جثث مقطعة وأطفال بلا رؤوس.. .. صحف أمريكية تسلط الضوء على مجزرة الاحتلال برفح وتنقل تفاصيل مروعة لما حدث

سلَّطت صحف أمريكية الضوء على مجزرة الخيام برفح جنوبي القطاع، ونقلت عن شهود عيان تفاصيل مروعة للحدث الذي أسفر عن استشهاد 45 فلسطينياً، وأثار ردود فعل عالمية غاضبة.

فقد أثارت "المجزرة" انتقادات إقليمية ودولية حادة لإسرائيل، مع اتهامات بتحدي قرارات الشرعية الدولية، ودعوات لفرض عقوبات والضغط عليها لإنهاء "الإبادة الجماعية" ووقف العدوان البري المتواصل على رفح منذ 6 مايو/أيار الجاري.

جثث متفحمة ونيران انتشرت بالمخيم

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن الشاب بلال السبتي (30 عاماً)، أنه شاهد جثثاً متفحمة بين أنقاض المخيم في منطقة تل السلطان برفح، وأشخاصاً كانوا يصرخون وسط محاولات رجال الإطفاء إخماد النيران.

حيث أضاف أن "النيران كانت قوية للغاية وانتشرت في جميع أنحاء المخيم"، مشيراً إلى أن شظايا الغارة مزقت الخيمة التي كان يقيم فيها مع زوجته وطفليه، لكن لم يصابوا بأذى.

وتساءل: "ما نوع الخيمة التي يمكنها حمايتنا من الصواريخ والشظايا؟!".

فيما قال عدلي أبو طه (33 عاماً)، وهو صحفي مستقل كان متواجداً في مستشفى ميداني قريب يديره الهلال الأحمر الإماراتي، إن القتلى والجرحى بدأوا في الوصول إلى هناك بعد وقت قصير بعد دوي انفجارين.

وأشار إلى أن "العديد من الجرحى وصلوا دون طرف أو أكثر، ومصابين بحروق بالغة، وبات المستشفى مكتظاً بشكل سريع".

إلى ذلك عندما ذهب أبو طه إلى المخيم صباح الإثنين، أوضح أن كل ما استطاع رؤيته هو "الدمار المقرون برائحة الدخان واللحم البشري المحترق"، مضيفاً أن بعض العائلات كانت تفكك خيامها وتستعد للبحث عن مكان آخر للاحتماء به.

أغلب الضحايا من الأطفال والنساء

فيما قال الدكتور مروان الهمص الذي كان متواجداً في مركز تل السلطان الصحي برفح، إن أغلب الضحايا والجرحى من الأطفال والنساء.

وأضاف: "العديد من الجثث كانت مصابة بحروق شديدة، وكانت أطرافها مبتورة، وممزقة إرباً".

فيما تحدث محمد أبو غانم (26 عاماً)، أنه و13 شخصاً آخرين كانوا يحتمون في خيمة، ويتساءلون إلى أين يذهبون.

وتابع: "سمعت أن كل مكان يتعرض للقصف، وليس لديَّ نقود لدفع ثمن الشاحنات التي تقوم بإجلاء الناس"، مضيفاً: "ليس لدينا خيار آخر سوى البقاء هنا وانتظار الموت".

الوجوه تآكلت واختفت الملامح تماماً

من جهته قال محمد الحيلة (35 عاماً)، لصحيفة "واشنطن بوست"، إنه كان في طريقه لشراء بعض السلع، قبل أن يشاهد وميضاً ضخماً تبعته انفجارات متتالية، ثم تصاعدت ألسنة اللهب.

وتابع الرجل الذي نزح من وسط غزة إلى رفح: "شعرت وكأن جسدي يتجمد من الخوف"، قبل أن يركض ليبحث عن أقاربه.

في وصفه للمشهد قال الحيلة: "رأيت ألسنة اللهب تتصاعد، وجثثاً متفحمة وأشخاصاً يركضون في كل مكان وسمعت أصواتاً تعلو طلباً للمساعدة.. كنا عاجزين عن إنقاذهم".

كما نوَّه بأنه فقد 7 من أقاربه في الهجوم، كان أكبرهم يبلغ من العمر 70 عاماً، بجانب 4 أطفال.

وأضاف: "لم نتمكن من التعرف عليهم حتى صباح اليوم بسبب جثثهم المتفحمة.. تآكلت الوجوه، واختفت الملامح تماماً".

جثث مقطعة وأطفال بلا رؤوس

من جانبه، قال أحمد الرحل (30 عاماً) إنه لا يزال يسمع أصوات الصراخ في أذنيه، وأوضح أنه وأسرته كانوا يستعدون للنوم حينما سمعوا انفجارات كبيرة هزت خيمتهم.

وأضاف: "لم يكن أحد يعرف ماذا يفعل.. هرع إلينا الأطفال الذين كانوا مع ذويهم في تلك الخيام، طالبين منا إنقاذ ذويهم الذين كانوا يحترقون".

حيث أشار إلى أنه كان لديه طفاية حريق وذهب للمساعدة، متابعاً: "لم أكن أعلم كيف أساعد الناس وهم يحترقون"، مضيفاً أنه شاهد حوله "جثثاً مقطعة وأخرى متفحمة وأطفالاً بلا رؤوس وجثثاً وكأنها ذابت".

ولم يكن هناك ماء لإطفاء الحريق الذي التهم الخيم القماشية والبلاستيكية. وقال الرجل إن عبوات الغاز المستخدمة في الطهي انفجرت في المكان، مضيفاً: "رأيت بأمّ عيني شخصاً يحترق ويصرخ طلباً للمساعدة، ولم أتمكن من إنقاذ حياته".

أما محمد أبو شحمة (45 عاماً)، فهرع لتفقد عائلته عندما سمع بانتشار الحريق، وقد كانت خيمة أخيه على بعد حوالي ربع ميل من موقع الهجوم، واعتقد أنه بمكان آمن.

لكنه وجد شقيقه وهو أب لعشرة أطفال، وابنة أخته فلسطين (3 أعوام) قد قُتلا، حيث كانت الدماء متناثرة في كل مكان.

وإلى الغرب، في عيادة تديرها هيئة طبية دولية، وصف جراح التجميل أحمد المخللاتي أفراد الأسرة الذين يبحثون بيأس عن أحبائهم، موضحاً أن "فتاة صغيرة كانت تسأل كل من مرت به إذا كان قد رأى والديها"، مشيراً إلى أنهما كانا من بين القتلى.

وأضاف الطبيب أن العديد من الأشخاص وصلوا مصابين بجروح مروعة، واحتاجوا إلى عمليات بتر، حيث تطايرت الشظايا واخترقت خيام الناس.

مخللاتي قال إنه خلال ليلة مرهقة وشاقة، أجرى هو وزملاؤه ما لا يقل عن 12 ساعة من العمليات الجراحية.

فيما نفدت القفازات الطبية وغيرها من الإمدادات الأساسية لعلاج الجروح المفتوحة. وقال: "لقد نفد كل شيء، حرفياً".

وروى مخللاتي إجراء عملية جراحية لطفلة تبلغ من العمر 6 سنوات مصابة بشظايا عميقة امتدت من فخذها إلى بطنها، لكنها توفيت في وقت مبكر من صباح الإثنين.

يُشار إلى أن مخيم النازحين في تل السلطان كان خارج منطقة الإخلاء التي حددتها إسرائيل في رفح، فيما لم يصدر أمر للسكان بالمغادرة قبل الغارات.