مجازر القاعدة تشق طريق الحوثيين إلى معاقله البكر (تقرير)

تبدو الحالة اليمنية مقلقة مع دخول تنظيم القاعدة مرحلة جديدة من الاستهداف عبر عمليات انتحارية في غير بقعة يمنية، تحقق أهدافه بسلاسة وتتيح استعادة زمام المبادرة ميدانياً.

وفيما يبدو أن التفوق الملحوظ في القوة لصالح معسكر الحوثيين، اضطر تنظيم القاعدة إلى إعادة النظر في استراتيجية المواجهة، وصولاً إلى تغيير التكتيك القتالي التقليدي، والانتقال إلى أسلوب الهجمات الانتحارية الغادرة.

ففي غضون أيام من تنفيذ مقاتلي القاعدة هجومين متزامنين باستخدام سيارتين مفخختين على حافلة مدرسية تقل طالبات برداع وسط البلاد، فجر انتحاري يرتدي حزاماً ناسفاً نفسه داخل المركز الثقافي بمدينة إب موقعاً 45 قتيلاً وجريحاً.

وعكس التفجيران الإرهابيان في مدينتي رداع وإب، حالة من الارتباك تسيطر على القاعديين، خاصة وأن العدد الأكبر من الضحايا أطفال ومدنيون أبرياء. في وقت عززت حقيقة أن التنظيم يخوض حربًا مجنونة بدافع القتل فقط.

ويخوض مقاتلو القاعدة حرباً مفتوحة على جبهتين: الأولى، ضد قوات الجيش والأمن. والثانية، مع مسلحي جماعة الحوثي، إذ نفذ التنظيم هجمات انتحارية خاطفة استهدفت تجمعات للحوثيين، ومواقع عسكرية في غير بقعة يمنية، مخلفة أعداداً كبيرة من الضحايا، قتلى وجرحى.

ويذهب المحللون إلى أن القاعدة استشعر الخطر بعد التقدم الذي أحرزه الحوثيون في مناطق سيطرته، ومن هنا التجأ الطرف الأضعف في المواجهة إلى أسلوب العمليات الانتحارية باعتبارها آخر الوسائل الممكنة بالنسبة له.

ويعزز هذا الاتجاه، تقادم الهجمات الانتحارية في غضون المعارك الأخيرة بمدينة رداع وسط البلاد، إذ أظهرت تفوقاً قتالياً لمسلحي جماعة أنصار الله، على امتداد خط المواجهة، ونتيجة ذلك عاد التنظيم لأسلوب العمليات الفردية باستخدام السيارات المفخخة والانتحاريين.

وشهدت الأيام التي أعقبت طرد مقاتلي أنصار الشريعة من معاقلهم الرئيسة بمنطقة رداع التابعة لمحافظة البيضاء، تصعيداً ملحوظاً للعمليات الانتحارية، إذ نفذ التنظيم هجمات متتالية على أهداف غير محددة، اتسمت بالقتل العشوائي.

وبدت مؤشرات الهزيمة بصورة أكثر جلاءً الأيام القليلة الماضية، اذ لم يصمد التنظيم في المناطق التي أعلنت جماعة الحوثي الحرب فيها، متخذاً بدلاً من مواجهة مقاتلي أنصار الله، وقوات الجيش، قرار القيام بعمليات انتقامية تركت خسائر كبيرة في المعدات والأرواح.

نقل المعركة إلى المعاقل البكر

يتوقع محللون يمنيون، أن تشهد البلاد موجة جديدة من العنف بين تنظيم القاعدة وجماعة الحوثيين، مرجحين اتساع خارطة المواجهات المسلحة، وتمددها إلى مناطق تمركز مقاتلي أنصار الشريعة.

ويستند هؤلاء، إلى أن عمليات القتل عبر التفجيرات الانتحارية، التي ينفذها القاعدة، من وقت لآخر، تعطي الحوثيين المبرر لإعلان حرب شاملة وتوسيع خارطتها لتشمل المعاقل البديلة للتنظيم.

ويرى متابعون يمنيون، أن ثمة مبررات تستند إليها الحركة الحوثية في حربها على مسلحي أنصار الشريعة، مع غض السلطات الرسمية الطرف عن التصعيد القاعدي وتواتر استهداف مواقع الجيش والأمن، في مناطق وسط وجنوب وشرق اليمن.

وإلى جانب تكثيف القاعدة للهجمات الانتحارية بحق مدنيين وموالين لجماعة الحوثي، يوفر استدعاء التنظيم للمعطى الطائفي والمذهبي، من خلال تكثيف الخطاب الإعلامي التحريضي الذي ظل يعزف عليه في الآونة الأخيرة، سبباً موضوعياً لانتقال أنصار الله ومباغتته في معاقله البكر، خاصة أن القاعدة لا يملك مقرات وأماكن واضحة يمكن استهدافها، في مناطق المواجهة الحالية، بعكس الحوثيين الذين باتت عناوين تواجدهم معروفة وخاصة في العاصمة.

وتشير المعطيات الميدانية، إلى أن القاعدة سيضاعف استهداف مواقع المسلحين الحوثيين في مناطق تواجدهم خلال الفترة المقبلة، عبر الهجمات الانتحارية المباغتة، خاصة بعد خسارة التنظيم في مناطق إب ورداع وأرحب، وتبلور قناعة لدى قياداته بعدم جدوى الاستمرار في المواجهة المباشرة.

التمركز في حضرموت

من خلال خارطة الأحداث يتمركز التنظيم بقوة في محافظة حضرموت في أقصى الشرق، وبنسبة أقل في محافظتي شبوة وأبين، فيما قل حضوره في محافظة البيضاء، بعد أن كان منتشراً بكثافة.

التركيز على حضرموت جاء لأسباب أبرزها المساحة الكبيرة للمحافظة (نحو 193 ألف كم مربع) ما أتاح لعناصر التنظيم حرية الحركة في المناطق السهلية والجبلية، بعيداً من عيون الأمن والجيش الذي يعاني ضعفاً على كل الصعد، واستفاد التنظيم من المناطق الصحراوية الفارغة على الحدود بين محافظات مأرب وحضرموت وشبوة، وهي المناطق التي يتنقل عبرها أفراد التنظيم من محافظة لأخرى.

ويمتلك التنظيم أموالاً كثيرة، نُهبت من البنوك في حضرموت، إضافة إلى الأموال التي يحصل عليها من خلال جمع فديات عمليات اختطاف الأجانب، أما الأسلحة فيستولي عليها كمغانم، من المناطق العسكرية والمعسكرات والألوية التي يهاجمها.