أبناء عدن يستقبلون شهر رمضان بطوابير طويلة ومعاناة مضاعفة إثر فساد حكومي مروّع
مع قرب حلول شهر رمضان المبارك، يستقبل أبناء عدن (جنوبي اليمن)، شهر رمصان الفضيل بخدمات غائبة، ومعاناة مضاعفة، ازدادت حدتها مع تغول الفساد في الحكومة الذي أصاب مسؤوليها بالتخمة، علاوة على "جوع حاد" يفتك بثلثي سكان المحافظة، بحسب تقديرات مستخلصة من تحذير أممي.
وقالت الأمم المتحدة، في تحذير لها الخميس، إن "ما يقرب من 21 مليون شخص في اليمن من اجمالي السكان البالغ 30 مليون نسمة، بحاجة إلى مساعدات إنسانية منقذة للحياة بما في ذلك 11.3 مليون طفل أو ما يقرب من 80 في المائة من الأطفال"، ما يعني أن ثلثي سكان المحافظات اليمنية يعانون من جوع حاد.
رواتب متدنية
ويؤكد سكان محليون لوكالة "خبر"، أن أغلب المواد الغذائية والاحتياجات الرمضانية ارتفعت هذا العام لأكثر من 120 بالمئة، بعد ان تخطت قيمة كيس دقيق القمح 50كجم حاجز 40 ألفا حتى اليوم الاثنين، بزيادة 22 ألفا عن العام الماضي، واكثر من 37 ألفا مقارنة بما قبل العام 2011م، كذلك هي بقية السلع.
ولأول مرة منذ بداية الحرب في البلاد ارتفعت قيمة قرص الخبز في عدن إلى 65 ريالاً، في أسوأ أزمة اقتصادية يواجهها المواطن بعد أن تنصلت الحكومة من مسؤوليتها.
وفشل المواطنون في البحث عن حلول بديلة، سيما ومعظمهم لجأوا إلى بيع مقتنيات عائلاتهم من الذهب والمجوهرات لتوفير قيمة الغذاء، في حين سبق لآخرين أن باعوا مثل هكذا مقتنيات أو إرث قديم لهم، لتسديد مديونية ايجارات المسكن المتراكمة إثر عدم انتظام صرف الرواتب الحكومية. وهو ما أكده "ع. إ"، موظف حكومي، بعد أن هدده مرارا مالك الشقة التي يقطنها، بطرد افراد عائلته نتيحة تراكم الايجارات عليه.
اقرأ أيضاً.. عدن: طوابير طويلة أمام محطة وحيدة لتعبئة الغاز أنهت عملها خلال ساعات
وبحسب موظفين حكوميين في قطاعات الصحة والتعليم وغيرها، متوسط الراتب الشهري لا يتجاوز 60 الف ريال، ما يعادل 48 دولارا امريكيا "سعر الصرف 1250 ريالا"، بعد ان كان قبل العام 2011 يقارب 275 دولارا "سعر صرف الدولار 215 ريالاً".
وفي وقت سابق، قال اساتذة جامعة عدن إن رواتبهم أصبحت حاليا لا تتجاوز 150 دولارا، بعد ان كانت تساوي ألفي دولار.
فساد حكومي
وبالكاد أصبح الراتب الشهري يغطي إيجار المسكن فقط، ما دفع موظفين حكوميين من مهن مختلفة بينهم ضباط واساتذة جامعات وتربويون يعملون في القطاع الخاص لتغطية جزء من قيمة الغذاء وطرق ابواب المنظمات الدولية لمساعدتهم في تغطية الجزء الآخر، ولكن جميعهم لا ينجحون بذلك.
وبالرغم من حالة البؤس التي تخيم على ابناء المحافظة كسائر المحافظات، إلا ان الحكومة اليمنية بكامل وزرائها ووكلاء الوزارات وغيرهم في داخل وخارج البلاد مستمرون بتقاضي رواتبهم الشهرية ونثرياتهم اليومية بالعملة الصعبة، غير مكترثين لتبعات ذلك على قيمة العملة التي اصبح انهيارها مفيدا بالنسبة لهم.
وامتد الفساد الحكومي إلى استغلال المنصب العام وتسخير مصالح الدولة لصالح عائلاتم واقاربهم بتعيينهم في السفارات والقنصليات والملحقيات، بحسب ما كشفته تقارير سابقة.
وتتسع دائرة المعاناة في عدن الساحلية مع قرب حلول شهر رمضان وفصل الصيف الحار، إثر ارتفاع ساعات انقطاع التيار الكهربائي إلى نحو 16 ساعة كل 24 ساعة. مما يضاعف معاناة كبار السن والمرضى والأطفال.
طوابير طويلة
ويزداد الأمر سوءاً مع احتدام أزمة المشتقات النفطية ومادة الغاز المنزلي، حيث بلغ سعر صفيحة البنزين 20 لتراً في السوق السوداء 36 ألف ريال، واسطوانة الغاز 20 لتراً، 20 ألفا، مع اختفاء الأخيرة كليا من السوق السوداء منذ نحو أسبوعين ووجودها في معظم المحطات الخاصة التي تفتح ابوابها لمدة ساعتين أو ثلاث في الأسبوع.
وتتفاقم المعاناة، مع استقبال المواطنين الشهر الفضيل في طوابير طويلة امام محطات الغاز المغلقة ترقبا لساعة الحظ على أمل الحصول على مادة الغاز المنزلي.
وتقابل الحكومة اليمنية الأزمات الخانقة بصمت مريب، دون اتخاذ أدنى التدابير اللازمة لمجابهتها وتخفيف المعاناة عن كاهل المواطن. كذلك حال سائقي المركبات الذين يبحثون عن نفس المادة او وقود البنزين لتحريك مركباتهم واعالة ذويهم.
وحتى مساء اليوم الاثنين بلغت قيمة شراء الدولار الأمريكي الواحد 1250 ريالا، والريال السعودي 327 ريالاً.