في ظل توجهات حكومية لتنفيذ جرعة سعرية جديدة...

حذر مراقبون وأكاديميون من أي خطوات حكومية لرفع الدعم عن المشتقات النفطية، مؤكدين أن مثل هذا القرار سيدفع باعداد كبيرة من اليمنيين الى دائرة الفقر والمجاعة. وأكد مراقبون أن مثل هذا القرار قد تثير ضجة واسعة في اوساط الشارع وبين صفوف القوى السياسية في الساحة الداخلية، خاصة في ظل انعدام الاستقرار السياسي والأمني. وكانت مصادر موثوقة قالت ان حكومة باسندوة تستعد لاتخاذ اجراءات تتعلق برفع الدعم عن المشتقات النفطية مايمثل جرعة جديدة ستؤدي الى رفع أسعار السلع الغذائية، و تكاليف الحياة في اليمن. وتقول مصادر مطلعة أن حكومة باسندوة تعتزم، رفع الدعم عن المشتقات النفطية بشكل جزئي، لتقليص فجوة عجز الموازنة، الأمر الذي سينسحب سلبا من وجهة نظر المواطنين على اسعار البترول والديزل والغاز بشكل مباشر. ويتوقع اكاديميون وخبراء اقتصاد ان يتسبب مثل هذا القرار في تزايد الأعباء المعيشية المتردية أصلا، ويفاقم من كارثة الجوع والمعاناة الإنسانية التي يهوى إليها اليمنيون منذ ما يزيد عن عامين ونصف. وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الميتمي على ضرورة إعادة النظر في السياسات والإجراءات الاقتصادية المتبعة لتنمية وتطوير القطاع الزراعي وقطاع الصناعات التحويلية ووضع الخطط والسياسات المناسبة التي من شأنها أن تسهم في زيادة إنتاجية هذين القطاعين من السلع الصناعية والزراعية وخاصة سلع الغذاء وذلك لتغطية احتياجات الطلب المحلي من هذه السلع بدلاً من استيرادها من الخارج. وطالب إعادة النظر في سياسة أذون الخزانة التي تم تنفيذها في إطار برنامج الإصلاحات الاقتصادية لتمويل عجز الموازنة العامة للدولة بدلاً من الاصدار النقدي كون هذه السياسة من الأسباب التي أدت إلى إلحاق الضرر بقطاعات الإنتاج المحلي وأسهمت في تحويل نمط الاستثمار من استثمار إنتاجي إلى استثمار مالي غير إنتاجي بسبب تحول العديد من المستثمرين للاستثمار في بيع وشراء هذه الأذون بدلاً من الاستثمار في مشاريع إنتاجية. فيما قال الباحث الاقتصادي في مركز بحوث التنمية الاقتصادية والاجتماعية سعيد الراجحي ان النفط سلعة استراتيجية واي تغير في كميته او اسعاره يؤدي الى تغيرات في مختلف الانشطة الاقتصادية والنواحي الحياتية، وعدم توفر المشتقات النفطية او ارتفاع اسعاره يؤدي الى ارتفاع اسعار جميع السلع والخدمات حيث يستخدمه المزارع في انتاج السلع الزراعية وقطفها وحفظها وتحزينها ونقلها الى الاسواق، وتعتمد عليه المصانع في الانتاج والتعبئة والتوزيع والتخزين، والمواطنون والعاملون في تحركاتهم وتنقلاتهم في وظائفهم واعمالهم وتوفير احتياجاتهم وبالتالي التأثير على حياة جميع افراد المجتمع. واشار تقرير حديث لمركز بحوث التنمية الاقتصادية الى ان الموارد النفطية تمثل العصب الرئيسي للاقتصاد اليمني والمصدر الرئيسي للإيرادات الحكومية وأهم القطاعات الاقتصادية التي تربط اليمن بالسوق العالمية ويمثل نحو 70% من الموازنة العامة للدولة، وان أي تأثر فيه يؤثر على مختلف انشطة واعمال الحكومة والاقتصاد الوطني. وتشير البيانات ان الناتج النفطي يساهم بنحو 14.5% في الناتج المحلي الاجمالي لمتوسط الفترة 207-2010م، والى تراجع الناتج المحلي الحقيقي للقطاع النفطي من 409 مليار ريال عام 2007م الى 350 مليار ريال عام 2009م، و 394 مليار ريال عام 2010م بمعدل نمو سالب مثل نحو -14.4%، -4% على التوالي. وبلغ مقدار الدعم الحكومي للمشتقات النفطية 759.3 مليار ريال عام 2009م مثل نحو 6.4% من الناتج المحلي، ونحو 21% من النفقات العامة للدولة لنفس العام. بالمقابل اوضح مرزوق عبدالودود محسن رئيس مركز بحوث التنمية الاقتصادية والاجتماعية ان قطاع النفط يعاني من سوء ادارة الموارد النفطية كما يفتقر الى الرقابة في الحدود الدنيا على أنشطته برغم ان تجربة إدارته في اليمن ممتدة لعقود، وان الازمات المتتالية في المشتقات النفطية يثبت وبما لا يدع مجالاً للشك فشل هذه الادارة. و طالب الحكومة السماح للمؤسسات والشركات في القطاع الخاص باستيراد وبيع وتوزيع المشتقات النفطية من خلال سياسات واضحة وشفافة، واشار الى ان هذا التقرير يأتي ضمن سلسلة التقارير الدورية الصادرة عن المركز ،موضحا ان المركز بصدد اصدار تقرير عن اسعار السلع الاساسية التي لا يستغني عنها المستهلك اليمني الاسبوع القادم. فيما أكد الاكاديمي الاقتصادي عبدالله المذابي ان من الأسباب الرئيسة لإخفاقات برنامج الإصلاح الاقتصادي خلال مراحل التنفيذ الخمس الماضية يرجع إلى اقتصار الإجراءات الإصلاحية على رفع الدعم عن أسعار المشتقات النفطية (البنزين – الديزل – الكيروسين – الغاز الطبيعي)، بزيادة قدرها (86% - 165% - 182% - 90.5%) على التوالي في منتصف عام 2005م. وأشار الدكتور عبدالله المذابي إلى أن استمرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية والخدمات الأساسية للمجتمع في المراحل المختلفة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي زاد من تردي الأوضاع المعيشية لشرائح واسعة من السكان، الأمر الذي أدى إلى زيادة عدد الفقراء، والعاطلين عن العمل في المجتمع. وقال إن هذه الإجراءات وغيرها ضمن قائمة طويلة كروشتة مقدمة من صندوق النقد والبنك الدوليين لمعالجة الاختلالات الهيكلية، واختلال مسار السياستين النقدية والمالية للخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها الوطن. وأضاف بعد أن تبين أن كل هذه الإجراءات التي بدأت عام 1995م -ولازالت مستمرة بلا حدود- لم تحقق الحد الأدنى من الأهداف المرسومة في البرنامج، طيلة السنوات المنصرمة. ولهذا فإننا بحاجة إلى التقييم والمراجعة بموضوعية كاملة غايتها الأولى والأخيرة الخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الراهنة. فيما دعا الخبير الاقتصادي "علي الوافي" الحكومة إلى تنفيذ منظومة إصلاحات وطنية شاملة ضمن عملية التوافق بين شركاء العمل السياسي حتى تكتسب هذه المنظومة التأييد والسند الشعبي المطلوب. وانتقد الوافي غياب الإصلاحات الشاملة على المستوى الاقتصادي والمستويات المختلفة في ظل إصرار الحكومة على رفع الدعم المتبقي على المشتقات النفطية التي قال بأنها أصبحت ضمن أولوياتها، مشيرا إلى أن الزيادات التدريجية في أسعار المشتقات النفطية التي هي تنفيذا لهذه الأولويات لدى الحكومة. وأكد الوافي " أن استمرار الزيادات السعرية في ظل انتشار الفقر والبطالة وارتفاع معدلاتها وأيضاً في ظل محدودية شبكة الأمان الاجتماعي، إجراءات ستؤدي إلى مزيد من الفقر والبطالة ومزيد من الركود الاقتصادي ناهيك عن سوء استخدام هذه الموارد الجديدة الناتجة عن رفع الدعم. وأضاف: إن المشكلة تتمثل في أن الزيادات السعرية تأتي في ظل غياب الإصلاحات الشاملة، مؤكدا بأن الاستخدام الكفؤ للموارد هو المتطلب الأساسي والذي ينبغي أن يسبق أي خطوات أو إجراءات أخرى. وأكد الوافي على ضرورة أن تتوافر لدى الحكومة الإدارة الكفؤة لتتمكن من الاستخدام الكفؤ لهذه الموارد وبذلك تستطيع أن تضمن سلامة هذه السياسات وأثرها الايجابي على المواطن والخزينة العامة. وكانت مصادر اعلامية تحدثت عن مشاورات جرت مؤخرا بين رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، وحكومة الوفاق الوطني، لإقرار جرعة جديدة ستؤدي الى رفع أسعار السلع الغذائية، و تكاليف الحياة في اليمن.حيث تم الاتفاق على رفع سعر الدبة البترول (20 لترا) من 2500 ريال الى 3500ريال، وإضافة 500 ريال على سعر الدبة الديزل. ووفقاً للمقترح الحكومي، فسيتم رفع سعر مادة البترول من 125 ريالاً الى 225 ريال للتر الواحد، فيما سيتم رفع مادة الديزل من 100 ريال الى 125 ريالاً للتر. بالمقابل أشارت مصادر اقتصادية إلى ان التوجه الحكومي الحالي جاء بعد ضغوطات من قبل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي على حكومة باسندوة لاستكمال تنفيذ برنامج الاصلاحات الاقتصادية الذي بدأ اليمن تنفيذه منذ العام 1995م تحت اشراف المؤسستين الدوليتين. وكانت معلومات صحفية قالت إن "البنك الدولي أبلغ الحكومة اليمنية أنه مضطر الى وقف جميع المنح والقروض المقدمة من البنك نفسه، وكذلك المانحين الذين كانوا تعهدوا بها في مؤتمرات عدة لأصدقاء اليمن"، مشترطاً دخول اليمن في برنامج الإصلاحات بإشراف مباشر منه، وهو الأمر الذي يقتضي رفع الدعم الحكومي عن عدد من السلع على رأسه مادة الديزل.