فورين بوليسي: احتدام الصراع بين الشيعة ووكلاء إيران في المنطقة

قالت مجلة "فورن بوليسي" الأميركية إن حدة الصراع العنيف بين الشيعة من جهة ووكلاء إيران في المنطقة من جهة ثانية تصاعدت بشكل ملحوظ، وظهر ذلك جليا من خلال اغتيال الناشط اللبناني البارز لقمان سليم وآخرين في العراق.

وذكرت المجلة، في مقال نشر الخميس لمراسلتها في بيروت أنشال فوهرا، أن كلا البلدين (العراق ولبنان) يخضعان إلى حد كبير لسيطرة الميليشيات المدعومة من إيران، التي تستعرض قوتها في الشارع على الرغم من مشاركتها الفاعلة في حكومتي البلدين.

وتضيف أنه "وعلى الرغم من وجود القوى الموالية لطهران في الحكومتين، إلا أنهم فشلوا في تحسين حياة الأشخاص الذين يزعمون أنهم يمثلونهم".

"صحيح أنهم ساعدوا في كسب المعركة الإقليمية ضد تنظيم داعش" تقول الكاتبة، وتضيف إلا أن "المعاناة الناجمة عن سوء الأوضاع الاقتصادية لا تزال قائمة، بما في ذلك بالنسبة الشيعة، الذين لم يعد بإمكان الجماعات المدعومة من طهران الاعتماد على ولائهم.

وأشار محللون ونشطاء إلى وجود تشابه بين اغتيال لقمان سليم في لبنان وارتفاع عمليات قتل النشطاء في العراق، على يد الميليشيات المدعومة من إيران. 

يقول هؤلاء، وفقا للصحيفة، إن "سليم كان هدفا لأنه شيعي وينظر إليه حزب الله على أنه خائن ويحاول إضعاف نفوذ الحزب داخل المجتمع الشيعي الذي تعتمد عليه الجماعة كقاعدة سياسية وكسب موالين يمكن الاستفادة منهم في النزاعات الإقليمية".

وتنقل الصحيفة عن المدير التنفيذي لمؤسسة سمير قصير أيمن مهنا القول إن "الاغتيالات توقفت في لبنان بعد أن أحكم حزب الله قبضته على البلاد ولم يعد بإمكان أي شخص الوقوف ضده".

وأضاف مهنا "لكن الآن هناك شكل جديد من المعارضة لحزب الله والطبقة السياسية بأكملها، وهي نابعة من مجموعة من الناس لا تمتلك قيادة وتسعى لتأسيس دولة علمانية قائمة على حقوق الإنسان.. ولقمان كان له تأثير كبير في تشكيل هذا الخطاب".

ويقول مكرم رباح، المحاضر في الجامعة الأميركية في بيروت والصديق المقرب للناشط الراحل، إن "سليم شجع الهوية الوطنية على حساب المشروع الطائفي لإيران وحزب الله في المنطقة".

ويرى مراقبون أن هناك صلة واضحة بين مقتل سليم في لبنان ومقتل نظرائه في العراق ومن بينهم الخبير الأمني هشام الهاشمي.

تقول الزميلة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى حنين غدار لمجلة فورن بوليسي إن "العديد من النشطاء المناهضين لحزب الله في لبنان يعتقدون أنه في حال لم تتم محاسبة حزب الله، فسيتم اغتيالهم واحدا تلو الآخر، على غرار سلسلة الاغتيالات التي حدثت في العراق مؤخرا".

وقتل عشرات النشطاء في العراق منذ بداية الاحتجاجات في أكتوبر 2019، ووجهت منظمات حقوقية دولية ومحلية أصابع الاتهام إلى الميليشيات الموالية لطهران بالوقوف خلفها.

بالمقابل وجهت اتهامات لأنصار حزب الله باقتحام مواقع الاحتجاجات المماثلة التي حصلت في لبنان وتهديد المتظاهرين وتدمير خيامهم واتهامهم بـ"العمالة" للسفارات الغربية.

وينتمي سليم إلى الطائفة الشيعية، لكنه كان من أبرز الرافضين للطائفية، وكان ملتزما التوعية الثقافية والسياسية حول مواضيع المواطنة والحريات، ولا يتوانى في مقالاته وإطلالاته التلفزيونية عن انتقاد حزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأكثر نفوذا في لبنان.

وفي الرابع من هذا الشهر عثر على سليم مقتولا برصاصات في الرأس داخل سيارته في قرية العدوسية في جنوب لبنان. 

وكان سليم أشار في السابق إلى أنه تلقى تهديدات بسبب مواقفه المعادية لحزب الله الذي ندد من جانبه الأسبوع الماضي بجريمة الاغتيال.