"أداة السلطة والميليشيات لاعتقال المعارضين".. قصة قانون 4 إرهاب في العراق

"الإعدام" أو "السجن المؤبد"، عقوبتان لكل من يمارس عملاً إرهابياً أو يتكتم عليه، بموجب قانون 13 الذي صدر عن  الجمعية الوطنية العراقية عام 2005، تحت ذريعة الوضع الأمني المتفلت وازدياد الأعمال الإرهابية، إلا أنّه بعد أكثر من 15 عاماً على إصداره، يبدو أنّ الآلاف من الأبرياء راحو ضحية المادة الرابعة منه، بحسب مراقبين.

وتنصّ المادة الرابعة من قانون 13/2015 على إنزال عقوبة الإعدام بحق "كل من يرتكب بصفته فاعلاً عملاً إرهابياً"، وبالسجن المؤبد لـ"كل من يخفي أو يتستر على شخص إرهابي"، معطوفة على المادة الثانية والثالثة التي تؤكّد على منع أي عمل يضعف من قدرة الأجهزة الأمنية أو يحمل في طبيعته عصياناً.

وتتحدث مصادر عراقية عن أنّ "المليشيات المسلحة استغلت بالتعاون مع بعض قوات الأمن العراقية القانون وتحديداً المادة الرابعة منه لإلصاق تهم بصحفيين وناشطين كونهم معارضين لها"، فضلاً عن "الاستفادة من اكتظاظ السجون لإبرام عقود وصفقات غير قانونية".

بدوره، سارع رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، الذي تولى الحكومة بعد ثورة الأول من أكتوبر، إلى زيارة السجون في مايو 2020، لـ"يتأكد من خلوه من المتظاهرين"، فضلاً عن إنشاءه لجنة لـ"تقصي حقيقة وجود سجون سرية، يحتجز فيها متظاهرون"، إلا أنّه لم يصدر عنها أي تحقيق جدّي بعد.

هيمنة المليشيات  

وفي هذا السياق، أكّد  المتحدث باسم مرصد "أفاد"، الصحفي العراقي، زياد السنجري، في حديث لموقع "الحرة"، أنّ "المليشيات والأحزاب تهيّمن على ملف السجون، والقوانين المتبعة أثبتت فشلها جميعها من قانون الإرهاب إلى العفو العام، إذ يتم اعتقال المواطنين بناء لإخبارات دون أدلة".

وكشف أنّ "عدد المعتقلين يفوق سعة السجون، دون مراعاة لأي من الشروط الصحية والإنسانية، وحرمان معظمهم من التهوئة والغذاء المناسبين".

"سيئة وخطيرة"..مسودة "جرائم المعلوماتية" تثير الجدل بالعراقمنذ أول حديث عنه قبل سنوات، أثارت مسودة قانون "جرائم المعلوماتية" العراقي الكثير من الجدل بين الناشطين والمشرعين العراقيين، خاصة وأن العقوبات التي يحتويها القانون تصل إلى السجن لعشرة أعوام وغرامات كبيرة.إطلاق سراح مقابل المال

وأكّد السنجري أنّ "بحوزة المرصد وثائق تكشف عن قضايا فساد داخل السجون، حيث تتراوح قيمة الرشاوى بين 50 و300 ألف دولار أميركي لإطلاق سراح السجين".

وذكر أنّ "82 ألف مذكرة توقيف صدرت في محافظة نينوى حديثاً، ليصل عدد المعتقلين إلى أكثر من 70 ألفاً"، مؤكّداً أنّ "إدارات السجون تتبع سياسة الإذلال والتعذيب الممنهج لانتزاع اعترافات تخدم التهم الملفقة".

وفي توثيق لعمليات التوقيف غير القانونية، نشرت صفحة المرصد على فيسبوك فيديو لسيدة تقول إنه تم اعتقال إبينها عام 2011 ولم يعودا وفي عام 2015 تم الحكم عليهما بالإعدام دون سند قانون، بحسب روايتها.

"تهمة الإرهاب للمتظاهرين"

بدوره، اعتبر الناشط المدني والمدوّن، سيف الدين علي، في حديث لموقع "الحرة"، أنّ "المادة 4 من قانون مكافحة الإرهاب الذي وضع عام 2005، أكبر أداة إجرامية بحق الشعب"، لافتاً إلى أنّ "المشكلة ليست فقط بالمادة بل أيضاً في تطبيقها الظالم ومعاقبة أشخاص أبرياء بناء عليها، بينما المليشيات حرة طليقة".

وأضاف علي أنّه "عند انطلاق ثورة تشرين عام 2019، قامت الحكومة بإنزال قوات عسكرية في ساحة التحرير وشوارع العاصمة بغداد والمحافظات المحتجة، وكانت تمتلك أمراً بإطلاق النار إتجاه المحتجين تحت الغطاء القانوني "4 إرهاب".

ولفت إلى أنّ الحكومة حينها "قامت بتصنيف المحتجين الغاضبين على إنهم إرهابيين حسب المادة الثانية في بندها الثاني، والمادة الثالثة في بندها الثاني، ما أسفر عن استشهاد مئات الشباب وإصابة أكثر من 20 ألف".

وشدد  الناشط المدني على أنّ "من أمسكت الحكومة بهم، هم محكومين الآن بهذه المادة الظالمة وقد يكون حكم الإعدام ينتظرهم فقط لأنهم أغلقوا شارع  أو أحرقوا مقر مليشيا".

الأوقاف في العراق.. الخلافات تشتد وكلمة الفصل عند الكاظميقالت مصادر حكومية عراقية، الاثنين، إن النزاعات على ملكية الأوقاف الدينية بين الوقفين السني والشيعي وصلت إلى حالة ترقب بعد إعلان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إيقاف قرار الحكومة بتوزيع الأوقاف بين الوقفين، وفق آلية أثارت غضب العراقيين السنة."لا على المليشيات"

ولفت علي إلى أنّه "من الطرائف وجود هذه الميليشيات بمقرات علنية وقتلها للشباب بشكل علني إلا إنه لا أحد يقوم بمحاسبتها، ولكن من يحرق مقر هذه المليشيات يحكم ضمن إطار قانون 4 ارهاب". 

وختم قائلاً: "هذا النظام وهذه الحكومات والأحزاب استغلوا جميعاً القانون لإبقاء أنفسهم في السلطة، ولقتل كل من يعارضها واضعة المحتجين ضمن إطار الإرهابيين".

القضاء العراقي يرفض القانون

وأوضحت الناشطة الحقوقية في ملف السجون، مروى الفرج، أنّ قانون رقم 13/2015  تم تشريعه بسبب الأضرار الجسيمة الناتجة عن العمليات الإرهابية حينها، ومن أجل حماية الوحدة الوطنية والاستقرار والأمن".

وذكرت الناشطة أنّه "في الأعوام الأخيرة، بدأت السلطات استغلال القانون ليس فقط من أجل اعتقال كل من يخالفها الرأي، بل للتهرب من الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان والسجين، ومن بينها حق الاتصال، المواجهات، والتعامل الحسن أثناء التحقيق، وهنا تكمن الخطورة".

وأكّدت الفرج، أنّه "يتم رصد ملفات فساد عّدة داخل السجون، حيث تستطيع المليشيات الإيرانية الإفراج عمن يدفع لها أكثر".

وأشارت إلى أنّ "القانون يتم تطبيقه بشكل تعسفي واستنسابي، حيث تتجاوز قوات الأمن صلاحياتها وتحتجز الحريات في محاولة منها لكم الأفواه، وخير دليل على ذلك الحكم الصادر عن محكمة التمييز الاتحادية تاريخ 24/11/2019".

وبيّنت فرج أنّ "الهيئة الجزائية في المحكمة أصدرت حكماً يعتبر الأفعال المنسوبة للمتظاهرين جرائم عادية لانتفاء القصد الجرمي (غايات إرهابية) على من احتج في الساحات بسبب الفساد والظروف المعيشية، ما يعني أنّ هناك مشكلة حقيقية في تنفيذ القانون".