تحقيق ميداني يكشف كيف استخدمت مليشيا الحوثي التعليم منصة طائفية

كشف تحقيق اجرته شبكة "اريج"، ومقرها (عمان - الاردن)، ان الحوثيين يستخدمون التعليم منصة طائفية، وان المادرس تتلقّى "يوميا" توجيهات من مكتب التربية في العاصمة صنعاء ووزارة التربية والتعليم الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثيين المدعومة من ايران.

وتوصل معد التحقيق، الذي اجراه الصحفي، علي ربيع الخميسي وععد من الصحفيين، بعد جولة في 20 مدرسة في محافظتين مختلفتين إلى أن جماعة الحوثيين تفرض على المدارس - الواقعة ضمن مناطق سيطرتها- إقامة "أنشطة طائفية"، بغرض إقناع الطلاب بأفكارها ومبادئها المذهبية، ما يشكّل تهديداً للنسيج المجتمعي ويدفع بأسر يمنية لنقل أبنائها إلى مدارس في محافظات أخرى خارج سيطرة الجماعة. كما تتضمن الأنشطة غير المنهجية دعوات للتعصب وحمل السلاح، ودفع طلاب إلى جبهات القتال، فضلا عن إساءات لرموز وقناعات عقيدة الطلبة ممن لا يتبعون المذهب الزيدي المعتمد لدى الحوثيين، حسبما وثق معد التحقيق خلال جولات ميدانية على مدى ستة أشهر.

ويسرد التحقيق، حادثة وقعت في احدى المادرس في العاصمة صنعاء، يقول فيها: " لم يدرك منصور الأكحلي (16 عاماً) أن العلامة المطبوعة على قميصه الرياضي ستجلب له كل تلك المتاعب. لكنه لمس خطورة ذلك على حياته في 16 فبراير/ شباط 2019، عندما تعرّض للاعتداء على يد زملائه في الصف الأول الثانوي في مدرسة خاصة جنوبي صنعاء، حيث وضعوه أرضاً، ضربوه وشتموه بألفاظ جارحة ثم مزقّوا قميصه. يقول منصور: "لم يكن القميص هو السبب بل العلم الأميركي المرسوم عليه".

وعلق أحد وكلاء المدرسة على تلك الحادثة بالقول: "قبل لحظات من الاعتداء على منصور، تعرّض الطلاب لشحنة عاطفية وحماسية ضد أمريكا وإسرائيل وحكومة اليمن المعترف بها دوليا، أحرقوا خلالها أعلام الدولتين وصور بعض قيادات حكومة اليمن، وداسوها بأقدامهم". يضيف وكيل المدرسة الذي فضّل حجب هويته: "عندما شاهدوا العلم على قميص زميلهم اعتبروه نوعا من الخيانة".

وقبل تلك الواقعة بثلاثة أيام، كانت المدرسة تلقّت تعميماً من إدارة الإعلام التربوي في أمانة العاصمة صنعاء - التي تسيطر عليها جماعة الحوثيين- بفرض إقامة وقفات احتجاجية في طابور الصباح. كما أمرت بتخصيص جميع فقرات الإذاعة المدرسية لمدة أسبوع للحديث عن رفض "التطبيع" والدوس على علمي أمريكا وإسرائيل.

وتقول مشرفة في مدرسة حكومية إن إدارة المدرسة تتلقّى "يوميا" توجيهات من مكتب التربية في العاصمة صنعاء ووزارة التربية والتعليم، التي يديرها يحيى الحوثي شقيق زعيم الحوثيين. وتوضح المشرفة - التي طلبت حجب اسمها لأسباب أمنية- أن معظم المذكرات الداخلية تركّز على "تنفيذ أنشطة تخدم جماعة الحوثي ولا علاقة لها بالأنشطة المدرسية التي يفترض أن تنمي مهارات الطلاب".

المهندس مهيوب القباطي (43 عاماً) نقل ابنه حسام من مدرسة الطبري في صنعاء القديمة إلى مدرسة الشعب في تعز، بعد أن أساء مدرسون وطلاّب معاملته لأنه يرفض ترديد شعار جماعة الحوثي المعروف بـ (الصرخة) في طابور الصباح.

ويقول القباطي: "كانوا يقولون لحسام أنت لا تردّد الشعار يعني أنت مع العدوان"، في إشارة إلى التحالف العربي الذي يساند الجيش التابع للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي منذ ربيع 2015 في الحرب ضد جماعة الحوثي.

وفي استبيان غير علمي وزعه على مشرفين ومدراء في 20 مدرسة بصنعاء ومحافظة إب - الخاضعة أيضا لسيطرة الحوثي منذ سبتمبر/ أيلول 2014- توصل معد التحقيق إلى أن الحوثيين، فرضوا على مدى أربعة أعوام أنشطة تخدم فكرهم. ويقول معلمون - فضّلوا حجب أسمائهم- إن الحوثيين استقطبوا لذلك عددا كبيراً من المدرسين وعينوا مديري مدارس موالين للجماعة، ما أسهم في نشر ما يطلقون عليه الـ"الثقافة القرآنية" المستقاة من محاضرات مؤسس الحركة الصريع حسين الحوثي. وهكذا نجحوا في إقناع عدد كبير من الطلاب بترديد "الشعار" الداعي بالموت لأمريكا، إسرائيل واليهود، والذي يستخدم كغلاف للنشاط المذهبي الحوثي، وفق أحد المعلمين.

وتقول مشرفة في مدرسة حكومية إن وزارة التربية تكرر إرسال أحد القيادات التعبوية عبدالفتاح الجبري لإلقاء محاضرات على الطلاب في طابور الصباح وتوزيع ملصقات ومطويات تحمل شعارات الحوثيين. وتتابع "كان في البداية يردّد "الصرخة" بعد كل محاضرة بمفرده، لكن مع مرور الوقت درج عدد من الطالبات والمدرسين على ترديدها خلفه.

معلم في مدرسة جمال الحكومية بمديرية التحرير في صنعاء يؤكد ما سبق، ويضيف لمعد التحقيق: "هناك أسر تنتمي إلى السلالة الهاشمية التي تناصر جماعة الحوثي وتعلم أبناءها ترديد هذا (الشعار) وهناك طلاب أصبحوا مقتنعين بفكر الجماعة". لكنه يستدرك أنهم لا يتجاوزون 25 % من عدد الطلاب، وفق ملاحظته الشخصية.

"كونوا أنصار الله"

قال الله تعالى "يا أيها الناس كونوا أنصار الله"، هكذا اجتزأ أبو هاشم القيادي في ما تسمّى "الهيئة الثقافية" للجماعة الحوثية الآية القرآنية مستهلا بها كلمته أمام أكثر من 600 طالب في مدرسة (أ . ك) الحكومية بصنعاء صباح السبت 23 فبراير/ شباط 2019. وفي غمرة انفعاله، حضّ أبو هاشم الأطفال على المشاركة في إسناد جبهات القتال بمختلف "أنواع الصمود". على مدى ساعة، "استشهد" أبو هاشم 17 مرة بـ"توجيهات السيّد"، في إشارة إلى زعيم المليشيا. وكلما ذكر اسم الحوثي كان العديد من الطلاّب والمدرسين يردّدون شعار (الصرخة).

مدرسة (أ. ك) إحدى أهم المدارس الحكومية التي رفدت جبهة الحوثيين بالمقاتلين، بحسب وكيل المدرسة، الذي يقول إن أزيد من 20 طالبا سقطوا قتلى في الجبهات. الوكيل - الذي فضّل حجب اسمه- يقدّر بالمئات عدد المقاتلين من خريجي مدرسة الكبسي. "جميع من يشارك في القتال ضمن صفوف الحوثيين مؤمنون بثقافة وفكر الجماعة"، حسبما يشرح الوكيل، الذي يقطن في ذات الحي حيث المدرسة.

ويؤكد أن إدارة المدرسة وعائلات طلبة أسهمت في تعبئة الطلاب بالثقافة الحوثية، ذلك أن أحياء منطقة شمال مدينة صنعاء من أهم مراكز تجمع المنتمين للسلالة الحوثية، التي تقدّسها الجماعة وترى أنها الأحق بالحكم امتثالا "لأمر إلهي"، وفق معتقدها.

"إنه اختطاف وليس دعوة لحضور دورة ثقافية"، بهذه العبارة يلخّص مدير مدرسة خاصة في العاصمة صنعاء تجربة حضور دورة ثقافية أقامتها جماعة الحوثي لنشر أفكارها.

كان مدير المدرسة - الذي تجاوز عمره (الخمسين عاماً) - قد رفض مراراً دعوة مشرف المنطقة للمشاركة في دورة ثقافية، ما اضطر القائمين على النشاط للحضور إلى مكتبه. "دخلوا مكتبي بعد انتهاء الدوام وطلبوا مني مرافقتهم رافضين أي عذر وأكدّوا بأنهم سيخبرون زوجتي وأبنائي بمكاني" في حال خرج معهم، يستذكر المدير بألم. وبعد خمسة أيام من الانقطاع عن العالم اكتشف أن أسرته لم تبلّغ بمكان وجوده، لتعيش أسبوعا من الخوف والقلق على مصيره.

ويؤكد المدير أن معظم المحاضرات التي شارك فيها على مدى أسبوع مع 27 من مدراء ووكلاء مدارس أخرى، تركّز على "حق الولاية للإمام علي بن أبي طالب" وأبنائه من بعده. كما تحث على نصرة الجماعة بالمال والرجال وحشد الشباب للالتحاق بالقتال. ويطالب المحاضرون أيضا بتوظيف الأنشطة والإذاعة المدرسية في تعزيز هذا التوجه وغرس الولاء في نفوس الطلاب للحوثي الذين يعتقدون بأن الله "ولّاه على المسلمين".

وفي تعميم عبر مجموعة "واتس آب" مخصّصة لمديري ووكلاء ومشرفي المدارس بمديرية "الثورة " بالعاصمة صنعاء، فرض مدير المنطقة التعليمية حينها عصام الخالد في 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2018 على كل مدرسة إرسال مدرس أو إداري لحضور دورة ثقافية. وشدّد مرسل التعميم على أن "كل موظف في المدرسة سيأتي عليه الدور لحضور تلك الدورة"، كما طالب "بإيفاد المدرسين والإداريين لحضور الدورات الثقافية واعتبارهم في إجازة رسمية". كما هدّد مرسل التعميم الإلكتروني "من يتساهل بالأمر بتعريض نفسه للمحاسبة".

لدى تحليل محتوى استمارة الاستبيان، وجد معد التحقيق أن 14 من 20 مستجيبا أكّدوا أن "معظم المدرسين يجبرون على المشاركة في الدورات الثقافية"، فيما يعتقد "أربعة من العينة أن المدرسين يذهبون إلى الدورات وفق رغبتهم". وأجاب اثنان من الـ 20 بأنهما يشاركان تجنبا للمشاكل.

ولا تنحصر الدورات الحوثية بالمدرسين والإداريين بل تأمر إدارات المناطق التعليمية المدارس باستمرار إرسال التلاميذ خلال إجازات نصف العام والإجازة الصيفية للمشاركة في "دورات ثقافية"، تتمحور حول مواضيع دينية. ويسعى المحاضرون لإقناع المشاركين بهذا الفكر وصواب الحرب الحوثية التي "تستهدف أميركا وإسرائيل وعملائهما، وبالتالي مناصرة هذا الحق بالقول والفعل وحمل السلاح".

وفي تعميم عقب امتحانات الفصل الأول من العام الدراسي الحالي، طلب مدير المنطقة التعليمية بمديرية الثورة بصنعاء من كل مدرسة في المنطقة "تجهيز خمسة طلاب في الثانوية لإدخالهم دورة ثقافية طائفية مدتها 20 يوما".

معاناة مستثمرين

يفكّر أحد المستثمرين بإغلاق المدرسة التي أسسها قبل 14 عاماً، في منطقة بيت بوس وتسريح كادرها المؤلف من 38 مدرسا و موظفا نتيجة الممارسات التي تفرضها وزارة التربية والتعليم الخاضعة للحوثيين. ويتذمر مالك المدرسة من ضغوط المنطقة التعليمية وإجبار إدارة المدرسة على تنفيذ أنشطة تسهم "في تحويل الطلبة إلى عناصر متعصبة لا يمكن أن تساعد في خدمة المجتمع".

ويشكو هذا المستثمر من "الشعور بالإسهام في تدمير المجتمع، من خلال خلق جيل مدمر نفسيا ومتعصب طائفيا". في الأثناء تسعى إدارة المدرسة إلى "تخفيف أثار الممارسات الحوثية وإخفاء بعض الملصقات التي تحمل شعارات متطرفة: كالإساءة لبعض صحابة الرسول أو صور بشعة لضحايا الحرب". لكنهم لا يفلحون دائما في تجنيب الطلاب مثل هذه الأنشطة والمنشورات، حسبما يقول.

وفي معرض التنبيه إلى أثر هذه الأنشطة على الطلاب واهتماماتهم ومستوى تفكيرهم، يتساءل المستثمر: "تخيل طلاب في الصف السابع الأساسي يتجادلون في الخلاف التاريخي بين المذاهب؟ ثم يردف: "ما الذي تنتظر أن يقدمه هذا الجيل للبلد غير مزيد من الصراع"؟.

فعاليات طائفية

تتراوح "الاحتفالات" المفروضة على المدارس بين "أسبوع الشهيد وأسبوع الصمود والمولد النبوي وميلاد فاطمة الزهراء، وذكرى مصرع مؤسس الجماعة" حسين بدر الدين الحوثي في سبتمبر/ أيلول 2004. إذ تأمر وزارة التربية التابعة للحوثيين جميع المدارس الخاصة والحكومية بإقامة فعاليات فنية وثقافية بطابع طائفي وخطابية ورياضية، وتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلى الحرب التي تخوضها الجماعة.

وتراقب الجماعة مدى التزام المدارس بتنفيذ التوجيهات من خلال مشرفين اجتماعيين من عناصر الحوثيين وأنصارهم. ويمثّل هؤلاء المشرفون قناة التواصل الوحيدة التي تتلقى من خلالها المدارس توجيهات وأوامر وزارة التربية والمنطقة التعليمية.

تحليل الاستبيان أفضى إلى أن 80 % من العينة المستهدفة يؤكدون أن الحوثيين يستخدمون تلك الفعاليات والمناسبات لنشر فكرهم الطائفي.

في الفترة بين 19 و 29 يناير/ كانون الثاني 2019، أجبرت وزارة التربية الخاضعة للحوثي المدارس الحكومية والأهلية على إحياء ما تسميه "أسبوع الشهيد"، من خلال عدّة أنشطة؛ أهمها تخصيص الإذاعات المدرسية للاحتفال بذكرى القتلى وأبنائهم وبناتهم وتنظيم وقفات في هذه الذكرى. كما أمرت بإقامة محاضرات وأنشطة رياضية، وإعداد مطويات ومجلات حائطية، فضلا عن تنظيم زيارات لأسر القتلى وتقديم العون لهم وعرض نماذج من بطولاتهم وزيارات مقابرهم.

وكانت الوزارة الحوثية أصدرت تعميما رقم (429) بتاريخ 25 ديسمبر/ كانون الأول 2018، الخاص بإقامة فعاليات بمناسبة مرور أربعة أعوام على ما وصفته بـ" الصمود في وجه العدوان السعودي-الأمريكي".

ومن تلك الفعاليات تنظيم معارض لصور قتلى الجماعة، بالإضافة إلى ندوات وفعاليات ثقافية ورياضية في جميع المدارس مع تخصيص حصص التعبير للحديث عما تصفه الجماعة بـ"الصمود الأسطوري". وكذا تنظيم زيارات تربوية (مدرسين وإداريين) وطلابية لجرحى الحرب في المستشفيات.

آثار نفسية

الطالبة فاتن حمود (15 عاماً) تقول إنها تتجنب النظر إلى لوحة كبيرة معلقة على الجدار الداخلي لمدرسة "عائشة" القريبة من جامعة صنعاء لأنها تشعر بـ"ألم نفسي فظيع واكتئاب يمنعاني من استيعاب دروسي".

وكانت جماعة الحوثيين فرضت على جميع المدارس في صنعاء رفع لوحة "بنر" على الجدار بطول مترين وارتفاع متر ونصف تحمل صور أشلاء أطفال تقول إنهم من ضحايا قصف طيران التحالف العربي، حسبما يؤكد مشرفو مدارس.

حكيم دبوان -الذي يحمل الماجستير في الطب النفسي- يؤكد أن تعرّض الأطفال لمثل هذه المشاهد يولد لديهم أضراراً نفسية وجسدية كالإحساس بالذنب لعجزهم عن تقديم المساعدة، والاكتئاب والخوف وضعف الشهية والصداع. ويشرح دبوان بأن "الشحن الطائفي المتسم بثقافة الكراهية للآخر التي يتعرض لها الأطفال في المدارس يجعلهم أكثر عدوانية في تعاملهم مع بعضهم ومع المجتمع المحيط بهم، ويصبح من الصعب تقويم سلوكهم أو أفكارهم". إلى ذلك يرى أن "ما تقوم به وزارة التربية في المدارس من أنشطة طائفية وتحريضية تضر بشكل مباشر وتؤثر على قدرة الطالب في التحصيل العلمي، فتصبح مواجهة الأعداء هي الأولوية عند الطالب وليس التعليم".

الأطفال يصرخون

مبروك الجماعي (37 عاماً) يقول إنه تفاجأ عندما رأى ابنه عمر (6 سنوات) يؤدي "الصرخة" في احتفال أقامه مجمع الثورة التربوي في مدينة حجة لتكريم الطلاب المتفوقين في النصف الأول من العام الدراسي الحالي. وعندما سأله أين تعلّم "الصرخة"، رد عمر "يعلموننا إياها في المدرسة".

ويؤكد الجماعي في حديثه لمعد التحقيق "أن عمر وأقرانه لا يدركون معنى "الصرخة (هي ذاتها الصرخة التي فرضت في إيران عقب الثورة الخمينية مطلع 1979)، لكن حرص الحوثيين على تأصيلها في التركيبة النفسية للصغار سيخلق جيلا طائفيا بامتياز". ويؤكد هذا الأب أنه وأقرانه لم يسمعوا "بالصرخة إلا بعد أن سيطر الحوثيون على المحافظة"، لافتا إلى "أنها ثقافة دخيلة على مجتمعنا".

وأكد تسعة من عشرة معلمين (18 من 20 مستجيبا للاستبيان) أن الحوثيين يمارسون ضغوطا على إدارات المدارس لتنفيذ مثل هذه الأنشطة. كما أجاب تسعة من العشرة أنهم تلقوا دعوة لحضور دورات ثقافية حوثية عرضها عليهم مديرون ومشرفون في المدارس، فيما استجاب سبعة من العشرة لهذه الدعوات.

وحول ما إذا كانت الجماعة أجبرتهم على المشاركة، أجاب أربعة من عشرة منهم أنهم لم يكونوا يرغبون في حضور الدورة، فيما شارك فيها ثلاثة من عشرة "تجنبا للوقوع في مشاكل" مع الحوثيين.

ولم يتعرض المدرسون الذين رفضوا المشاركة لأي إجراءات عقابية، لكنهم يؤكدون أنهم لمسوا تغيرا في أسلوب التعامل معهم من المديرين والمشرفين، من قبيل استبعادهم من المشاركة في الأنشطة المدرسية وأي نقاشات تخص المدارس. كما يتعرضون للمحاسبة عن أي تقصير مهما كان بسيطا رغم أنهم يعملون دون مرتبات، حسبما يقول أحدهم، مضيفا: هذه الممارسات "تشعرنا دائماً بالقلق"

وبمراجعة قائمة المناسبات التي كانت تحييها المدارس الحكومية والخاصة في عموم اليمن حتى عام 2015، تبيّن أن أيا من المناسبات التي فرضتها جماعة الحوثي لم تكن موجودة في إطار المادة 23 من اللائحة المدرسية الصادرة عام 1997. كما أن الأنشطة التي تفرضها الجماعة ليست ضمن ما كانت تحدّده اللائحة في باب الأنشطة المدرسية، ولا تنسجم مع المادة 129 منها، والتي نصّت على أن الأنشطة المدرسية جزء من المنهج الدراسي بما يخدم تطوير معارف التلاميذ وخبراتهم. وتشدّد المادة 181 من الباب الخامس الخاص بالأحكام الختامية على خلو المدرسة من جميع ممارسات التعصب القبلي والطائفي والحزبي.

المدرسة طريق إلى الجبهة

تقول سبأ القباطي المشرفة في إحدى المدارس الخاصة بمنطقة بيت بوس إن 12 من طلابها في المرحلتين الأساسية والثانوية التحقوا بجبهة للقتال في صفوف أنصار الله. وتستبعد سبأ ذهاب معظمهم لولا الأنشطة المدرسية التي تفرضها الوزارة على المدرسة.

وفي هذا السياق، اتهم وزير حقوق الإنسان اليمني محمد عسكر في ندوة عقدت بجنيف على هامش أعمال الدورة 38 لمجلس حقوق الإنسان، جماعة الحوثي بتجنيد أكثر من 15 ألف طفل منذ سبتمبر/ أيلول 2014 وإشراكهم في القتال الدائر بين الجماعة وقوات الجيش التابع للحكومة الشرعية المدعومة من دول التحالف.

وكانت منظمة مواطنة الحقوقية في صنعاء اتهمت أيضا جماعة الحوثي وحلفاءها بتجنيد مئات الأطفال. وذكرت في تقرير أصدرته عام 2018 أنها تحققت من تجنيد 510 طفل خلال 2017 في صفوف جماعة الحوثي وحلفائها، "للعمل عند نقاط التفتيش، في اللوجستيات القتالية ولأغراض عسكرية أو أمنية أخرى" .