المغرب وإسبانيا.. أوراق ضغط تعمق الأزمة وخط الغاز مهدد

لم تنته الأزمة الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا، بمغادرة زعيم البوليساريو، إبراهيم غالي، إلى الجزائر، ولا بإعادة ترحيل المهاجرين غير الشرعيين الذي اجتازوا السياج الحدودي في سبتة، إلى المغرب، بل يبدو أن هناك تصعيدا آخر في الأفق، يتعلق بمورد اقتصادي هام بالنسبة لإسبانيا.

ويبدو أن المغرب يستخدم أوراق ضغط للرد على التطورات الأخيرة وموقف مدريد منها، حيث أفادت صحيفة "إل موندو" الإسبانية، بأن المغرب أوقف مفاوضاته لتجديد امتياز خط أنابيب الغاز بين المغرب الكبير وأوروبا.

وخط أنابيب المغرب العربي–أوروبا(MEG) ، يعرف أيضا باسم Pedro Duran Farell pipeline، وهو خط أنابيب غاز طبيعي، يصل بين حقل حاسي الرمل في أصى جنوب الجزائر عبر المغرب إلى قرطبة في إسبانيا، حيث يتصل مع شبكة الغاز البرتغال وإسبانيا. 

وهذا الخط يمد كلا من إسبانيا، والبرتغال، والمغرب بالغاز الطبيعي.

ويُنقل أكثر من 30 في المائة من الغاز الطبيعي المستهلك في إسبانيا عبر المغر ب، وفقًا لموقع خط أنابيب أوروبا المغاربي المحدود (EMPL).

كما يساعد خط الأنابيب البرتغال في تلقي إمداداتها من الغاز من الجزائر عبر المغرب.

وفي تصعيد غير معلن، أفادت الصحيفة الإسبانية بأن الملك، محمد السادس، قرر إنهاء المفاوضات بشأن تجديد امتياز خط أنابيب الغاز، الذي من المقرر أن ينتهي في نوفمبر.

ويقول موقع "موروكو وورلد نيوز" تعليقا على ذلك إن "القرار جاء بسبب استمرار التوتر بين المغرب وإسبانيا وتواطؤ الجزائر مع مدريد لمساعدة غالي في السفر إلى مستشفى إسباني لتلقي العلاج".

وإذا تم تأكيد الخبر، فإن قرار المغرب المعلن بوقف المفاوضات بشأن تجديد خط أنابيب الغاز بين المغرب العربي وأوروبا، سيكون ثاني إجراء فعلي من هذا القبيل، تتخذه المملكة ضد إسبانيا.

وبعد التهديد بعدم التنسيق الأمني مع إسبانيا وعدم لعب دور "الدركي" في ملف الهجرة غير الشرعية، قرر المغرب التقدم بخطوة فعلية ضد مصالح إسبانيا، باستبعاد موانئها من عملية "مرحبا 2021 " وهي خطة سنوية تنظمها الحكومة المغربية للترحيب بملايين المغاربة القادمين لقضاء عطلة الصيف.

ووصف مراقبون قرار استبعاد الموانئ الإسبانية من العملية المغربية بأنه رد فعل على قرار إسبانيا السماح لزعيم البوليساريو إبراهيم غالي بمغادرة أراضيها. 

وكانت الرباط حذرت بإصرار من أن الإخفاق في محاسبة زعيم البوليساريو على "تهم الإبادة والقتل الجماعي" التي واجهها خلال جلسة الاستماع الافتراضية أمام محكمة في إسبانيا "يمكن أن يضر بشكل حاسم بالعلاقات بين إسبانيا والمغرب".

المحلل السياسي المغربي، خالد الشيات، يرى بأن الخاسر الأكبر في العلاقات الاقتصادية بين أوروبا والمغرب من جهة، وبين أوروبا والجزائر من جهة أخرى، هو الجزائر والمغرب على حد سواء.

وفي حديث لموقع "الحرة" برر الشيات ذلك بالقول "لن تخسر أوروبا في علاقاتها معنا بسبب أنها تفاوضنا ككتلة موحدة بينما نحن متفرقون" في إشارة إلى المغرب والجزائر.

والمغرب، وفق المحلل نفسه، لم يعد يجني مكاسب كبيرة من هذا الأنبوب، وقال "خلال وباء كورونا لم نجن إلا نحو 51 مليون دولار، وهو مبلغ جد ضئيل بالنظر، في نظره.

  وقال خبراء إسبان، لصحيفة إل موندو إن "عبور الغاز عبر المغرب أمر مهم، لكنه لم يعد حاسمًا" بعد أن روجت حكومة خوسيه ماريا أثنار (1996-2004) لخط أنابيب غاز جديد يربط بشكل مباشر بين الجزائر وإسبانيا. 

ويسمى خط أنابيب الغاز الجديد المباشر "ميدغاز".

واستطردت الصحيفة  نقلا عن بعض خبراء "حتى إذا قرر المغرب عدم تمديد الامتياز ووقف تمرير الغاز عبر تلك البنية التحتية ، فإن الإمداد من إسبانيا مضمون".

لكن الشيات لفت إلى أن الجزائر بخلقها هذا الأنبوب الجديد،  حاولت تجاوز "أي ضغط يمكن أن يمارسه المغرب ضدها بالخصوص" وهو دليل وفقه يؤكد النظرة الانفرادية التي بدأت بها الجزائر، والآن تدفع ثمنها الدول المغاربية وعلى رأسها المغرب والجزائر  نفسها.

وكان وصول غالي إلى إسبانيا فيما "حياته بخطر" وبسرية تامة في 18 إبريل على متن طائرة طبية وضعتها في تصرفه الرئاسة الجزائرية وفق صحيفة "إل باييس" الإسبانية، أثار أزمة كبيرة بين مدريد والمغرب.

وردا على استقبال الرجل الذي تعتبره الرباط "مجرم حرب"، تراخت القوات المغربية في مراقبة الحدود مع سبتة ما أفسح المجال لموجة هجرة غير مسبوقة.

بعد ذلك، تراشق الطرفان بتصريحات حادة، ما اضطر الاتحاد الأوروبي اتبني قرار يتهم المملكة باستخدام المهاجرين القصّر "أداة للضغط السياسي"، وهو ما نفته المملكة.

ويبدو أن خط الأنابيب الذي تحدثت عنه "إل موندو" سيوثق حقبة جديدة في العلاقات المغربية الإسبانية، في حال ما ثبت أن المملكة لن تجدد الامتياز لمرور الغاز الجزائري عبر أراضيها.