تصاعد إعدامات المتخابرين في غزة

مُقاتلان من «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» (أرشيفية - رويترز)

ازدادت خلال الأسابيع الماضية عمليات قام بها مسلحون من أجنحة عسكرية لفصائل فلسطينية مختلفة في غزة، بإعدام مشتبه فيهم بالتخابر لصالح الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، شملت تقديم معلومات حول شخصيات قيادية ونشطاء ومنازلهم وغيرها من الأهداف التي قصفتها إسرائيل وتسببت بمقتل وإصابة العديد منهم.

ورصد مراسل «الشرق الأوسط» إعدام ما لا يقل عن خمسة فلسطينيين مشتبه بهم في الأيام الثلاثة الماضية في مدينة غزة وحدها، ما بين إطلاق نار وشنق، تم العثور على جثامينهم في ظروف مختلفة. وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن هناك عملاً أمنياً مكثفاً من الأجهزة الأمنية والاستخباراتية التابعة للأجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية، بهدف ملاحقة من يعتقدون أنهم متخابرون، ثم يتم التحقيق معهم قبل اتخاذ أي إجراء ضدهم، بما في ذلك الإعدام أو وضعهم تحت الإقامة الجبرية أو فرض ضربهم أو إطلاق النار على أقدامهم مع تحذيرهم من التعاون مع الاحتلال.

وبينت المصادر أن «أي قرار بالإعدام يتخذ إذا تسبب المتخابر في مقتل مواطنين أو في الإضرار بمقدرات معينة مثل تحديد أماكن أسرى إسرائيليين، أو تسبب بقصف الأماكن التي يوجدون فيها».

الحاجة للمال والطعام

ولفتت المصادر إلى أن زيادة الإعدامات تزامنت مع زيادة عمليات النهب والسرقة، إذ تستغل إسرائيل حاجة الشبان الفلسطينيين للمال والطعام لتجنيدهم وزيادة أعدادهم. وأوضحت المصادر أيضاً أن عمليات السرقة والنهب كشفت عن العديد من المتخابرين الذين «تبين أنهم شاركوا في التسبب بقتل عناصر حكومية ونشطاء من الفصائل الفلسطينية، وتم إعدام عدد منهم».

وأشارت إلى أن الذين تورطوا في السرقات ولكن لم يثبت عليهم أي تخابر مع الاحتلال، فقد تم التعامل معهم بطرق مختلفة «مثل إطلاق النار على أقدامهم أو ضربهم أو توجيه تحذيرات لهم من المشاركة التخابر مع إسرائيل بهدف تجنيدهم».

وقالت مصادر من «حماس» لـ «الشرق الأوسط» إن «أي قرار بإعدام أي متخابر يتم وفق الحالة الثورية الفلسطينية لوضع حد لهذه الظاهرة التي تحاول إسرائيل استغلالها بهدف قتل أكبر عدد ممكن من القيادات والمقاومين. وأحياناً تقصف إسرائيل أهدافاً وهمية لإيهام المتخابرين أن بداخلها هدفاً ثميناً، بينما يكون القتل لمجرد الانتقام... وهذا ما ثبت لنا في العديد من التحقيقات».

وأضافت المصادر أن المخابرات الإسرائيلية، منذ بداية الحرب الحالية، كثفت محاولاتها لتجنيد الفلسطينيين بهدف الحصول على بنك أهداف لصالحها. وأشارت إلى أن «بعض الفصائل أعدمت متخابرين من بين عناصرها، رغم أن عددهم محدود جداً».

ملاحقة المتخابرين

وقالت المصادر، إنه رغم ما تعرضت له الأجهزة الأمنية التابعة للفصائل الفلسطينية للعديد من الضربات الإسرائيلية، فإنها ما زالت قادرة على كشف وملاحقة المتخابرين مع إسرائيل، ونجحت في عدة مرات في الكشف عن بعضهم قبل أن ينقلوا معلومات إلى أجهزة الأمن الإسرائيلية حول أهداف مهمة.

ولسنوات عملت حكومة «حماس» في غزة بالتعاون مع أجهزة أمن الفصائل الفلسطينية الفاعلة، على ملاحقة المتخابرين مع إسرائيل وكانت تقدمهم لمحاكم عسكرية تصدر بحقهم أحكاماً مختلفة، منها الإعدام. وفي فترات معينة كانت الحركة تنفذ إعدامات بحق بعض المتخابرين، لكنها كانت في فترات أخرى تتراجع تحت ضغوط تمارس على قيادة الحركة التي كانت تسعى إلى تحسين صورتها أمام المجتمع الدولي الذي كان ينتقد تلك الإعدامات.

وخلال الحروب التي شهدها قطاع غزة، أعدمت «حماس» وفصائل فلسطينية أخرى، العديد ممن كانت صدرت بحقهم أحكام إعدام، الأمر الذي أثار استياء المجتمع الدولي، خاصةً بعد نشر مقاطع فيديو وصور لقتل هؤلاء المشتبه بهم والتنكيل بجثثهم.

من جانبها، تلجأ إسرائيل إلى تجنيد عناصر من الفصائل الفلسطينية للحصول على معلومات حول قيادات ونشطاء المقاومة بهدف قتلهم حين تتاح الفرصة لذلك، وأيضاً للوصول إلى أماكن الأسلحة، مستخدمةً أساليب إغراءات متعددة، منها تقديم المال أو استخدام الجنس أو تقديم تصاريح عمل داخل الخط الأخضر.

ورغم كل ما تملكه المخابرات الإسرائيلية من قدرات، فإنها فشلت في كشف مخطط «حماس» المتعلق بهجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، كما فشلت لعقود في الوصول إلى العديد من القيادات العسكرية للحركة، أبرزهم يحيى السنوار ومحمد الضيف اللذان اغتالتهما أخيراً خلال الحرب الحالية في غزة.