تركيا ملاذ آمن لتهريب الأموال من إيران وخرق العقوبات

تستخدم أعداد متزايدة من الإيرانيين خطة خرق العقوبات لشراء ممتلكات في تركيا والمطالبة بالجنسية التركية، في ظاهرة تكشف تواطؤا تركيا رسميا مع حركة تهريب الأموال بشكل منظم، كما تكشف رغبة الإيرانيين، وخاصة من رجال الأعمال والأثرياء، في استخدام حيلة خرق العقوبات للبحث عن تأمين مستقبلهم بعيدا عن تسلط النظام وقيمه الدينية المتشددة.
 
وذكرت صحيفة التايمز البريطانية باستخدام شبكة من مكاتب تحويل الأموال، ومعظمها في إسطنبول، فإنهم قادرون على نقل الأموال من الحسابات في إيران، على الرغم من أن الحظر الأميركي فصل البنوك في البلاد عن شبكات الدفع الدولية.
 
والطريقة هي إرسال حوالات ذات تقنية عالية، وهي طريقة لتحويل الأموال عبر الحدود دون المرور بأنظمة تخضع لرقابة وزارة الخزانة الأميركية.
 
وتعمل ماكينات تحويل الأموال الإيرانية المهربة على ربط مكاتب إسطنبول ببنوك طهران، ثم يتم الخصم من الحساب الإيراني للزبون ويتم تسليم المعادل النقدي بعد خصم عمولة مناسبة.
 
وتستخدم الشركات الإيرانية المتداولة في الخارج تقنية تحويل الأموال وتحويل أرباحها من العملات الأجنبية إلى الريال المضاف إلى حساباتها الإيرانية، وتتجنب بذلك أيضًا الضرائب المرتفعة التي تفرضها الحكومة الإيرانية إذا استخدمت بورصة الدولة.
 
وتستخدم العمليات واسعة النطاق شهادات مزورة تظهر شراء السلع المسموح باستيرادها إلى إيران، مثل الطعام أو الأدوية، لتحرير الأموال من الحسابات المصرفية الإيرانية المجمدة.
 
وتخدم شركات تحويل الأموال، التي تعمل على مرأى من الجميع حول ميدان تقسيم في إسطنبول، في الغالب السياح الإيرانيين والمواطنين الإيرانيين البالغ عددهم 67 ألفا الذين يعيشون في تركيا، وكثير منهم من الشباب الذين فروا من القيود الدينية الخانقة وغالبا ما تكون لديهم أموال في حساباتهم داخل الوطن.
 
وتقدم شركات تحويل الأموال حزمة من العروض لمشتري المنازل. وبدلاً من تسليم النقود، فإنها تساعد على إنشاء حسابات لزبائنها الإيرانيين في أحد البنوك التركية وتحويل الأموال إليه. ثم يتم دفع ذلك للوكيل العقاري، ويكتمل شراء الممتلكات وجواز السفر.
 
وأطلقت تركيا مخطط الجنسية عن طريق الاستثمار في ديسمبر 2017، والذي يمنح الجنسية لأي شخص ينفق أكثر من مليون دولار على العقارات. وكان الإقبال عليه بطيئا في البداية، ثم ارتفع بعد أن انخفض الحد الأدنى للإنفاق إلى 250 ألف دولار في سبتمبر 2018.
 
وفي الشهر الماضي، أعلن وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، أن ما يقرب من 25 ألف شخص أصبحوا مواطنين أتراكًا من خلال هذه الخطة.
 
وعلى الرغم من أن جواز السفر التركي لا يوفر وصولاً غير محدود إلى أوروبا والولايات المتحدة، إلا أنه يسهّل على المواطنين الإيرانيين السفر. ولا يوجد أي التزام على المشتري بالعيش في تركيا أو حتى زيارتها، ويمكنه تغيير اسمه بالكامل في جواز سفره التركي الجديد. وبعد ثلاث سنوات يمكنه بيع العقار، ويتم تمرير الجنسية التي اشتراها إلى أحفاده.
 
ويُعتبر العراقيون أكبر المستثمرين حتى الآن في تركيا، لكن الطلبات الجديدة تأتي بشكل كبير من الإيرانيين، الذين يحتلون الآن المرتبة الثانية.
 
واستفاد الإيرانيون من تدني قيمة الليرة التركية بما أثر على أثمان العقارات ودفع الحكومة إلى تسهيل حصول رعايا دول أخرى على الجنسية التركية.
 
ويقول مراقبون إن الوضع يختلف، فإيران مشمولة بالعقوبات وتركيا مطالبة بالالتزام بتنفيذها، لكن السلطات التركية، وعلى مستوى أعلى، تشرف على خرق تلك العقوبات، وهو ما كشفت عنه شهادة رجل الأعمال التركي الإيراني رضا ضراب أمام القضاء الأميركي.
 
واتهم تاجر الذهب رضا ضراب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه وافق شخصيا على اتفاقات تسمح بخرق العقوبات التي كانت مفروضة على إيران.
 
وجاءت اتهامات ضراب في شهادته أمام محكمة أميركية حيث يعتبر شاهد إثبات رئيسيًّا في محاكمة مصرفي تركي متهم بمساعدة إيران على غسل أموالها. وأدت تلك القضية إلى توتر في العلاقات بين أنقرة وواشنطن.
 
وفي شهادته أمام المحكمة، قال ضراب إن أردوغان متورط في نظام لغسل الأموال الإيرانية حول العالم، بالمشاركة مع المصرفي محمد هاكان عطا الله في الفترة ما بين عامي 2010 و2015 للسماح لإيران بدخول الأسواق العالمية رغم العقوبات المفروضة عليها.
 
وقال إن وزيرا تركيا سابقا أبلغه أن أردوغان، وكان آنذاك يرأس الحكومة التركية، أعطى توجيهات للبنوك التركية بالمشاركة في نظام غسل الأموال الإيرانية الذي بلغت ميزانيته ملايين الدولارات.