أين تذهـب ملــيارات النفـط ؟

نقلاً عن الغارديان البريطانية (June 6,2016) فلقد انهارت قضية الارهاب ضد السويدي Bherlin Gildo في لندن لانه تبين أن المخابرات البريطانية كانت تسلح التنظيم نفسه الذي ينتمي اليه والذي يحاكم بسبب انضمامه اليه. اوقف الادعاء القضية لعدم فضح المخابرات البريطانية. حتى ذلك الحين كانت بريطانيا تدعي أنها تقدم مساعدات إنسانية غير حربية للثوار السورين، لكن تبين أثناء المحاكمة أن كميات هائلة من أسلحة ليبيا القذافي قد تم نقلها سنة 2012 إلى سوريا بواسطة الــCIA ومؤسسة الاستخبارات الخارجية البريطانية MI6. المؤسستان الاستخباريتان الامريكية والبريطانية ليستا سوى فاعلتي خير كونهما جمعيات تعمل لوجه الله سبحانه وتعالى فقط، فهي فقط تنقل أسلحة بكميات هائلة لا تدفع ثمنها لانها مدفوعة الثمن من عائدات نفط ليبيا، وأما باقي النفقات سواءً ما يتعلق بشحن الاسلحة أو تخزينها او استقدام المجاهدين من كل مكان ودفع اجور ونفقات سفرهم ورواتبهم فذلك تتولاه دول نفطية أخرى. يقوم هؤلاء الاخوة الألداء بكل ذلك ليهبوا اخوتهم السوريين نعمة الديمقراطية، الجميع يعمل لوجه الله من اجل الديمقراطية في سوريا. كم نحن ناكرين للجميل! مخابراتهم فقط قدمت خبراتها ونصائحها وارشاداتها، هل هم يجبرونا على شيء؟

صحيح أن ثمن هذه الديمقراطية كان 300000 قتيل لتاريخه وأن نصف الشعب السوري قد تم تهجيره، وأن الأطفال السوريين قد باتوا بلا مدارس، وأن البنية التحتية السورية التي تم بناؤها خلال نصف قرن بدماء وعرق السوريين قد تحطمت ولكن أليس ذلك كله ثمنا زهيداً من أجل الديمقراطية والتي وصفتها الكاتبة الهندية ارونهاني بأنها ديمقراطية سريعة الذوبان: ”اشتر واحدة منها وخذ اخرى بالمجان!”.

قاربت الحرب في سوريا على خمس سنوات. بقي لها 35 سنة فقط لتتساوى مع حروب الاعراب في الجاهلية كما في حرب داحس والغبراء في نجد والتي دامت 40 سنة بين فرعين من قبيلة واحدة. خلال هذه الاثناء يكون أكثر نفط العرب قد استهلك. وتكون أكثر عائداته قد تم ضخها في الاقتصاد الأمريكي والبريطاني، فصارت لهم بترودولارات النفط وأصبحت بطن اراضينا خاوية على عروشها فلا نفط ولا هم يحزنون.

نحن ما زلنا نعيش قرون الجاهلية الاولى سواء من لبس منا دشداشه أو بدلة من تصميم بيوت الأزياء في باريس. إننا ما زلنا نعيش عصر داحس والغبراء الجاهلي. 300 الف قتيل سوري سيسألون من كان سبباً في قتلهم يوم القيامة بأي ذنب قتلوا ولعذاب الظالمين في الدنيا والاخرة عظيم لو كانوا يفقهون.

***

بوتين : داعش تمولها 40 دولة بعضها من دول العشرين

نقلت قناة روسيا اليوم في 16/11/2015 ان الرئيس الروسي اطّلَع زملائه في قمة العشرين في انطاليا ان لدى المخابرات الروسية ما يؤكد أن الدولة الاسلامية/ داعش تتلقى تمويلاً عبر اشخاص وأن اربعين دولة بعضها من دول العشرين الكبار الموجودة في ذلك الاجتماع متورطة في ذلك. كما أنه بين صوراً من الاقمار الصناعية لناقلات النفط على امتداد عشرات من الكيلو مترات وكأنهم انبوب نفط. لمدة سنة بقيت هذه الناقلات تنقل، والطائرات تقصف اهداف الانتاج والمصافي والتي تم بناؤها بدم وعرق السوريين والعراقيين مع انه كان بالامكان التعامل الاسهل مع ناقلات النفط هذه. وكما نعلم فإن الولايات المتحدة متخصصة في تجفيف مصادر تمويل الجماعات الجهادية، فيبدو أن أقمارها الصناعية وطائراتها بطيار أو بدون طيار كانت في سهوة من امرها، فسمحت لتنظيم الدولة الاسلامية باستمرار مصدر التمويل الهام هذا كل هذه المدة!
فليسمح لي العساكر الامريكيون ووكلاؤهم بسؤال من رجل لا يعرف في الشؤون العسكرية كثيراً مثلي: ألم ترَ اقمارهم وطائراتهم الدولة الاسلامية وهي تتمدد من الرقة الى العراق وهي التي لاتملك غطاءً جوياً وتسير في صحاري وأراضٍ مكشوفة؟ لكن، يا سبحان الله! ما إن كادت قوات الدولة أن تدخل اربيل فإذا كل الاقمار والشموس تُرى وإذا بالطائرات والدبابات والقوات الخاصة هناك في لمح البصر. فهل تخطت الدولة الاسلامية الخطوط الحمراء ”لمسانديها”؟
ما لم أفهمه هو تصريح وزير ”العدوان” الاسرائيلي موشي يعلون لطمأنة الشعب الاسرائيلي الى ان وجهة نظر تنظيم الدولة الاسلامية ليست اسرائيل رغم وجود حدود مشتركة في أكثر من منطقة محيطة بها، ومع ذلك أكد يعلون أن أكثر ما يقلق الدولة العبرية هو الوجود الايراني في المنطقة على حد قوله، في نفس الوقت أبدى رئيس شعبة الاستخبارات في الجيش الاسرائيلي أن حرباً الكترونية مستعرة الآن بين اسرائيل وايران التي قلصت الهوة التكنولوجية بينهما، وان ما يقلقه هو ان الجامعات والطلاب الايرانيين زادوا عشرين مرّة منذ الثورة الاسلامية الايرانية فيما كانت الزيادة في اسرائيل ثلاثة أضعاف فقط.
في مقابلة مع فرانس 24 هذا الاسبوع مع الامير الحسين بن طلال تساءل الامير: اذا لم يكن اهلنا في الخليج هم من يمولون الدولة الاسلامية فمن الذي يمولوها؟
اذا كانت الاقمار الصناعية الامريكية لاترى جحافل الدولة الاسلامية وهي تتمدد في الصحاري المكشوفة، واذا كان هدف تنظيم الدولة الاسلامية غير اسرائيل، فأخبروني يا أهل الذكر ما هو هدفها ومن يدعمها لو كنتم تعلمون؟

***

بداية نظام عالمي جديد !

المشكلة في سوريا هي تصارع قوى عالمية كبرى لإعادة تشكيل النظام العالمي من جديد. وهذا الصراع في أساسه هو لتحدي الاحادية الامريكية وهيمنتها وعولمتها. ابطال الطرف الاخر الساعون لنظام عالمي جديد بدون هيمنة امريكية أحادية هم دول البريكس عموماً وروسيا والصين خصوصاً. ولكل منهم حلفاؤه أو اتباعه أو وكلاؤه أو طراطيره. بعد انهيار الاتحاد السوفييتي جاء في خطط البنتاغون أيام بوش الاب ووزير دفاعه دك تشيني ووكيل وزارة الدفاع آنذاك بول وولفواتز ان الولايات المتحدة لن تسمح لأي قوة او مجموعة قوى إقليمية كانت او عالمية تتحدى مصالحها الاقتصادية والسياسية وخصوصاً في مناطق الثروات الطبيعية والنفط، وجاء ذكر منطقة الشرق الاوسط تحديداً. تمّ التخلص من صدام حسين باعتبار أنه أصبح بعد حربه مع ايران قوة عسكرية اقليمية في منطقةٍ استراتيجية وهامة وبذلك كان أن طُلِب منه تخفيض عدد فرق جيشه وتسليحها الى حدود تمنع امكانية هيمنته خارج الحدود. رفض فتم ادخاله الى الكويت وبقية القصة معروفة. جاء المحافظون الجدد بجورج دبليو بوش وهو الذي لم يعرف اسماء ثلاثة رؤساء اوروبيين وظن حينما سألته مجلة فانتي فير أن طالبان هي فرقة روك اند رول. وجاء بمبدئه الشهير سنة 2002 بأن الولايات المتحدة ستتصرف بشكل أحادي دون امم متحدة ولا هم يحزنون متى رأت مصلحتها تقتضي ذلك. ثمّ جاء بحربه على الارهاب وهي في حقيقتها حرب ارهاب ضد كل الدول التي تحمل اراضيها نفطاً او مواداً طبيعية استراتيجية.
ومن سوء حظ السوريين ان استخدمت بلادهم مسرحا لهذا الصراع واستخدمت الولايات المتحدة ورثة داعس والغبراء في مخططها. لا يختلف عاقلان ان النظام الدكتاتوري لعائلة الاسد كان سيئا، لكن لو كان الامر المطلوب هو الاصلاح فهناك ايضاً بلدان تعيش في القرون الوسطى هي اولى بالإصلاح. كما ان الهجمة الغربية الصهيونية على سوريا لم تأت لتحارب مساوئ النظام وهي كثيرة، وانما جاءت لتحارب أحسن ما فيه. ماضي الدول الغربية البائس يبين انها ليست جمعيات خيرية.
كل الدلائل تشير أن نظاماً عالمياً جديداً قد ولد من رحم الصراع في سوريا مع انه ما زال وليداً. وأن بداية نهاية عصر الاحادية قد ولى إلى غير رجعة. دفع العرب فاتورة هذا التغيير وكانوا كالعادة أقل المستفيدين منه.

***

بوصلة الطائرات F16 العربية مغشوشة !

منذ سنة 1973 وحتى سنة 2011، لم اسمع شيئاً عن الجيوش العربية وأسلحة طيرانها وصواريخها، فظننت أن تلك الجيوش قد قدمت “استقالتها” فهي لم تدخل حرباً مع عدو الا وخسرتها. ثم قلت لنفسي: ولكن لم تكن أبداً هذه الحروب ضد الاعداء وظيفتها فهي أساساً شُكلت ودربت وسلحت لحفظ الانظمة – أنظمة سايكس بيكو – ويبدو أن الانظمة باتت راضية مطمئنة على ولاء أو تدجين شعوبها. وفجأة قرر المحافظون الجدد والقدامى لنا (ولم نقرر بحق انفسنا) بأن تثور – لماذا – وكيف – ما هو الهدف – ما هو المطلوب – من هي القيادة – هذه كلها اسئلة تافهة مؤجلة – بعدين.. بعدين… وفجأة تبين لنا أن هناك جيوشاً عربية. المكان الوحيد فيما أسماه الغرب بالربيع العربي الذي كان به ”نصف جيش” كان تونس، فحماه الله من شرور جيوشنا، فخرجت تونس بأقل الاضرار. أما بقية الجيوش الباسلة (أو غير الباسلة) في سوريا، وليبيا، والعراق، ومصر – فكفانا الله وشعوبها شرورها، حاولت تلك الجيوش أن تقوم بوظيفتها وهي حماية الانظمة، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر! فجأة علمنا أن هناك اسلحة طيران – ما شاء الله عليها – تستطيع أن تصيب أهدافها بالليل وبالنهار وان لديها صواريخ وأسلحة فتاكة وأن لها عربات ناقلة للجنود... وأن.. وان.

اعجبتني الوحدة العربية حيثما يتعلق الاذى بالنفس أو ”بالاخوان“. طائرات اغنى الدول العربية لقصف أفقر الدول العربية طائرات F16 العراقية، تقصف المدن العراقية. طائرات الميغ السورية تقصف البنى التحتية السورية، طائرات الخليج العربي تقصف منشآت النفط في سوريا والعراق. يخربون بيوتهم بأيديهم! أعجبت بالوحدة العربية أيضاً لان كل الطائرات امريكية الصنع F16 . أما ذلك النظام الذي مازال يستعمل غيرها مثل السوخوي والميغ، فيجب ازالته – فالوحدة العربية مطلوبة. عليه أن يستعمل F16! عندها سيحصل ذلك النظام على شهادة حسن سلوك وأنه مركز اشعاع للحرية والديمقراطية حتى لو كان نصف الشعب في غياهب سجونه!

قلت لنفسي لو تم تسخير هذه القدرات العسكرية والبشرية والمالية ضد اسرائيل لسنة واحدة فقط. فماذا ستكون النتيجة؟ ثم تذكرت أن (لو) تفتح عمل الشيطان. ثم تداركت أن شياطين الانس والجن تعمل overtime في بلادنا.
حيث أني أؤمن جداً بنظرية المؤامرة قلت لعل بوصلات الطائرات الأمريكية F16 مغشوشة تم برمجتها بحيث لا تعرف أن تطير نحو اسرائيل. هي تطير الى اقرب من ذلك والاقربون أولى بالمعروف... وكفى الله المؤمنين القتال!

*مستشار ومؤلف وباحث

رأي اليوم