«أنصار الشريعة» إذْ يغرقون في دم «ناصر العودي» والمغدورين.. معالم معركة «ثأر» قادمة وسط اليمن

يصر «أنصار الشريعة» أو القاعدة، على تبرير وتسويق جريمتهم المنكرة، بقتل واغتيال رئيس المؤتمر الشعبي في دمت، ناصر العودي، عليه رحمة الله، وعلى قاتليه غضب الله ونقمته، بوصفهم المتكرر في بياناتهم المتتابعة له بـ"الحوثي" ونسبته إلى الحوثيين، وكأن هذه جريمة عقابها الإعدام والقتل والتصفية والخطف، كما حدث مع الشهيد العودي، رحمه الله؟ ناهيك أن ناصر العودي، أصلاً، لم يكن حوثياً على الإطلاق، لا من قريب ولا من بعيد، وكل من يعرف ناصر، يعرف أن القاعدة أو أنصار الشريعة يكذبون ليبرروا جريمتهم ودمويتهم التي استفزت أبناء دمت والمناطق المجاورة وخلفت مشاعر النقمة والثأر.

حتى لو كان العودي أو سواه من ضحايا القاعدة حوثياً، لما كانت جريمة قتله غيلة وغدراً وترصداً مبررة بحال من الأحوال. فالقتل وسفك الدم ليس سلطة بيد أنصار الشريعة، الذين باتوا يبحثون عن أي دم يسفكونه، ليصطنعوا لهم انتصاراً مزعوماً، ويبررونه بالتحوث، كما برروا ذبح الجنود في حضرموت بالتحوث، ولم يقتنع أو يقبل منهم أحد من اليمنيين والعقلاء هكذا منطق استسهالي واستغبائي، يشرعن للدموية وللذبح، ولسفك الدم، وإزهاق أرواح المسلمين، المسالمين، العُزَّل.

ثالث أو رابع بيان لأنصار الشريعة، وهم يكررون فيه تبني اغتيال ناصر العودي، رئيس مؤتمر دمت. علاوة على خطف وتصفية رئيس الأمن السياسي بالضالع ومرافقيه. وإذ يذكرون قتيلهم ناصر العودي، يكررون وصفه بالحوثي. هم بهذا وبتكرار دال، يجلدون أنفسهم ويحاولون، عبثاً، إقناع أنفسهم، قبل غيرهم في المنطقة، بحُجَّة هالكة ومتهالكة، ما فيها من الحجة شيء يبرر لهم سفك الدم والإيغال في القتل لمجرد القتل ولمجرد حاجتهم إلى عنوان ومادة للتداول كإنجاز. هذه علامات انهيار وتخبُّط في صفوف القاعديين الذين باتوا يستهدفون رجال الأعمال والمستثمرين، كناصر العودي، علاوة على قيادات أمنية ومحلية على خلفيات «ابتزاز» مالي أكثر من أي شيء آخر. ثم يصطنعونها وقائع جهاد بدعاوى التحوث أو الرافضية أو غيرها.

بيانات وخطابات تبريرية مكرورة تؤشر، بوضوح، إلى أن أنصار الشريعة يغرقون ويتخبطون في دم ناصر العودي، وقتلاهم الآخرين المغدورين، خصوصاً وسط اليمن بين دمت ورداع ومناطق من إب.. وهي، كما ترجح المعطيات أو أغلبها، ستكون منطقة المواجهة والمعركة القادمة بين القاعدة وأنصار الشريعة من جهة، وبين كل صاحب ثأر ودم في رقابهم، علاوة على الحوثيين، بالطبع.

الخميس، كان «القاعدة» اتفق مع مفاوضين ووسطاء محليين على الإفراج عن رئيس سياسي الضالع ومرافقيه مقابل مبلغ مالي، أفادت معلومات ومصادر وكالة "خبر" للأنباء، بأن المبلغ المتفق 20 مليون ريال وتسليم القاعدة جثث قتلاه. لكنهم تراجعوا وانقلبوا فجأة على الاتفاق، ورأوا أن قتل المختطفين وإعلانه كإنجاز جهادي عبر النت والإعلام أفيد «إعلامياً» من المبلغ المالي الذي يبدو أنهم استصغروه. ولا يجد القاعدة صعوبة في تبرير القتل لأجل القتل هنا وهناك؛ يكفيه برأيه أن يُقال «حوثي، رافضي، أمن أو جيش متحوث، موالي للطواغيت» وغيرها من مترادفات لازمة القتل في خطاب أنصار الشريعة.

وبينما ينفي بيان أخير لأنصار الشريعة، الجمعة، تحريضه على قبائل «سنية» مكذباً صحة بيان سابق قبل يوم منسوب لـ«أنصار الشريعة» بهذه المضامين، فإنه وفي البيان نفسه، يدعو ويستنفر و«يحرض كل مسلم» إلى مقاتلة و«مجاهدة كل مفسد في الأرض من الحوثيين الروافض». وهي الدعوة نفسها التي تبرأ منها أو نفاها مقدمة البيان، بل هي أسوأ. بما أن القاعدة وأنصار الشريعة سيعتبرون كل مخالف وكل مباعد ورافض لمنهجهم هو «حوثي رافضي» بالضرورة. وحالة المغدور والمقتول ظلماً وعدواناً، الشهيد ناصر العودي، أوضح وأكبر وأصدق مثال.

الطائفية والمذهبية، هي آخر ما يراهن عليه «القاعدة» و«أنصار الشريعة» لاستيقاد حرب وصراع يبرر وجودهم وعملهم الوحيد (القتل) تحت لافتة الجهاد. لكن اليمن لن تغرق في هذا المستنقع. ليست العراق ولا سوريا ولن تكون. إنها اليمن ولن تكون غيرها أو غير ما هي عليه.

خطف عمال أو أفراد وتصفيتهم وتصويرهم في مشاهد مسجلة تبث لاحقاً في النت، وتقدم كإنجازات جهادية ضد «حوثة رافضيين» في رداع ودمت وغيرها، ليس إلا التعبير الأخير عن حالة ضمور وعبث وتخبط يزيد من ورطة الجماعات المتشددة ويستعدي ضدها وعليهم المحيط الاجتماعي والبيئات المحلية والقبلية بصدد موقعة نهائية وفاصلة قادمة لا محالة.

إلى الآن، وباستثناء بيان استنكار وإدانة وأمام بيانات أنصار الشريعة، وفيما يتعلق بناصر العودي، لا يقول ولا يفعل المؤتمر الشعبي شيئاً تجاه سيرة وانتماء واعتبارية رئيس فرع الحزب في دمت. وهو كان في مقدمة الصفوف دفاعاً واستماتة عن الشرعية والمؤتمر خلال أحداث أزمة 2011 وما بعدها، ولا يبزه أحد غيره في الولاء والتضحية والبذل. فالله المستعان.