لماذا جنود الامارات الذين يقتلون وحدهم في اليمن؟

لماذا جنود الامارات الذين يقتلون وحدهم في اليمن؟ وماذا عن الآخرين الذين يقاتلون تحت مظلة التحالف السعودي؟ ولماذا هذا التعتيم الاعلامي؟ ولماذا ترفض المنظمات الانسانية الدولية طلب التحالف سحب موظفيها من المناطق المستهدفة بالقصف؟
 
تسأل وتعرض افتتاحية "رأي اليوم" اللندنية:

في ذروة انشغال القوى الاقليمية والعالمية بالملف السوري بشقيه السياسي والعسكري، يمكن القول ان هذا الانشغال يحول الانظار عن حروب وصدامات دموية في اكثر من مكان، مثل الانتفاضة المشتعلة في فلسطين المحتلة، واعمال القتل التي تمارسها سلطات الاحتلال الاسرائيلي في حق الشبان الفلسطينيين الرافضين للاحتلال، ولكن في الوقت نفسه هناك حرب منسية في اليمن توشك ان تدخل عامها الثاني، وتحظى بالقليل من الاهتمام ايضا رغم احداثها وتطوراتها المتسارعة.

هناك ثلاث محطات، او تطورات رئيسية لابد من التوقف عندها في هذا الملف، فرضت نفسها في اليومين الماضيين:

المحطة الاولى: اعلان بيان صادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة الاماراتية عن مقتل جندي واصابة آخر اثناء مشاركتهما في العمليات العسكرية في اليمن، مما يرفع اعداد القتلى الاماراتيين الى اكثر من سبعين جنديا وضابطا على الاقل.

المحطة الثانية: قصف طائرات التحالف السعودي لمعمل خياطة في صنعاء، مما ادى الى مقتل عاملين احدهما صبي عمره 14 عاما، واصابة 15 عاملا آخرين، وحرق المعمل بالكامل.

المحطة الثالثة: تأكيد بيات رسمي سعودي على التصدي لصاروخ سكود اطلق على مدينة خميس مشيط وتدميره، من قبل بطاريات صواريخ “باتريوت” الامريكية الصنع التي نصبتها المؤسسة العسكرية السعودية في المنطقة.

اللافت في المحطة الاولى ان دولة الامارات اعترفت بمقتل احد جنودها، مثلما تفعل عادة، الامر الذي يطرح سؤالا مهما، وهو عن خسائر الدول الاخرى المشاركة في هذا التحالف، وتقاتل قواتها على الارض، فلم نسمع مطلقا عن ارقام خسائر القوات السودانية والقطرية والكويتية والبحرينية، ناهيك عن قوات مرتزقة كولومبية، ومن جنسيات اخرى، جندتها شركة “بلاك ووتر” المتخصصة في هذا الميدان.

هناك احتمالان اساسيان، الاول ان هذه القوات تقاتل فعلا في ميادين القتال، وتتكبد خسائر بشرية من قتلى وجرحى، ولكن يتم التعتيم على ارقام الضحايا، ويتم دفنهم بصمت ودون اي تغطية اعلامية، او ان هذه القوات لا تقاتل فعلا، ووجودها رمزي فقط، لا نملك اجابة واضحة في هذا الصدد في ظل التعتيم الاعلامي السائد، والشح المتعمد في المعلومات بالتالي.

ولعل هذا الشح والتعتيم يمكن ان ينطبق بطريقة او باخرى على المحطتين الثانية والثالثة، المتعلقتين بقصف اهداف مدنية، وصواريخ “سكود” التي تطلق من اليمن على مدن واهداف يمنية ايضا، وتتضارب الانباء حولها، فبينما يؤكد المسؤولون السعوديون انهم اسقطوها قبل الوصول الى اهدافها، يؤكد التحالف “الحوثي الصالحي” عكس ذلك تماما، اي انها اصابت هذه الاهداف.

الامر المؤكد ان طائرات التحالف السعودي قصفت معملا للخياطة، وقتلت عمالا واصابت آخرين، مثلما فعلت على مدى الاشهر الماضية عندما قصفت مستشفى تابع لمنظمة اطباء بلا حدود الدولية في صعدة، ومزارع للابقار والدواجن، ومعامل لتعبئة المياه، والقائمة تطول.

وما هو اخطر من كل ما تقدم، مطالبة قيادة التحالف منظمة الصليب الاحمر الدولي، ومنظمات انسانية اخرى سحب العاملين من مناطق يمنية معرضة للقصف، وهو ما رفضته هذه المنظمات بشدة، لانها تريد ان تقوم بواجباتها في اغاثة الملايين من ابناء اليمن الذين يتعرضون للقصف يوميا، ولانهم يدركون ايضا ان هذا الطلب الهدف منه هو افساح المجال للمزيد من اي رصد او توثيق دولي لجرائم الحرب هذه.

الحرب في اليمن حرب مدمرة، ولا يجب ان تدخل حالة من النسيان، او التناسي، لان ضحاياها ابرياء فقراء معدمين، لا يجدون لقمة العيش في اوقات الامان والاستقرار التي سبقت الحرب، بسبب ظلم ذوي القربى وصمودهم، وسنقف معهم في هذه الصحيفة “راي اليوم” وحقهم في العيش الكريم، وحقن دمائهم، فالشعب اليمني شعب عزيز كريم شهم، لا يستحق ما يتعرض له من كل الاطراف والقوى الاقليمية.