"شعور الهزيمة يتسرب".. عودة الحريري تكشف قيود المحاصصة الطائفية

مع تكليف زعيم تيار المستقبل، سعد الحريري، بتشكيل الحكومة  اللبنانية الجديدة، يطرح  الكثير من الخبراء والمراقبين تساؤلات عدة ، فيما إذا كان قادرا على تلبية طموحات شعبه بتحقيق إصلاحات جذرية على المستويين السياسي والاقتصادي.

وترى مجلة "فورين بوليسي" في تقرير لها، أن الحريري الذي استقال في أواخر العام المنصرم، يعود لتشكيل للحكومة الجديد رغم عدم وجود ترحيب شعبي بذلك الأمر.

وتشير المجلة إلى أن عودة الحريري إلي  موقعه بعد استقالته عقب احتجاجات شعبية يعبر أولا عن مدى التضييق الذي يتسبب فيه نظام المحاصصة، وعدم قدرته على طرح أسماء جديدة وبدائل مقنعة.

من ناحية أخرى، فالحريري ذو الخبرة الطويلة في العملية السياسية أكثر قدرة على الموائمة بين متطلبات الأحزاب السياسية اللبنانية التقليدية، بعكس سلفه مصطفى أديب الذي اضطر للتنحي عن مهمة تشكيل الحكومة بعد أزمات متوالية، خاصة بسبب الصراع الطائفي على منصب وزير المالية.

لكن في حين كانت المظاهرات تعود بقوة للشارع في أكثر من مناسبة، تشير الصحيفة إلى أن عدد المتظاهرين يقل، بسبب ماوصفته بتسرب "شعور بالهزيمة".

وفي هذا الصدد يقول الشاب حسن صفصوف، الذي شارك في احتجاجات العام الماضي أنه لن يشارك في أي تظاهرات قادمة.

وقال إنه يمضي أيامه الآن في التحضير لامتحان اللغة الإنكليزية ، كجزء من عملية الهجرة إلى كندا، موضحا أنه لم يعد ير أي جدوى في الخروج إلى الشوارع لأن " القرارات السياسية لا يتخذها الشعب اللبناني بل قادة فاسدين"، على حد قوله.
البحث عن تغييرات جذرية

وكان المتظاهرون اللبنانيون الذين تمكنوا من إسقاط حكومة سعد الحريري السابقة قد رفعوا شعار "كلن يعني كلن" والذي يعني "الجميع يعني الجميع"، أي أنهم طالبوا بسقوط النظام الحالي، وليس فقط القادة الأفراد، ولكن ذلك لم يحدث.

ونقلت "فورين بوليسي" عن خبراء قولهم إنه حتى لو جرت انتخابات جديدة في المستقبل القريب فلن تتغير النتائج كثيرا عن الواقع الحالي، إذ من المحتمل أن يحصل المستقلون على عدد قليل من مقاعد البرلمان البالغة 128 مقعدا، ولكن ذلك يكون  كافيا لتغيير الأمور بشكل جذري.

وفي هذا السياق،  حذر جان كوبيس، منسق الامم المتحدة الخاص بلبنان،  قادة البلاد من الاعتماد على  "الاعتماد على المعجزات أو نتائح الانتخابات الأجنبية(الأميركية) أو المانحين الخارجيين، مشددا على أن "إنقاذ لبنان يجب أن يكون من لبنان".
الحريري.. عود على بدء

ستكون المهمة الرئيسية لحكومة سعد الحريري،- في حال تشكيلها،  تنفيذ
الإصلاحات الاقتصادية والمالية لتلبية شروط المبادرة الفرنسية وصندوق النقد الدولي.

وإذا كان ذلك يمكن أن يجنب لبنان  الانهيار الكامل على المدى القصير ولكنه لن يحل مشاكل البلاد البنيوية،

فوفقا لخبراء، يوجد حاليا في "بلاد الأرز" واحدة من أعلى نسب نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم ويعتمد بشكل كبير على الواردات، بما في ذلك الغذاء التي يعد بإمكان الحكومة تحملها.

وفقدت العملة المحلية 80 في المائة من قيمتها منذ الخريف الماضي، في حين أن نصف اللبنانيين  باتو اتحت خط الفقر، ومن المرجح أن تؤدي الإصلاحات الاقتصادية إلى إلغاء الدعم على الوقود والخبز.

ولذلك تبدو عودة  الحريري إلى سدة رئاسة الوزارء محفوفة بالمخاطر، خاصة وأنه حصل على التكليف بأغلبية قليلة من البرلمان اللبناني.