خريطة انتخابات العراق.. تنافس محموم ومسار التحالفات معقد

من بين 24 مليون عراقي يحق لهم المشاركة في الانتخابات، حصل أكثر من 14 مليونا على بطاقاتهم الانتخابية "البايومترية" التي تحتوي معلومات فيها بصمات أصابعهم، أسماؤهم الكاملة، دوائرهم الانتخابية، ومعلومات حيوية أخرى لمنع التزوير في الانتخابات، كما تقول المفوضية العليا للانتخابات العراقية.

ويظهر موقع المفوضية الإلكتروني أن النسبة الكبرى من البطاقات وزعت في بغداد، نينوى، البصرة، السليمانية.

ويعني استلام البطاقة البايومترية، أن الشخص مسجل للمشاركة في الانتخابات، وأنه "ينوي ذلك"، بحسب، كريم العتابي، مدير أحد المراكز الانتخابية في بغداد، الذي تحدث لموقع "الحرة".

وفي حال كان هذا صحيحا، فإن نسبة الإقبال على التسجيل للمشاركة التصويت في محافظات مثل واسط هي (73 بالمئة من المقترعين سجلوا للانتخابات)، والبصرة (67 بالمئة)، أي أكثر من العاصمة بغداد (45 بالمئة)، ونينوى (42 بالمئة)، والأنبار (51 بالمئة).

ويقول العتابي لموقع "الحرة" إن "المفوضية ما تزال مستمرة بإصدار البطاقات، لكن موعد الانتخابات بقي له أقل من شهر، ولهذا لا أتوقع تغييرا كبيرا في النسب".

ويضيف العتابي أن "فرق المفوضية حاولت بكل قدرتها أن تقدم التسهيلات من أجل التسجيل، حتى أننا زرنا بعض الناس في منازلها لإصدار بطاقات لهم".

لكن نسب التسجيل لا تعني بالضرورة نسب المشاركة في الانتخابات، كما يقول الصحفي العراقي، محسن موزان، لموقع "الحرة".

ويقول موزان "في عام 2018، كانت نسبة المشاركة في الانتخابات 44 بالمئة من مجموع الناخبين المسجلين للمشاركة"، مضيفا "كانت تلك الانتخابات الأولى بعد طرد تنظيم داعش، وأيضا أقل انتخابات سجلت نسب مشاركة بعد 2003، ولا يمكنني تخيل إلا أن النسبة ستكون أقل".

وبلغ العدد النهائي للمرشحين للانتخابات 3243، بحسب تصريحات سابقة للمتحدثة باسم مفوضية الانتخابات، جمانة الغلاي.

ويتنافس هؤلاء ضمن قانون الدوائر الانتخابية المفتوحة، ويبلغ عددها 83 دائرة انتخابية، أقرت بتصويت برلماني في أكتوبر الماضي.

ويبلغ عدد المقاعد التي يتنافس عليها المرشحون 320 مقعدا، منها 71 مقعدا في بغداد و 15 في الأنبار و 13 في كركوك و34 في نينوى و25 في البصرة، و19 في ذي قار، و10 في ميسان، و17 في بابل، و7 في المثنى، و11 في واسط ومثلها في الديوانية وكربلاء ودهوك، و 12 في النجف ومثلها في صلاح الدين، و14 في ديالى، و18 في السليمانية،  وأربعة في أربيل، زائدا تسع مقاعد للمكونات موزعة على المحافظات التي يعيشون فيها، كما إن هناك كوتا نسائية تصل إلى 25 بالمئة من مجموع المقاعد.

وتتوزع مقاعد المكونات وفقا للتقسيم الآتي : ( 5) خمسة مقاعد للمسيحيين توزع على المحافظات ( بغداد ونينوى وكركوك ودهوك وأربيل )، ومقعد للمكون الإيزيدي في محافظة نينوى، ومقعد للمكون الصابئي المندائي في محافظة بغداد، ومقعد للمكون الشبكي  في محافظة نينوى، ومعقد لمكون الكورد الفيليين  في محافظة واسط .

ولا يتوقع المحلل السياسي والأكاديمي، محمد نعناع، أن تنتج العملية الانتخابية المقبلة كتلا منسجمة بسبب "تعدد الولاءات وتعارض الأولويات" مما سيطيل مرحلة التحالف لتشكيل معادلة السلطة.

ويبدو أن مشهد التحالفات معقد في العراق، فهذه المعادلة الجديدة على هذا الأساس، بحسب نعناع الذي تحدث لموقع "الحرة"، "لن تأتي بمسار جديد أو بمشروع مختلف لان الصياغات المحتملة للعقد السياسي ستبقى كما هي ضمن اطار المحاصصة التوافقية".

ويضيف نعناع أن الرأي القائل باستمرار "التحالفات الضعيفة أو الاتفاقات الهشة هو الأقرب للواقع حتى هذه اللحظة، خصوصا أنه لا مؤشرات إيجابية على حصول انتفاضة شعبية انتخابية لمؤازرة القوى التي تسعى إلى ازاحة القوى التقليدية المحاصصاتية، وكذلك عدم تبلور وعي أو  توجه سياسي بتغيير مسار التحالفات المستندة على التغانم والتحاصص".

فيما يعتقد المحلل السياسي، مصطفى الحلو، أن "القوائم الانتخابية ستنتظر إلى ما بعد إعلان النتائج لإعلان تحالفاتها".

لكن الحلو يضيف لموقع "الحرة" أن "هناك تحالفات متوقعة، مثل التحالف المتوقع بين ائتلاف دولة القانون (بقيادة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي) وقوائم الفصائل المسلحة (الفتح، حقوق)، والتحالف بين قوائم الأحزاب الكردية، والتحالفات السنية".

وتنقسم التحالفات السنية بشكل رئيس إلى تحالف تقدم، برئاسة رئيس البرلمان الحالي، محمد الحلبوسي، وتحالف الإنقاذ برئاسة رئيس البرلمان الأسبق، أسامة النجيفي، وتحالف العزم، برئاسة خميس الخنجر، السياسي ورجل الأعمال البارز.

وهناك تحالفات أخرى، مثل تحالف قوى الدولة، الذي يرأسه رئيس الوزراء العراقي الأسبق، حيدر العبادي، ورئيس تيار الحكمة، عمار الحكيم، والذي يضم قوى تشكلت بعد تظاهرات تشرين وتقول إنها تمثل جزءا من المتظاهرين.

وانقسمت الأحزاب الجديدة، التي يقودها ناشطون شاركوا في التظاهر بشأن المشاركة في الانتخابات، بين من قرر المشاركة، مثل تحالف نازل آخذ حقي، وتيار وعي، وحركة امتداد، وبين مقاطعين للانتخابات، مثل حزب البيت الوطني، الذي يعد أكثر الأحزاب قبولا بين المتظاهرين العراقيين.

وقالت الحكومة العراقية التي يقودها، مصطفى الكاظمي، إنها تبذل جهودا كبيرة لتأمين الانتخابات، وقد أعلنت في بداية سبتمبر عن "كشف محاولة وشبكة لتزوير الانتخابات".

وجهزت مفوضية الانتخابات آلات عد وفرز حديثة للأصوات، يفترض أنها قادرة على منع أي تزوير، لكن شكوكا أثيرت بشأن الكفاءة الفعلية لتلك الأجهزة، بعد مشاكل تقنية كشفت عنها المفوضية في وقت سابق.

ويقول المختص العراقي بالأمن الإليكتروني، المهندس حسين حميد، لموقع "الحرة" إن "هناك إمكانية لاختراق أجهزة العد والفرز التي ترتبط فيما بينها بشبكة اتصال".

ويضيف حميد "الشبكة التي تربط الأجهزة مصممة لمقارنة النتائج بين المراكز المختلفة في وقت قصير، ومعرفة الفائزين في الانتخابات بمجرد انتهاء الاقتراع، لكن المتخصصين في الأمن الإليكتروني متخوفون من مدى كفاءتها".

ولا تتعلق المخاوف بشأن الأمن بالتزوير فحسب، بل أن "أمن المرشحين" هو أحد الأسباب التي تقول القوى المقاطعة للانتخابات إنها دفعتها لمقاطعتها.

ورغم إعلان الحكومة العراقية بشكل متكرر إن الانتخابات ستجري في جو آمن، إلا أن الناشط العراقي، سعيد محسن، يقول إن "تأمين يوم الانتخابات شيء، وتأمين المرشحين لكي يستطيعوا الانتقال بين الدوائر الانتخابية ومقابلة جمهورهم شيء آخر".

ويضيف محسن، الذي قرر مقاطعة الانتخابات أن "هناك ناشطين تعرضوا للاغتيال، وآخرين تعرضوا للتهديد وأجبروا على ترك منازلهم ومناطقهم، مما منعهم من إدارة حملة انتخابية بكفاءة".

وتقرر إجراء الانتخابات العراقية في العاشر من أكتوبر المقبل، في موعد تقدم ستة أشهر عن الموعدا المعتاد في نيسان كل أربع سنوات، وأعلنت الانتخابات المبكرة بعد استقالة حكومة عادل عبد المهدي عام 2019، بعد عام من تسلمها السلطة نتيجة تظاهرات حاشدة استمرت لأشهر، ونتج عنها مقتل مئات الناشطين، وإصابة الآلاف منهم ومن رجال الأمن.