الريال اليمني يعاود الانهيار في المناطق المحررة.. ومطالبات شعبية بمحاكمة ومحاسبة الحكومة

بعد تعافي طفيف لم يدم 24 ساعة، عاود الريال اليمني الانهيار مجددا في مدينة عدن، (جنوبي البلاد)، وبقية المناطق المحررة، الخميس 30 سبتمير/ أيلول 2021م، تزامنا مع استمرار ارتفاع السلع والمواد الغذائية، في حين اتهم محتجون يمنيون "حزب الاصلاح" الذي يحكم قبضته على منظومة الحكم في الحكومة الشرعية اضعاف الحكومة والتحالف العربي في الحرب ضد مليشيا الحوثي الإرهابية.

وأكدت مصادر مصرفية لوكالة "خبر"، أن قيمة الدولار الامريكي الواحد ارتفعت مجددا في عدن، الخميس 30 سبتمبر/ أيلول، إلى 1145 ريالا، فيما بلغت قيمة الريال السعودي 300 ريالا، بعد أن كان قد انخفض الاربعاء إلى 1086 ريالا امام الدولار و290 ريالا امام الريال السعودي.

بالتزامن، تواصل اسعار السلع والمواد الغذائية تسجيل ارتفاعا مستمرا، حيث ارتفع سعر الكيلو الدقيق إلى 700 ريال، وبذلك تتخطى قيمة الكيس عبوة 50كجم حاجز الـ30 ألف، ومثلها كيس القمح، فيما بلغ سعر الكيلو السكر 1100 ريال، واللتر الزيت إلى 1700 ريال.

يقول سكان محليون في عدن، إن متوسط الراتب الشهري لموظفي الدولة لم يتجاوز 60 ألف ريال، وانه اصبح لا يغطي قيمة كيسين قمح ودقيق، في حين بقية الاحتياجات تفوق اضعاف ذلك، فضلا عن ايجارات السكن التي يبلغ حدها الادنى 80 ألف ريال. مشيرين إلى الاحتياج إلى بدائل للطاقة الكهربائية في مثل هكذا مناطق ساحلية في ظل تجاوز ساعات انقطاع التيار الكهربائي الحكومي لساعات التوليد، وصولا إلى خروج المنظومة كليا عن الخدمة.

وحمّل المواطنون الحكومة اليمنية، والتحالف العربي ومليشيا الحوثي مسؤولية الانهيار الاقتصادي الذي ذهب ضحيته ملايين اليمنيين في بلد يعاني من حرب دخلت عامها السابع على التوالي ويشهد "أسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم"، وفقا لتقارير منظمات الامم المتحدة.

ومنذ انقلاب المليشيا الحوثية في 21 سبتمبر/ أيلول 2014م، ودخول البلاد في حرب يشارك فيها التحالف العربي بقيادة السعودية، خسر الريال اليمني من قيمته امام العملات الاجنبية نحو 500%.

كما تسببت الحرب بمغادرة عشرات الشركات العالمية والمنظمات العاملة في البلاد، وبذلك فقد آلاف اليمنيين وظائف كانت تعول مئات الآلاف، في حين سرّحت مليشيا الحوثي آلاف آخرين قسريا من وظائفهم واستبدلتهم بعناصرها، وامتنعت عن صرف مرتبات عشرات آلاف الموظفين في مناطق سيطرتها، في الوقت الذي تفرض إتاوات وجبايات شبه شهرية تحت مسميات متعددة، أبرزها "مجهود حربي- فعاليات طائفية- قوافل غذائية ومالية لمقاتليها في الجبهات- دعم البنك المركزي.. الخ".

بالمقابل، أُصيبت الحياة بمقتل في المناطق المحررة، وبدلا من ان تصبح مأوى لجميع المدنيين الفارين من قمع المليشيا الحوثية، اصبحت كمن يستجير من الرمضاء بالنار.

وتؤكد مصادر محلية متعددة، أن وزارتي الخدمة المدنية والمالية في الحكوة الشرعية ضيّقت الخناق على جميع الموظفين الحكوميين النازحين من مناطق سيطرة المليشيا، وخذلتهم حين اعاقت عملية مواصلتهم في مقار اعمالهم طيلة اشهر من المتابعة، حتى اضطروا الى العودة إلى مناطق سيطرة الحوثي بعد ان انفقوا جميع مدخراتهم وباعوا مجوهرات زوجاتهم دونما فائدة.

مصادر عسكرية هي الاخرى اتهمت وزارة الدفاع في الحكومة الشرعية بالعمل لصالح المليشيا الحوثية.

وقالت المصادر إن قيادات خفية كانت في القوات الحكومية تخدم الحوثيين وترصد تحركات القيادات العسكرية والعسكريين الذين لا ينتمون إلى "حزب الاصلاح"، وترفعها للمليشيا، لغرض ازاحتهم من طريقها، وراح ضحية تلك العمليات المئات منهم. ذلك ما أقرّت به، مؤخراً، الدفاع اليمنية، واعلانها ضبط خلايا استخباراتية تعمل لصالح الحوثيين بينهم قيادات عسكرية رفيعة في وزارة دفاعها.

فساد واقصاء الحكومة

لم يكن فساد الحكومة اليمنية "إدارياً فحسب"، محصورا على المناصب التي لم ينج منها حتى البنك المركزي بعد توظيفها من غير المؤهلين وتقليدها لمن يفتقرون الى الخبرات والكفاءات في مناصب حساسة، بحسب بيان سابق لنقابة موظفي البنك، بل توغل الفساد المالي في ذلك القطاع المصرفي الهام، وتلاعب نافدين بعدد من الودائع السعودية.

وتسبب ذلك الفساد، إضافة إلى عدم توحيد الوعاء الايرادي للدولة إلى حساب موحد في البنك المركزي بعدن، وايقاف الصادرات المحلية مثل النفط والاسماك وغيرها، شهدت العملة الوطنية انهيارا متواصلا في المناطق المحررة، تخطت نسبته 100% مقارنة بالمناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، لا سيما بعد ان رفضت الاخيرة التعامل بالطبعة الجديدة من العملة نفسها.

في حين يرى مراقبون اقتصاديون، أن غياب الرؤية في ادارة الحكومة التي تسيطر عليها جماعة الاخوان المسلمين في اليمن "حزب الاصلاح"، واقصاءها الآخرين بغية الاستمرار في نخر الدولة بفساد مروّع وجه للاقتصاد ضربات قاتلة.

وكان قد توقع خبراء اقتصاديون، مطلع العام الماضي 2020 تخطي قيمة الدولار حاجز الـ1000 ريال مع انتهى العام، بعد ان تفاقمت الازمة الاقتصادية واستمرت الحكومة بتجاهل مسؤوليتها، لتتخطى قيمته حتى نهاية الاسبوع الماضي حاجز 1200 ريال، إلا انه -الريال- شهد تعافيا طفيفا لم يدم 24 ساعة ليعاود الانهيار مجددا.

ومع استمرار انهيار العملة شهدت محافظات عدن، أبين، حضرموت، لحج وتعز، مسيرات شعبية غاضبة حملت هموم ملايين اليمنيين وطالبت بإقالة جميع الفاسدين في الدولة بعد مضي سبع سنوات على مزيد من الانهيار الاقتصادي والخسائر العسكرية على الارض، في حين أُصيبت قيادات الدولة والحكومة بتخمة الفساد وتضخم في المشاريع الاستثمارية والعقارية محليا وخارجيا، وفقا للاحتجاجات الشعبية.

ووصف المحتجون "حزب الاصلاح" الوجه الآخر لمليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً. مؤكدين أنه سبب اضعاف الحكومة اليمنية والتحالف العربي في حربهما ضد المليشيا.