"معتقلات سرية وتعذيب وحشي" بأوامر من إردوغان.. من هو "عزرائيل" تركيا؟

كشف موقع "نورديك مونيتور" الاستقصائي وثائق رسمية، تتحدث عن قائد شرطة تركي، أنشأ وأشرف على موقعين "غير رسميين" و"سريين" لتعذيب أكثر من ألفي محتجز عام 2016، حتى بات لقبه "ملاك الموت عزرائيل".

وفقًا لمئات الصفحات المسرّبة من محاضر المحاكم، أظهر الموقع تورط قائد شرطة يدعى "طاهر دارباز أوغلو"، المسؤول الرسمي عن مواقع احتجاز غير رسمية، أقيمت في العاصمة أنقرة، بأوامر من حكومة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.

وكشفت الروايات التي نقلها الموقع عن ضحايا أدلو بإفادتهم أمام المحاكم التركية، سياسة التعذيب المعتمد وسوء المعاملة التي تعرضوا لها تحت مراقبة مسؤولين حكوميين، أصرّوا على عدم التحقيق في الحوادث.

صورة طاهر دارباز أوغلو رئيس الشرطة الذي أشرف على مواقع التعذيب في تركيا
صورة طاهر دارباز أوغلو رئيس الشرطة الذي أشرف على مواقع التعذيب في تركيا

"عمل دارباز أوغلو كرجل حكومي"

وعمل دارباز أوغلو كرجل حكومي في مراكز الاحتجاز، إذ مارس أقسى أنواع التعذيب لانتزاع اعترافات كاذبة من الضحايا لدعم السيناريو الرسمي التركي حول محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو 2016.

كما أظهرت الأدلة التي نقلها الموقع، أنّ "التعبئة العسكرية المحدودة عام 2016 لم تكن سوى حجة زائفة لزيادة تمكين الرئيس أردوغان، من إزالة كبار الجنرالات  الذين عارضوا التوغل العسكري التركي في سوريا".

وتحدثت الصحيفة أنّ قائد الشرطة وفريقه المكوّن من عناصر "سييء السمعة" في جهاز المخابرات،  مارسوا تصرفات تنظيم "داعش"، معتبرين أن زوجات الضحايا وبناتهن غنائم حرب يمكن اغتصابهن، عدا عن سرقة ممتلكات المعتقلين الشخصية مثل النقود، المجوهرات، بما ذلك خواتم الزفاف، بالإضافة إلى تعرض بعض المعتقلين للتحرش الجنسي والاغتصاب.

ومن الوثائق التي كشفها الموقع، محضر محكمة يتضمن شهادة الرائد أوكان أتاوغلو التي يذكر فيها "الجلاد"، طاهر دارباز أوغلو ، المعروف أيضاً باسم "ملاك الموت"

استقصائي - مستند  1
استقصائي - مستند 1

"قاعة التحقيق.. بركة من الدماء"

وفي شهادته أمام المحكمة الجنائية العليا السابعة عشرة في أنقرة بتاريخ 20 نوفمبر 2017 ، وصف المحتجز الرائد أوكان أتا أوغلو،  وهو ضابط أركان يبلغ من العمر 39 عاماً في هيئة الأركان العامة، دارباز أوغلو بأنه رجل يبلغ من العمر 51 عاماً، يتراوح طوله بين 160 و 165 سم. تفاخر في خطبه التي ألقاها أمام المحتجزين، بكيفية خدمته كجندي "كوماندوز" في مقاطعة سيرت خلال خدمته العسكرية الإلزامية، وغالباً ما أطلق على نفسه اسم عزرائيل.

وذكر أنّ "الحادثة الأكثر ترويعاً والتي لا يمكنني أن أنساها أبداً، هي أن هذا الرجل، الذي أطلق على نفسه عزرائيل، كان يصرخ في وجهي بأنه سيقود سيارتي وينهي نسل عائلتي، سيأخذ أطفالي، وإذا كان لدي ابنة، فإنه يحولها إلى عاهرة وسيتعين عليّ مشاهدة كل هذا من داخل السجن".

وفقًا للرائد، في قاعد التحقيق، هناك بركة من الدماء، لم يكن هناك ماء ولا طعام، واضطر 800-900 شخص إلى استخدام حمامين فقط بدون صابون.

ونشر الموقع صورة مسرّبة لقاعة رياضية يملكها اتحاد الكرة الطائرة بحي "بيستيب" في أنقرة كموقع احتجاز غير رسمي.

 كما أفاد عن إنشاء موقع ثان للاعتقال في ساحة انتظار السيارات بسجن  سينكان في أنقرة، حيث تم احتجاز حوالى 1000 شخص في خيمة مؤقتة على أرضية مغطاة فقط بقماش.

واستمر دارباز أوغلو في التنقل بين الموقعين، وأشرف على التعذيب وسوء المعاملة وأصدر أوامر بشأن كيفية المضي قدماً، وكان يعرّف عن نفسه دائماً بأنه "Pf Azrael" أي الملاك عزرائيل، لكي لا يعرف عن اسمه الحقيقي، علماً أنّه استخدم أحيانا أسماء مستعارة مثل "Veysel" ، "Bayram"، و "Cafer".

"محتجزة تعرضت للتحرش أمام زوجها المعتقل"

ومن الوثائق المسربة أيضاً، إفادة للنقيب إردم إيراسلان، ضابط أركان يبلغ من العمر 39 عاماً، يروى فيها تفاصيل حالة اغتصاب لمحتجزة أمام زوجها المعتقل.

وقال إيراسلان  إنّ "الشخص الذي نظم التعذيب في الصالة الرياضية لاتحاد الكرة الطائرة كان دارباز أوغلو"، مضيفاً أنّ "ضابطا آخر متورط في التحرش الجنسي بملازم أول شابة كانت محتجزة في القاعة مع زوجها".

وذكر أنّ "هذا الضابط اخذ الرجل المعتقل إلى مكان منفصل وترك زوجته في ملابسها الداخلية أمام زوجها، ثم صب عليها الماء من رأسها حتى أخمص قدمها بحضور ثمانية إلى عشرة من رجال الشرطة هناك. أجبرها على لمس أصابع قدميها بيديها دون ثني ركبتيها".

 

رعب وتهديد بالتعرض لذوي المعتقلين

كينان شيمشك، الرقيب الرئيسي البالغ من العمر 40 عاماً، هو ضحية أخرى تعرَّف على عزرائيل باعتباره الرجل الذي أدار موقع التعذيب في شهادته أمام المحكمة في 2 أكتوبر  2018، وفقاً للمستند المسرّب من موقع " نورديك مونيتور" أيضاً.

 وقال: "كان عزرائيل يقول باستمرار أن زوجاتك وأطفالك هم غنائمنا، نحن نعرف عناوين السكن لكم جميعاً، وسنذهب ونجمعهم جميعاً (زوجاتهم وأطفالهم)، سنفعل هذا وذاك (إشارة إلى الاعتداء الجنسي والاغتصاب)".

وعندما تم إحضاره إلى القاعة لأول مرة، تعرض سيمشك للضرب عند المدخل من قبل سبعة إلى ثمانية من ضباط الشرطة باعتباره "هدية ترحيبية". وانضم إلى الآخرين في القاعة، حيث قدر أن حوالى 1000 محتجز أجبروا على الركوع مكبلي الأيدي من الخلف وتجريدهم من ملابسهم الداخلية.

وقال: "لقد تركت أتضور جوعاً لمدة ثلاثة أيام دون أن أحصل على أي مساعدة، ولم يوزع حتى الماء". وتضمن محضر الإفادة الخاص بشيمشك تقريراً طبياً يشرح حالة صحية له حصلت نتيجة تبلوه في زجاجات بأوقات معيّنة فقط.

سكب "حمض" على معتقلين

كما أظهرت احدى الوثائق، أنّ الرائد إمره إلغاز، ضابط ركن يبلغ من العمر 41 عاما، عانى مراراً وتكراراً من نوبات هلع من جلسات التعذيب المتقطعة، لكنه لم يُنقل إلى المستشفى لتلقي العلاج.

ونقل الموقع عن الملازم موسى كيليساسلا، المحارب المخضرم الذي أصيب بإعاقة عندما أطلق عليه "حزب العمال الكردستاني" النار كيف، تم نقعه بالماء أولاً ثم ضرب بمسدس صاعقة، ومن ثم سكب الحمض عليه، في الوقت الذي تكسرت جماجم وأضلع محتجزين آخرين.