من أموال”.
 
وأضاف أنّ “تفجّر مثل هذه الفضائح يضاعف العبء الماديّ على قطر ويضطرّها في كل مرّة لأن تدفع أكثر فأكثر لتلميع صورتها والنجاة من المحاسبة”.
 
وفي محاولة لتبرير هذا الكشف المحرج أصدر مكتب الاتصال الحكومي القطري بيانا قال فيه “إن المهندي ليس مستشارا من أي نوع لحكومة قطر، ولم يكن مستشارا أبدا، وهو لا يمثل دولة قطر”، مضيفا أنه “ليس لرجل الأعمال القطري، المهندي، الحق في إصدار تعليق بالإنابة عن الحكومة وسيتم التحقيق بشأن ما قام به هذا الشخص، وسيتحمل تبعات مسؤولية تعليقاته”.
 
وأضاف المكتب في ذات البيان “لطالما كانت السياسة الخارجية القطرية تهدف إلى إحلال الاستقرار والازدهار للدول، فدولة قطر لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وكل من تسوّل له نفسه القيام بشيء من غير ذلك فهو لا يمثل حكومة دولة قطر”.
 
وطغى على خطاب المؤسسة الرسمية القطرية في ردّها على الصحيفة الأمريكية التي فجّرت الفضيحة طابع الاستسلام والمهادنة رغبة في إغلاق الملف بأقل الأضرار، حيث تدرك الدوحة أنّ إثارة المزيد من الضجيج حوله ليس في مصلحتها.
 
وقال الشيخ سيف بن أحمد آل ثاني رئيس مكتب الاتّصال الحكومي في تغريدات له على تويتر “اعتدنا على مصداقية صحيفة نيويورك تايمز واحترام آرائها ومقالاتها، إلّا أن الصحيفة لم تنقل ما جاء في بيان المكتب الذي أصدره بتاريخ التاسع من يوليو والذي نص على أن الشخص المذكور (المهنّدي) لا يُمثل حكومة دولة قطر بأي صفة وسيُحاسب قانونيا على تعليقاته”.
 
وسبق لصحيفة نيويورك تايمز أن نشرت في ديسمبر 2012 تقريرا يوضّح ضلوع الحكومة القطرية في تمويل جبهة النصرة التي تُدرجها حكومة الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية.
 
وفي يناير 2013 اتهم سياسيون فرنسيون أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وحكومته بتقديم الدعم المادي للجماعات الإسلامية المتشدّدة في مالي.
 
كما نشرت صحيفة لوكانار أونشيني الفرنسية تقريرا استند على معلومات مستقاة من مصدر في الاستخبارات العسكرية الفرنسية جاء فيه أنّ “الحركة الوطنية لتحرير أزواد المرتبطة بتنظيم القاعدة وكذلك أنصار الدين ثم حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا، تلقّت جميعها دعما ماليا كبيرا من الدوحة”.