"اغتصاب الرجال والنساء".. ناشطون يكشفون ما يحدث بسجون إيران

بين حديث عن "تعذيب ممنهج وانتهاكات لحقوق الإنسان واغتصاب للرجال والنساء"، ووصف للمتهمين بـ"العملاء للخارج وأدوات نشر الفوضى"، تشهد الأوساط الإيرانية حالة جدل حول حقيقة ما يحدث داخل "سجون إيران"، وهو ما يكشفه نشطاء تحدث معهم موقع "الحرة".

وحثت الإيرانية المسجونة الحائزة على نوبل للسلام، نرجس محمدي، الإيرانيين على الاحتجاج على ما وصفتها بـ"الحرب الشاملة ضد النساء" بعدما كثّفت السلطات حملتها الأمنية الرامية لإجبار النساء على الالتزام بقواعد اللباس الإسلامية المفروضة في البلاد.

وحضت محمدي المسجونة في سجن "إيفين" في طهران الإيرانيات على مشاركة ما تعرضن له من "التوقيف والاعتداء الجنسي" بأيدي السلطات عبر صفحتها على إنستغرام.

ماذا يحدث داخل "إيفين"؟

يقع سجن "إيفين" على سفوح تلال على الطرف الشمالي لطهران، ويضم مدانين جنائيين ومعتقلين سياسيين، وتحتجز السلطات الإيرانية داخله العديد من المعتقلين السياسيين ومزدوجي الجنسية في إيران.

وهذا السجن معروف بإساءة معاملة السجناء السياسيين، كما أنه يضم سجناء أجانب، وفي عام 2018، أدرجته الحكومة الأميركية على قائمة سوداء بسبب ما يشهده من "انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان".

ولذلك، يصف الباحث في المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، محمد خيري، سجن "إيفين" بـ "سيئ السمعة" نظرا لما أثير بشأنه من تعرض نزلاء ونزيلات في ذلك السجن من انتهاكات جسدية".

وتقوم سلطات السجن باستخدام "التعذيب الجسدي ضد نزلاء السجن الذي يضم الأكاديميين ومزدوجي الجنسية والنشطاء السياسيين والحقوقيين"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ويشير إلى تقارير محلية إيرانية وأخرى صادرة عن منظمات حقوقية دولية تتحدث عن "انتهاكات موسعة داخل السجن، ومنها التهديد بالتعذيب والسجن لمدد غير محددة قانونا، وإجراء استجوابات طويلة معهم وحرمان السجناء من الرعاية الطبية".

غيض من فيض؟

يؤكد المعارض الإيراني المقيم في لندن، وجدان عبدالرحمن، أن  الحديث عن "الاغتصاب والتعذيب النفسي والجسدي والضرب المبرح في (إيفين)، هو غيض من فيض لممارسات تحدث داخل جميع السجون الإيرانية تقريبا".

و"التعذيب والاعتداء الجنسي والضرب المبرح لحد الموت"، يحدث في جميع السجون بجميع الأراضي الإيرانية، وهذا الأمر "لا يقتصر على منطقة بعينها" داخل إيران، وفق حديثه لموقع "الحرة".

ويتبع النظام الإيراني سياسة "التعذيب لحد القتل والاعتداء الجنسي على الرجال والنساء على حد سواء" ويحدث ذلك داخل سجون بمناطق "الأهواز وطهران وبلوشستان وكردستان ومحافظات الوسط بالداخل الإيراني" دون تفريق، حسبما يكشف عبد الرحمن.

والاثنين، قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إن قوات الأمن "اغتصبت وعذبت واعتدت جنسيا على المعتقلات" خلال الحملة الأمنية التي هدفت لقمع الاحتجاجات التي خرجت في أنحاء البلاد عامي 2022 و2023.

وأفادت المنظمة الحقوقية بأنها حققت في انتهاكات طاولت عشرة معتقلين من مناطق تضم أقليات من الأكراد والبلوش والآذريين.

وفي ديسمبر عام 2023، أصدرت "منظمة العفو الدولية"، تقريرا من 120 صفحة يوثق أن قوات الأمن "استخدمت الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي"، وذلك "لترهيب المتظاهرين السلميين ومعاقبتهم إبان انتفاضة "المرأة – الحياة – الحرية" التي اندلعت عام 2022".

وفي 27 أغسطس 2021، نشرت "منظمة العفو الدولية" تقريرا يتحدث عن "انتهاكات مروعة بحق السجناء داخل السجن"، بعد تسريبات كشفت عما يدور داخله".

وكشفت لقطات كاميرات المراقبة المسربة من سجن إيفين، تلك الانتهاكات، والتي تشير لقيام مسؤولي السجون في إيران بتعريض "المحتجزين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة"، وفق المنظمة.

وفي 22 أغسطس 2021، نشرت وسائل إعلام مستقلة، مقرها خارج إيران، عددا متزايدا من مقاطع الفيديو المسربة الواردة من مجموعة تطلق على نفسها اسم "عدالة علي" والتي اخترقت كاميرات المراقبة الأمنية في سجن إيفين بطهران".

وحللت المنظمة 16 مقطع فيديو مسرب، تم الحصول عليها من وسائل إعلام إيرانية مستقلة، والتي تقدم أدلة بصرية مروعة على "عمليات الضرب، والتحرش الجنسي، والإهمال المتعمد، وسوء المعاملة بحق سجناء يحتاجون إلى رعاية طبية"، والتي وثقتها منظمة العفو الدولية لسنوات. ‎

وكشفت مقاطع الفيديو عن "الاكتظاظ المزمن، والحبس الانفرادي في ظروف السجن القاسية واللاإنسانية"، وفقا للمنظمة.

وتظهر سبعة من مقاطع الفيديو الـ16 حراس سجن يضربون السجناء أو يسيئون معاملتهم، بينما تظهر ثلاثة مقاطع أخرى غرف سجون مكتظة؛ وثلاثة غيرها حالات من الاعتداء على النزلاء من قبل نزلاء آخرين، ويظهر مقطعان حالتين لإيذاء النفس؛ ومقطع آخر زنزانة انفرادية تسودها ظروف قاسية وغير إنسانية، وفقا لـ" منظمة العفو الدولية".

وفي أحد مقاطع الفيديو المؤرخة في 31 مارس 2021، شوهد مسؤول في السجن يتعدى بالضرب على أحد السجناء، ويصفعه على وجهه في وجود مجموعة من السجناء، ما تسبب، على ما يبدو، في نزيف أنف الضحية. ‎

وفي مقطع آخر، بتاريخ 21 ديسمبر 2020، شوهد اثنان من مسؤولي السجن يدفعان بقوة سجينا مكبل اليدين، ويضربانه ويركلانه على رأسه وظهره بحضور عدة مسؤولين آخرين، ثم يسحبانه على الأرض.

وأظهرت أربعة مقاطع حادثة وقعت في 26 أبريل 2021، حيث أغمي على سجين واهن بوضوح في فناء السجن، بعد خروجه من إحدى السيارات. وشوهد الحراس يتجاهلونه بتهور ثم يسحبونه، وهو شبه واعٍ، على الأرض، عبر السجن وصعوداً على الدرج، وشوهد العديد من الموظفين يتفرجون أو يمرون قرب الرجل المصاب من دون اكتراث.، وفقا لمنظمة "العفو الدولية".

كما يُظهر مقطع، مؤرخ في 9 ديسمبر 2015، رجلا يُطلب منه خلع ملابسه أمام أحد الحراس، ثم أُمر بجلوس القرفصاء على الأرض عاريا ووجهه إلى الحائط، بينما شوهد حارس جالس خلفه على كرسي يُفتش بهدوء في ملابسه الداخلية وسرواله بحثاً عن أشياء ممنوعة.

وتُظهر ثلاثة مقاطع، مؤرخة في 11 يونيو 2016 و15 يناير/ 2020 و4 فبراير 2021، غرف سجن مكتظة فيها أسرة من ثلاثة طوابق تتسع لما بين 15 و18 شخصاً متراصين فيها.

كما يُظهر مقطع آخر، غير مؤرخ، زنزانة حبس انفرادي صغيرة بلا سرير، فيها مرحاض قرفصاء في الزاوية.

كما اطلعت منظمة العفو الدولية على مقطعين يصوران حالة إيذاء النفس، بتاريخ 4 يناير 2020 و23 يوليو 2016، وثلاثة مقاطع تظهر حوادث الاعتداء على النزلاء من قبل نزلاء آخرين.