تعليقاً على منشورات توكل كرمان.. عن الوحدة اليمنية.. وعن الحقيقة التي لايطمسها الحقد

محمد الخامري 

التاريخ لايُكتب بالشعارات، ولا يُزوَّر بالحماسة، ولايُعاد تشكيله وفق الميول والانفعالات او الامنيات الحاقدة، لكن بالوقائع والمصادر والوثائق ورجال المرحلة الذين لازالوا على قيد الحياة، والذين أجمعوا على ان الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، رحمه الله هو من استكمل مشروع الوحدة، وتحمّل تبعاته، وذهب إلى عدن متحدياً الضغوط الداخلية والخارجية الرافضة للوحدة (مع الملحدين)، حاملاً رأسه على كفه من أجل تحقيق الحلم اليمني الكبير، واستطاع إقناع الأمين العام للحزب الاشتراكي آنذاك علي سالم البيض بالوحدة الاندماجية الفورية بدلاً من التدرج الذي كان مطروحاً حينها، كونفيدرالية ثم فيدرالية وبعدها الاندماجية، وقصة استقلالهما السيارة الخاصة منفردين معروفة للجميع..

📌 وللتوضيح أكثر؛ الوحدة اليمنية لم تكن ثمرة شخص واحد، بل نتاج تاريخ طويل من النضال والاتفاقيات التراكمية لعدد من الرؤساء السابقين وأنظمتهم المختلفة منذ مابعد ثورتي 26 سبتمبر و 14 أكتوبر المجيدتين، وهي بلا شك شراكة سياسية معقدة في زمن بالغ الحساسية، ومن حققها بنىٰ على ماسبق.. 

📌 كان المهندس حيدر العطاس هو رئيس الجمهورية آنذاك، لكن الكلمة الأولى كانت للحزب، وبالتالي فالامين العام للاشتراكي علي سالم البيض كان هو الطرف المفاوض والمخول لاتخاذ هذه الخطوة المفصلية في تاريخ الدولة، وهو شريك صالح في تحقيق الوحدة بلا منازع ولا نكران لذلك، إذ كان بيده القبول او الرفض، وسيذكر التاريخ انه ثاني اثنين حققا الوحدة الوطنية لليمن..

📌 عند النظر إلى الظروف التي كانت تحيط بالطرفين آنذاك نعرف ان الشمال كان اكثر استقرارا، على عكس الجنوب الذي كان قاب قوسين او أدنى من السقوط تبعا للمنظومة الاشتراكية..

 تحدى صالح الجميع وذهب نحو الوحدة رغم التجييش الاعلامي والديني آنذاك لدول الخليج وجماعة الاخوان الذين كانوا يرفضون الوحدة مع الاشتراكيين ولازلتُ اتذكر طواف الشيخ عبدالمجيد الزنداني رحمه الله على مناطق المملكة ومساجدها للتحذير من الوحدة مع الملحدين، ولاتزال اشرطته التسعة موجودة ومسموعة..

📌 في الطرف الآخر كان علي سالم البيض وقيادات الجنوب يمرون بأسوأ وأحلك أيامهم مع تفكك المعسكر الاشتراكي وانهيار الحلفاء، الأمر الذي جعل الوحدة طوق نجاة لهم فتمسكوا بها، لكن هذا لاينفي انهم شركاء ومناضلين ووطنيين من الدرجة الأولى لأنهم غلبوا مصلحة الوطن والشعب وتنازلوا عن مناصبهم العليا وتراجع البيض إلى الصف الثاني طواعية، وكان بإمكانه التمترس حول المنصب الأول وإفشال مساعي صالح وغيره من السابقين؛ وبالتالي لن تتحقق الوحدة..

📌 سيقول قائل ان علي عبدالله صالح تراجع وانتكس ونكص على عقبيه بممارساته الظالمة بحق آلاف الجنوبيين بعد حرب 1994، وأوافقه عليه، وأذكره بأن النائب علي سالم البيض تراجع رسمياً عن الوحدة واعلن قيام الجمهورية الديمقراطية عام 94 واعترفت به جمهورية ارض الصومال (التي لم يعترف بها احد منذ عام 90 وحتى اليوم)، ومع ذلك فالتاريخ لن ينسى أو يغفل، وسيكتب انه ثاني اثنين حققا الوحدة الوطنية لليمنيين في 22 مايو 1990.. وسيذكر انه تراجع عنها في سياق التدوين التاريخي، لا في سياق الشتم والتحامل والحقد والضغينة، وتحويل مناسبة وطنية جامعة إلى ساحة لتصفية الحسابات.

📌 اخيرا رسالتي إلى الأخت توكل كرمان

من حقنا أن ننتقد الجميع، وأن نعارض سياساتهم، لكن يجب أن تحكمنا القيم الدينية، والأعراف اليمنية الأصيلة، التي تنص على احترام الموتى وذكرهم بما يليق بنا أولاً، ثم بهم، ومانمر به اليوم لايحتمل المزيد من صب الزيت على نار الأحقاد..

إن أسوأ مانمر به كبلد، أن تتحول الخصومات السياسية إلى أحقاد تستبيح كل شيء، حتى شرف الكلمة وحرمة الموتى المصانة شرعا وقانونا وعرفا وقيما نبيلة.. 

وحدتنا الوطنية عبثت بها أيادي الخارج وأصبحنا شتاتاً؛ عالة على الدول والشعوب الأخرى (ولو حصلنا على جنسياتهم).. ذاكرتنا الجمعية تحتاج إلى لملمة الصفوف، لا إلى تمزيقها بتغريدات تستجلب التصفيق والإعجاب اللحظي، وتورث الخصام الأبدي والتنافر والتفتيت، دعونا نختلف بشرف، ونتحدث بضمير، ونترك للتاريخ أن يقول كلمته بعيدًا عن المزايدات.

#اليمن_ضحية_عقوق_ابنائه

#العيد_الوطني_22_مايو

#امي_اليمن

#الفجور_في_الخصومة_دمر_اليمن