ترجمــة: "غوانتانامو" يتحدى خطط إغلاقه

في أحد أيام الشهر الماضي، وصلت طائرة عسكرية طراز بوينغ "c - 17" إلى القاعدة البحرية في غوانتانامو، كانت تنتظر نقل ستة من السجناء غير الخطرين إلى حياة جديدة في الأوروجواي بعد 12 عاما من السجن.

وقبل أيام قليلة من ذلك اتصل نائب الرئيس جوزيف بايدن برئيس الأورجواي "جوزيه موخيكا" ليصر عليه من أجل إعادة توطين الرجال.

صرح مسؤولون في إدارة أوباما أن الرئيس الأجنبي قد عرض استقبال السجناء في يناير الماضي، ولكن عندما أصبحت الولايات المتحدة مستعدة لنقلهم في هذا الصيف أعرب موخيكا عن قلقه من أن تنفيذ هذا الإجراء سوف يحمل خطورة سياسية بسبب اقتراب موعد الانتخابات في بلاده.

وبالرغم من أن الرئيس أوباما تعهد في العام الماضي بإحياء جهوده الرامية إلى إغلاق غوانتانامو، فإن الإدارة الأميركية لم تستطع سوى الإفراج عن سجين واحد فقط غير خطر في العام الحالي وتبقى 79 سجيناً جرت الموافقة على نقلهم إلى دول أخرى، كما لم تستطع الإدارة إقناع الكونغرس برفع حظره على نقل المحتجزين الأكثر خطورة ويبلغ عددهم 70 سجيناً إلى سجن داخل الولايات المتحدة.

وقال الجنرال "جون كيلي" رئيس القيادة الجنوبية في الجيش الأميركي والتي تشرف على قوة العمل المشتركة في غوانتانامو: "لا يزال وقت إغلاقه بعيداً، من الواضح أن الرئيس يبذل جهداً كبيراً، حيث يحاول المسؤولون إقناع الدول باستقبال السجناء، لكن في النهاية سيتطلب الأمر تدخل الكونغرس لإلغاء الحظر على نقلهم".

ووفقاً لحوارات مع عشرات المسؤولين في الإدارة والكونغرس والجيش الأميركي، فإنه بعد مرور أكثر من 12 عاماً على إرسال إدارة بوش أول سجين إلى غوانتانامو، ازدادت التوترات حول ما إذا كان أوباما سيتمكن من إغلاق السجن قبل أن يترك منصبه. وبدأ الانقسام في الظهور بين مسؤولي وزارة الخارجية الذين يبدون متحمسين من أجل تحقيق هدف أوباما وبعض مسؤولي وزارة الدفاع الأميركية الذين يقولون إنهم سيشاركونهم طموحهم ولكنهم أكثر قلقاً فيما يتعلق بالإفراج عن محتجزين أقل خطورة.

من جانب آخر، تتزايد الضغوط القانونية، حيث توشك الحرب في أفغانستان على الانتهاء رسمياً ويزداد عدم الارتياح داخل السلطة القضائية تجاه ممارسات الجيش بالإطعام القسري للسجناء المضربين عن الطعام. أما المسؤولون العسكريون في السجن والذين يواجهون بنية تحتية منهارة وسجناء في سن كبيرة فيتخذون خطوات يقولون إنها ضرورية من أجل استمرار تشغيل غوانتانامو، ولكنها أيضاً تساعد على إضفاء طابع مؤسسي عليه.

بدأت أجزاء المستعمرة التي كان الهدف منها إيواء المساجين لفترة مؤقتة في التآكل والتهاوي.

تقع الوحدة التي تضم أسوأ المحتجزين المشهورين على أرض غير مستقرة وسوف تحتاج إلى إحلال لها إذا تقرر استخدامها لأجل طويل.

وفي المبنى الذي يحتوي على المطبخ، ترتفع درجة الحرارة إلى 110 درجات فهرنهايت في منتصف النهار، كما تآكلت الدعامات الحديدية ويجب على العمال تغطية السلع المخزنة بأغطية بلاستيكية أثناء العواصف بسبب ترسب المياه عبر السقف.

وفي المكان المخصص للقوات يجب على كل ستة حراس الإقامة في كشك صغير ليس به تهوية مناسبة أو دورات مياه ملحقة.

كما أثارت جودة المنشآت الطبية المخاوف نظراً لأن الكونغرس يمنع إرسال حتى السجناء الذين يعانون من حالات مرضية حرجة إلى الولايات المتحدة.

وبعد أن رفضت دول أميركا اللاتينية استقبال أحد المحتجزين، إذا ظهرت حالة طارئة توصل محامو البنتاغون إلى أنه من القانوني عدم نقل سجين من أجل الحصول على رعاية طبية عاجلة وفقا لوثيقة داخلية في البنتاغون، حصلت عليها نيويورك تايمز في قضية حرية المعلومات.

ويطالب أوباما بغلق غوانتانامو؛ بسبب ارتفاع تكاليف تشغيله التي تصل إلى 3 ملايين دولار سنوياً لكل سجين وبسبب تعريضه الأمن القومي للخطر، كما أنه أصبح رمزاً لكراهية الولايات المتحدة لما يشير إليه من عمليات تعذيب وانتهاكات ضد السجناء.

وقد استغل متطرفو داعش، الذين قتلوا صحفياً أميركياً في سوريا في الشهر الماضي، هذه المشاعر بإجباره على ارتداء زي برتقالي اللون يشبه ذلك الذي يرتديه محتجزو غوانتانامو.

وتؤكد إدارة أوباما على أن عمليات النقل إلى الأوروجواي سوف تتم بعد إجراء الانتخابات، كما صرح مسؤولون مطلعون على سير العملية بأنه قد يجري الإفراج عن 14 سجيناً آخرين مع نهاية العام الحالي إذا جرت الموافقة على ذلك.

وقال مبعوث وزارة الخارجية المختص بعملية نقل السجناء كليف سلوان: "كل شهر يمر يحدث فارقاً، الفترة من اللحظة الراهنة وحتى نهاية العام لها أهمية بالغة، حيث إن الطريق إلى غلق المكان يتطلب تحقيق تقدم كبير في نقل السجناء من غوانتانامو".

المجمع من الداخل

جدير بالذكر أن منشآت السجن المقامة في هذه المنطقة القاسية شهدت توسعاً على الرغم من انخفاض عدد المحتجزين، ففي عام 2003 كان 680 سجيناً يوجدون في زنازين "معسكر دلتا" وهو مجمع مترامي الأطراف يحتوي على ثلاث وحدات من الزنازين في الهواء الطلق ومساحة أخرى من الزنازين الجماعية.

واليوم 149 سجيناً متبقياً في مبانٍ جديدة بينما يظل معسكر دلتا خالياً.

وفي الشمال يوجد المجمع الأصلي "معسكر إكس - راي" الذي يحتوي على أقفاص تشبه بيوت الحيوانات والتي كانت تستخدم لمدة 4 أشهر في عام 2002 أثناء بناء معسكر دلتا، وهو سجن أشباح تسكنه الفئران والقوارض الاستوائية.
*ترجمة عن "نيويورك تايمز"