قواتها ارتكبت "فظاعات" في تيغراي.. لماذا لن تغادر إرتيريا إثيوبيا؟

يثير التدخل الإرتيري في إقليم تيغراي قلقا دوليا بعد ورود تقارير عن انتهاكات بحق سكان المنطقة ارتكبتها القوات الإرتيرية التي تساند القوات الإثيوبية في هذه المنطقة الملتهبة.

يقول وزير الدفاع الإثيوبي الأسبق، سيي أبراها هاغوس، في تحليل  سياسي نشره في مجلة فورين بوليسي، إن تحالف رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، مع أسياس أفورقي، الرئيس الأرتيري، في قتال هيئة شعب تيغراي، سيوجد موطئ قدم دائم لأرتيريا على حساب السيادة الإثيوبية.

ويعتقد هاغوس، والذي كان عضوا سابقا في جبهة تحرير تيغراي، أن آبي أحمد، استمر في إنكار وجود قوات إرتيرية في إثيوبيا، أو وجود تدخلات لهم في المعارك في تيغراي، لكنه عاد بعدها ليعترف بوجودهم و"وعد بطلب انسحابهم".

وخلال الأسبوع الماضي، مرت ستة شهور على إرسال آبي أحمد القوات إلى تيغراي في إطار حملة عسكرية تعهد بأن تكون سريعة ومحددة الأهداف.

واستعرض الكاتب خلفيات وأبعاد التدخل الإرتيري في إثيوبيا، والتي تكشف عن فظاعات ارتكبتها القوات الإرتيرية في تيغراي، وذلك تحت غطاء ملابس عسكرية للقوات الإثيوبية، حيث وثقت منظمات حقوق الإنسان عمليات "قتل جماعي واغتصاب وتدمير وحشي، ونهب للقرى والمصانع والعيادات وحتى المدارس والمكاتب الحكومية والبنوك".

وأشار هاغوس إلى أن تقارير عديدة كشفت أن حالة العنف استمرت "بلا هوادة" في إقليم تيغراي، والتي كانت تقودها قوات إثيوبية وبدعم من قوات إرتيرية.

وانتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي صور من قرى في تيغراي، حيث حرقت منازل ومستودعات للحبوب، إضافة إلى وقوع أعمال عنف وتخريب في المنطقة.

ولم تتوقف مهام القوات الإرتيرية عند هذا الحد، بل أن جنودهم يمنعون دخول المساعدات الغذائية وينهبونها، وذلك بحسب وثائق حكومية حصلت عليها وكالة فرانس برس.

وأشار آخر تحديث نشرته الأمم المتحدة نهاية أبريل الماضي عن الوضع في تيغراي إلى "أعمال عدائية نشطة تم تسجيلها في وسط وشرق وشمال غرب المنطقة".

وقال المفوض الأوروبي لشؤون إدارة الأزمات يانيز لينارتشيتش إن "القتال لا يزال متواصلا ويبدو حتى أنه يزداد حدة في بعض المناطق، ما يجعلني أعتقد أنه على ما يبدو لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري لهذا النزاع". 

وشكل القتال في تيغراي ضربة لموسم الحصاد في منطقة كانت تعاني في الأساس من انعدام للأمن الغذائي.

وتقدر حكومة مؤقتة عينها آبي أن نحو خمسة ملايين شخص باتوا بحاجة إلى مساعدات غذائية.

زعزعة استقرار القرن الإفريقيتقارير دولية تتحدث عن مشاركة قوات إرتيرية في معارك تيغراي تحت غطاء ملابس الجيش الإثيوبي

ويوضح هاغوس أن انتشار الجيش الإرتيري الواسع في إثيوبيا، يكشف حجم توغلها في النظام السياسي، والجيش الإثيوبي، والتي تهدد بالمزيد من زعزعة "الاستقرار في القرن الإفريقي".

ويضيف أن التحالف "الإثيوبي – الإرتيري" تسبب في تسميم العلاقات "الإثيوبية – السودانية"، حيث تستغل إرتيريا الخلاف على سد النهضة والنزاع الحدودي مع السودان في تأجيج هذه الخلافات.

ويقول هاغوس والذي كان رئيسا للشؤون العسكرية لجبهة تحرير تيغراي، إنه يعرف الرئيس الإرتيري أفورقي، كحليف وخصم، وذلك خلال معارك مختلفة مع أطراف متعددة خلال الفترة 1982 وحتى 1991.

وحتى بعد عام 1993 كان هاغوس حينها وزيرا للدفاع وعلى علاقة جيدة معه، واستمرت العلاقات بهذا الشكل حتى نهاية التسعينات، إذ ساءت العلاقات بعد ذلك.

ويقول هاغوس إن أفورقي، الذي يحكم أرتيريا ويترك شعبه في حالة من الفقر، يعتمد على شبكة للتجارة غير المشروعة في منطقة القرن الإفريقي، ويستغل القوة العسكرية للتدخل في السياسات الإقليمية.

وكان طموح الرئيس الإرتيري حاضرا منذ عقود سابقة، إذ كان قد طلب الحصول على تنازلات اقتصادية ونقدية مقابل دعم جبهة تحرير تيغراي، بحسب هاغوس.

وطلب أفورقي من إثيوبيا في سنوات ماضية، بعدم تحديد سعر صرف للعملة الإرتيرية مقابل العملة الإثيوبية، ومعاملة الشركات المملوكة للإرتيريين ليس كمعاملة الشركات الأجنبية، وعدد من النقاط الخلافية الاقتصادية، والتي كانت أساس الحرب الإثيوبية الإرتيرية خلال 1998 وحتى 2000، والتي كانت بذريعة خلافات حدودية في حينها.

ويرى هاغوس أن التدخل الإرتيري تعود جذوره إلى الخلافات السابقة مع إثيوبيا، والتي سيطلق "العنان لغضبه على عدوه القديم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي".

رئيس الوزراء الإثيوبي أحمد، طلب من إرتيريا سحب قواتها من تيغراي، وأعلن عن رؤية "مشتركة للتعاون الاقتصادي" والتي قد توفر غطاء لوجود قوات إرتيرية في إثيوبيا، ولكن من دون تعرض نظام آبي لعقوبات من المجتمع الدولي.

ويؤكد هاغوس أن أفورقي استطاع وضع الخطوة الأولى لتحقيق حلمه بالاستفادة من الاقتصاد الإثيوبي، لخدمة مصالحه، وطموحاته الإقليمية، والذي إذا سمح له بتنفيذ خطته هناك، سيكتشف الإثيوبيون أن "الديكتاتور الإرتيري مصصم على خراب وحكم إثيوبيا في الوقت نفسه".

تطهير عرقي 

وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، كان قد أبلغ الكونغرس في أبريل الماضي عن "تطهير عرقي" في غرب تيغراي مع طرد سلطات أمهرة سكان تيغراي، وهو أمر تنفيه أمهرة والمسؤولين على حد سواء. 

ويعتمد الجيش الإثيوبي أيضا هناك على قوات من من إقليم أمهرة، جنوب تيغراي.

ولم تخف الحكومة في أمهرة خططها لضم هذه الأراضي، التي تتهم جبهة تحرير شعب تيغراي بألحاقها بالإقليم المضطرب عندما تولت السلطة مطلع تسعينات القرن الماضي.

ويرفض آبي دعوات مبعوثي الاتحاد الإفريقي لإجراء محادثات مع قادة تيغراي، مصرا على أن النزاع ليس إلا عملية لحفظ "القانون والنظام".