سكَّان عدن والمناطق المحررة يستقبلون عيد الأضحى على صفيح ساخن

تزامناً مع الانهيار المستمر للريال اليمني بعد أن تخطى حاجز الـ (1000) ريال خلال اليومين الماضيين وتراجعه بنسبة لا تتجاوز 0.75 بالمئة، ومع قرب حلول عيد الأضحى المبارك، يعيش سكان مدينة عدن (جنوبي اليمن)، وبقية المناطق المحررة، على صفيح الأسعار التي تراوحت نسبة ارتفاعها بين (20-50) بالمئة في أقل من أسبوع، وسط صمت مريب للحكومة الشرعية والجهات المختصة.

منذ مطلع العام 2020م والريال اليمني يتلقى ضربات موجعة أشد فتكا من سابقاتها، فبعد أن شهد سلسلة انهيارات منذ إشعال مليشيا الحوثي الإرهابية الحرب في البلاد، أواخر العام 2014م وحتى مطلع العام 2020م، وهو في خسارة مستمرة لقيمته وصلت 550 ريالا أمام الدولار الأمريكي الواحد، بنسبة تزيد عن 100 بالمئة، فيما خسر -لاحقا- في أقل من عام واحد ما يقارب 200 بالمئة.

عدم اكتمال الدورة المالية للعملة، وغياب الدراسات الاقتصادية الجادة لدى الحكومة والبنك المركزي اليمني، علاوة على تغلغل الفساد في المنظومتين اللتين تديران العملية من خارج البلاد وتتقاضيان اجورهما بالعملة الأجنبية، بحسب خبراء اقتصاديين لوكالة "خبر"، كان له دور بارز عكس الفشل المغموس بالفساد.

ويتفق الجميع على أن انعكاسات الانهيار الاقتصادي دفع ضريبتها المواطن في جوانب تعددت بين أسعار المواصلات الداخلية والخارجية، وأسعار المواد الغذائية والاحتياجات بمختلفها.

الفقر والبطالة

يؤكد سكان محليون لوكالة خبر، أن أجور المواصلات الداخلية بين مديريات عدن ارتفعت بنسبة 100 بالمئة، وان قرص الخبز ارتفع إلى 35 ريالا بعد أن كان بعشرة ريالات مطلع العام 2015، وبـ 20 ريالا مطلع العام 2020م.

ويضيف آخرون، ارتفعت أسعار القمح والسكر والارز والزيت، في أقل  من أسبوع بنحو 10 بالمئة من القيمة الاخيرة، في اوسع حالة انهيار اقتصادي تشهدها البلاد، وتفاقم الوضع المعيشي لدى المواطنين الذين يعتمدون على المرتبات الحكومية غير المنتظمة والمساعدات النقدية البسيطة المقدّمة من المنظمات الدولية كمصدر يقتاتون منه وهو ما لا يكفي لتغطية احتياجاتهم الاساسية.

وأوضحوا، أن سعر أسطوانة الغاز 20 لترا بلغت نحو 10 آلاف ريال، واكثر من 25 ألفا لكيس القمح عبوة 50 كجم، و8 آلاف ريال سعر زيت الطبخ حجم 10 لترات، و7 آلاف ريال لقطعة السكر حجم 10 كجم، و13 ألف ريال كيس الارز 10 كجم، هو ما يعني 60 ألف ريال غير مضافة إليها قيمة الحليب والبقوليات والدجاج والخضار، والماء والكهرباء مع الاخذ بعين الاعتبار ان المناطق الساحلية تتطلب توليد كهرباء مستمرا خصوصا في فصل الصيف، وذلك شبه مفقود تماما.

أمّا إيجار السكن فقد أصبحت أرقامه خيالية مقارنة بدخل الموظف الذي لا يتجاوز راتبه 70 ألف ريال، بعد ان اصبح مالكو العقارات يشترطون الدفع بالدولار الامريكي او الريال السعودي بحيث لا يقل إيجار الشقة الواحدة 3 غرف ومطبخ وحمام عن 500 ريال سعودي، أي ما يعادل 135 ألف ريال يمني.

يعيش المواطن سنوات كفاح مع الانهيار الاقتصادي فيما الجهات الحكومية تشاهد ذلك من على شرفات فللها الفخمة بوطنية مفقودة وضمير ميت، هكذا يقول احد التجّار الذي افلس مشروعه التجاري في غضون اربعة اعوام خلال الفترة (2016- 2019)، جرّاء المضاربة بالعملة في السوق الاقتصادية، فيما آخرون يرون انهيار العملة المستمر سببا رئيسا في ارتفاع نسبة الجريمة واستقطاب الجماعات الارهابية للشباب بعد ان حاصرهم الفقر والبطالة، وفقا لمصادر محلية.

مصادر محلية مطابقة أفادت، أنه مع قرب حلول عيد الاضحى المبارك، الذي يعتبره التجّار موسما لرفع اسعار سلعهم، ارتفعت الاسعار بشكل جنوني ووصل قيمة القطعة الواحدة من الملبوسات ذات الجودة الدنيا إلى نحو 10 آلاف ريال، ونحو 17 ألف ريال للجودة المتوسطة، ما شكّل عبئا ثقيلا على أرباب الاسر الذين لديهم اربعة إلى خمسة اطفال، في حين تراوحت قيمة الاضحية بين (150- 200) ألف ريال.

عواقب كارثية

وبينما اتفق الجميع على أن البنك المركزي والحكومة شريكان في ما يعانيه المواطن من تجويع وتركيع لا مبرر له إلا الفشل الاداري والفساد المالي والاخلاقي في آن واحد، تساءلت المصادر عن دور وزارة الصناعة والتجارة ومكاتب التموين، وبقية الجهات الحكومية المعنية بمراقبة وضبط الاسعار بما يتلاءم مع ارتفاع قيمة الدولار بدلا من عبث التجّار وتحويل البلاد إلى أشبه بغابة.

في السياق، أكد خبراء اقتصاديون لوكالة خبر، أن أي معالجات اقتصادية للعملة إن لم تنجح بإعادة قيمة الدولار إلى 500 ريال، كأقل تقدير، لن يكون ذلك إلا بمثابة تخدير موضعي.

وأوضحوا أن خسارة الريال اليمني قرابة 400 بالمئة من قيمته خلال سبع سنوات، وتردي الوضع الاقتصادي للفرد في بلد مصنّف عالميا في مصاف الدول النامية والفقيرة في وقت ما قبل الحرب، عواقبه كارثية على المجتمع والدولة والجيران.