الشرطي الأميركي الذي قتل فلويد.. تقرير يكشف تفاصيل صادمة

قبل أربع سنوات من مقطع فيديو اللحظات الأخيرة قبل موت جورج فلويد بالاختناق ورأسه تحت ركبة رجل شرطة، كانت هناك لقطات مماثلة لشاب يدعى فيلاندو تم إطلاق النار عليه في نقطة مرورية في مينيابلويس أيضا.

أشعلت هذه اللقطات حينها الجدل حول استخدام الشرطة القوة ضد أصحاب البشرة الملونة، ووعد القادة المحليون في جميع أنحاء ولاية مينيسوتا بإصلاح الشرطة.

وتتساءل والدة فيلاندو، فاليري كاستيل، وهي تشاهد حادثة فلويد عن سبب استمرار مثل هذه الأفعال بدون محاسبة أحد.

للإجابة على سؤالها، حلل "مشروع مارشال" جهود إصلاح الشرطة في المدينة وفي جميع أنحاء ولاية مينيسوتا لفهم أسباب التغيير البطيء في الولاية البيضاء.

وتظهر بيانات الإحصاء الأميركية أن السود يمثلون خمس سكان ولاية مينيسوتا الأميركية.

واكتشف "مشروع مارشال"، بناء على خبراء محاسبة الشرطة، ووثائق المحكمة، وتقرير وزارة العدل الأميركية حول الشرطة في مينيابوليس عام 2015 أنه حتى مع إجراء المسؤولين لبعض التغييرات، فإن وكالات إنفاذ القانون تفتقر إما إلى السلطة أو الرغبة في تأديب وإقصاء الضباط السيئين من القيام بدوريات ميدانية.

وقال نقاد محليون إن الولاية فشلت في وضع معايير واضحة لاستخدام القوة، كما أن الشرطة فشلت في اعتماد التغييرات التي أوصى بها المسؤولون الفيدراليون للتخلص من رجال الشرطة السيئين.

ويكشف التقرير أن اثنين على الأقل من الضباط المتورطين في حادث فلويد بمن فيهم الضابط الذي وضع ركبته على عنق فلويد، قدمت ضدهم شكاوى في الماضي.
سياسات جديدة بدون تطبيق

وفي 2012، تعهدت أول امرأة تترأس الشرطة جانيه هارتو التي كانت قد عينت حديثا، بإصلاح القوة الأمنية، واصفة نفسها بأنها مصلحة تقدمية.

وخلال عدة أشهر، دعت هارتو وزارة العدل الأميركية لمساعدتها في تحسين المساءلة وثقة المجتمع.

وفي 2015، أصدر المسؤولون الفيدراليون التحليل التشخيصي للقضية في 2015 واصفة نظام المدينة بتتبع رجال الشرطة الذين يتسببون بالمشاكل بأنه "غير فعال"، وأوصى التقرير بعدد من المقترحات لكن كثيرا منها لا يطبق على أرض الواقع، حتى وإن تم إعادة صياغة بعض سياسات استخدام القوة.

ففي عام 2016، وافقت هارتو على تحديث السياسات وضيقت الظروف التي تخول فيها سلطة القتل للضباط، معيدة صياغة سياسة استخدام القوة مع التركيز على "قدسية الحياة"، كما أكدت القواعد الجديدة على أن يتدخل الضباط عندما يتعامل زميلا لهم بشكل مسيء.

وقالت تيريزا نيلسون، المديرة القانونية لاتحاد الحريات المدنية في مينيسوتا، إن تصرفات الضابط ديريك تشوفين الذي ركع على رقبة فلويد انتهكت سياسة الإدارة التي تمنع تقييد الرقبة التي تؤدي إلى الوفاة عندما لا يكون هناك ما يبرر استخدام القوة المميتة، مضيفة أن تعامل الشرطي مع فويد، الذي أشار إلى أنه لا يستطيع التنفس، تنتهك سياسة "قدسية الحياة" التي تبتنها الإدارة.

وأضافت نيلسون أن عدم تدخل رجال الشرطة الآخرين الذين كانوا يشاهدون الموقف هو اختراق وانتهاك أيضا للسياسات وقواعد الإدارة.

لكن نيلسون تنتقد سياسة السماح لشخص ما بفقد الوعي، "الأمر الذي أعتقد أنه يمثل مشكلة، وآمل أن تخرج إصلاحات حقيقية من هذه الأزمة".

ودعا عمدة مينابوليس جاكوب فراي المدعين المحليين إلى توجيه اتهامات جنائية ضد ديريك تشوفين، مؤكدا أن طريقة استجابته ومواجهته لفلويد "لم يكن يجب أن تستخدم أبدا".
12 شكوى سابقة ضد خانق فلويد

وتظهر السجلات أن تشوفين أثار 12 شكوى قدمت ضده من السكان، لكن لم يؤد أي منها إلى تأديبه أو عقابه.

ولا تظهر السجلات طبيعة أو شدة الشكاوى، ولم يتبين ما إذا تم إرسال تشوفين إلى أي من دورات التدريب بدلا من عقابه أو تأديبه.

وبحسب قصص إخبارية سابقة فإن تشوفين كان متورطا في ثلاث حالات تم إطلاق النار فيها على مدنيين.

ففي 2006، كان واحدا من دورية قتلت رجلا مسلحا بسكين، لكنه لم يكن مطلق النار، وفي عام 2008، أطلق تشوفين النار على شاب يبلغ من العمر 21 عاما اشتبه في أنه ضرب امرأة، ووفقا لصحية محلية حينها، قالت الشرطة إن الرجل حاول الإمساك بمسدس تشوفين أو زميله ما دفع تشوفين إلى إطلاق النار.

وفي عام 2011، كان تشوفين في مكان الحادث عندما أطلق زميله النار على مسلح مشتبه به، لكن شهود عيان قالوا إن المشتبه به كان قد رفع يديه ويحاول الاستسلام.

وذكر التقرير أن محامي تشوفين ولا الشرطة ردوا على طلبات للتعليق.

ويقول التقرير، إن الانتهاكات الشرطية في مينيسوتا بدأت قبل وفاة فلويد بوقت طويل، مشيرة إلى أنه في 2017، أطلق ضابط الشرطة محمد نور وهو أميركي من أصل صومالي، النار على جوستين داموند وهي معلمة يوغا من استراليا كانت اتصلت بالطوارئ للإبلاغ عن اعتداء جنسي محتمل قرب منزلها.

استقالت هارتو بعد ذلك بأيام، وحكم على نور بالسجن 12 عاما بتهمة إطلاق النار على داموند وهي امرأة بيضاء، ودفعت المدينة 20 مليون دولار قيمة تسوية لعائلتها والمحامين، ولعدم تسجيل نور المواجهة بالكاميرا.

في حالة فلويد كان الضباط قد فعلوا الكاميرا، وهي سياسة يجب أن تطبق.

من جانبه أكد المدعي العام للولاية كيث إليسون إنه يدرك جيدا أن الدولة لديها تحديات شرطية طويلة الأمد.

وكان إليسون يقود مجموعة أصدرت بالفعل 28 توصية لإصلاح الشرطة تتضمن معايير تدريب جديدة وتحقيقات مستقلة في استخدام القوة المميتة، لكن التغييرات المقترحة تتطلب موافقة المجلس التشريعي للولاية.

وقال إليسون إن "الإصلاحات حتى الآن كانت متوقفة وغير كافية، وكان يتم وضعها جانبا حتى نصل إلى المأساة التالية". مضيفا أن الأمر سيتطلب تغييرا ثقافيا وسياسيا لإصلاح العلاقة بين الشرطة والمجتمعات في ولاية مينيسوتا، لكن إصلاح السياسيات يمكن أن تساعد".

ولم يتضح بعد ما إذا كانت التهم الموجهة ضد الضباط المشاركين في مواجهة فلويد ستوقف الاحتجاجات العنيفة التي دخلت يومها الرابع الجمعة، ودفعت الحاكم إلى تفعيل الحرس الوطني، خاصة مع عدم اليقين بأن تجلب النيابة السلام إلى عائلة فلويد.

فبعد وفاة فيلاندو في عام 2016، اتهم الضابط جيرونيمو يانيز بالقتل، لكن هيئة المحلفين برأته من جميع التهم، ما دعا والدته إلى الشعور بالإحباط بسبب عدم التغيير.

وبسؤال المدعي العام للولاية كيث إليسون عما قد يقوله إلى والدة فيلاندو في هذه الحالة، "لدي شيء واحد فقط أقوله لفاليري في هذا الصدد، علينا أن نحاول. لن أقول لها أن شيئا قد تغير. سأخبرها أننا سنحاول تغييره".