مراكز الحوثي الصيفية.. بوابة عبور الأطفال إلى الجحيم والحكومة تكتفي بالهتشاقات لمواجهتها
مع نهاية كل عام دراسي تنشط مليشيات الحوثي الإرهابية، وتستنفر كل طاقتها وإمكاناتها لاستغلال طلاب المدارس الواقعين تحت نفوذها لغسل أدمغتهم وتحويل جيل المستقبل إلى قنابل موقوتة تهدد حاضر ومستقبل اليمن.
تتخذ المليشيات الحوثية من المخيمات الصيفية -التي تقيمها كل عام وتنفق عليها أموالاً طائلة وتبذل من أجلها جهوداً كبيرة وتوليها اهتماماً بالغاً- فرصة ذهبية بالنسبة لها لنشر أفكارها المستنسخة من التجربة الإيرانية وفكرها الكهنوتي القائم على الخرافة والأباطيل، وتسويقها في أوساط النشء حديثي السن من مختلف المراحل الدراسية.
فبالرغم من الإهمال الممنهج للتعليم الرسمي المدرسي والجامعي، إلا أنها تولي المراكز والمخيمات الصيفية اهتماماً بالغاً، وتخصص لها الموازنات وتحشد لها خلاياها في أوساط المجتمع، مستغلة تجييش الرأي العام للضغط على أولياء الأمور للدفع بأبنائهم للانخراط في المعسكرات الحوثية الصيفية.
هذه المفارقات تترك أكثر من علامة استفهام، حول التهميش المتعمد للتعليم الحكومي، بالرغم من تحريف المناهج الدراسية وتفخيخها بالأفكار الحوثية وتقديس رموز المليشيات، وتضمين المناهج مفاهيم ترسخ أحقية الحكم الكنهوتي للسلالة، إلا أن الاهتمام بالمراكز الصيفية يحظى بالنصيب الأكبر إطلاقاً، والإجابة واضحة في أن مخرجات المراكز الصيفية تخدم المليشيات بشكل مباشر وواضح.
يؤكد مراقبون أن المخرجات من هذه المعسكرات إما مناصرون للمليشيات ومستخدمون لها بشكل مباشر في قراهم وأحيائهم، التي يعودون إليها في أسوأ الأحوال، إن لم يكونوا مع مرور الوقت مرشدين في المساجد والمجالس والمناسبات والاحتفالات والمهرجانات، أو مقاتلون في الجبهات، فالمراكز الصيفية صارت بمثابة مهرجان تنسيب إجباري لعضوية المليشيات مع دورة غسل أدمغة الملتحقين بصفوفها.
تتعدد خطورة هذه المراكز على مختلف المستويات، أولاً فيما يتعلق بخطورتها على الأطفال، من حرفهم من طريقهم الصحيح في الحياة وتحويلهم إلى مجرد أدوات لترسيخ حكم الحوثي في اليمن، ناهيك عن تهديد البلد بيد أبنائه وأطفاله وإحكام القبضة الإيرانية على اليمن بيد جيل المستقبل في أكبر تهديد مباشر كنتيجة لتحريف وتعديل المناهج التعليمية، ناهيك عن الأفكار الحوثية التي يتلقاها الطلاب والأطفال سيجعل الموت طريقاً إجبارياً لكسب أرزاقهم، فلم تعلمهم المليشيات حرفة أو تخصصاً لكسب قوتهم في المستقبل سوى الرصاص وثقافة العنف والموت، مما يبشر بمستقبل حالك الظلام.
توجه المليشيات نحو عسكرة الأطفال وتجنيدهم مستمر رغم توقيعها اتفاقاً مع الأمم المتحدة وخطة عمل تهدف إلى منع تجنيد الأطفال في الحرب وحماية المرافق التعليمية، بعد ما نشر فريق خبراء الأمم المتحدة تقريراً في يناير من العام 2022، كشف عن امتلاكه قائمة تضم 1406 أطفال تتراوح أعمارهم بين 10 و17 عاماً، جنّدهم المتمردون ولقوا حتفهم في الحرب سنة 2020، ناهيك عن تقارير حقوقية تؤكد تجنيد المليشيات الحوثية لأكثر من ثلاثين ألف طفل والدفع بهم إلى محارق الموت.
كل هذه المخاطر متعددة المستويات، مستمرة وتحدق بحاضر ومستقبل أطفال اليمن، دون أن تحرك الحكومة الشرعية أي ساكن، على الانتهاكات والتعسفات الحوثية بحق التعليم أو بحق الأطفال في مختلف مراحل الصراع في البلد.
فتغيير المناهج وتحريفها وطباعتها وتسريح المعلمين، مر دون أي مقاومة أو تصعيد من الحكومة الشرعية، حتى إن هذه المضامين لم يتم إدراجها كأولويات في ملف المفاوضات مع المليشيات الحوثية، كما لم تضغط الدبلوماسية الشرعية باتجاه تصعيد الموضوع في المحافل الدولية، وفي بيانات مجلس الأمن وتحويل ذلك على شكل مواقف دولية ضاغطة على المليشيات لرفع يدها عن التجنيد العسكري والفكري الإجباري بحق الأطفال وانتهاك حقوقهم.
كما أن المراكز الصيفية منذ بدئها وتخصيص الموازنات الضخمة لها من قبل المليشيات، لم تواجهها الحكومة الشرعية بأي شكل من الأشكال، لا من حيث الدعاية المضادة، بتحشيد الإعلام الرسمي والمساند، وتخصيص الموازنات الكافية لعملة حملة توعوية كبيرة لإيضاح المقاصد الحوثية من هذه المعسكرات الصيفية، وتوعية أولياء الأمور بخطورة دفع أبنائهم للانخراط فيها.
حتى وزارة الشباب أو الإرشاد في الحكومة الشرعية لم تنظم أي مخيمات أو أنشطة صيفية لتحصين النشء والشباب، وترسيخ المفاهيم والقيم الوطنية لديهم بما يولد جيلا متسلحا بقيم وأهداف الثورة اليمنية، ومستعدا للدفاع عنها والتضحية في سبيلها، كما يلاحظ تخاذل واضح في دور وزارة الأوقاف في عمل حملات توعوية في المساجد وخلال خطب الجمعة وعمل الدورات للواعظين والمرشدين لتحصين الناس حول مخاطر المخيمات الحوثية العنصرية، باعتبار أن كل هذه التوعية ستنعكس حتماً على مناطق الحوثي.
اقتصر الدور الحكومي على الحملات الإلكترونية في وسائل التواصل الاجتماعي، ينفذها بعض الناشطين دون أي دور حقيقي على الميدان وسرعان ما ينتهي مفعول هذه الحملات الإلكترونية على اعتبار أن غالبية أبناء اليمن لم يعودوا من مستخدمي وسائل التواصل، نظراً لارتفاع كلفة الاتصالات والانترنت أو لانقطاع الكهرباء أو لمشكلات في التغطية والشبكة.
ويظل السؤال الأهم والأبرز، إلى متى ستظل الحكومة الشرعية تواجه المخاطر الحوثية بالهشتاقات، وتغيب عن دورها الحقيقي في الميدان؟!