صراع «الزمرة» و«الطغمة» ينهض في عدن.. هادي يعيد الجنوب إلى مشنقة يناير

تتسع خارطة الصراع، يوماً عن آخر، بين التكوينات السياسية والفصائل المسلحة الموالية لدول تحالف العدوان السعودي، في مناطق جنوب اليمن، سيما في مدينة عدن الساحلية.
 
وقد انعكس صراع قيادات الاجنحة الجنوبية، في اشتباكات مسلحة، وعمليات اغتيال طالت الكثير من العسكريين والقيادات الميليشاوية في مدينة عدن، وكذا في محافظة أبين المجاورة، مع الإشارة إلى أن الصراع الجاري ليس بمنأى عن التجاذبات الحاصلة على مستوى دول التحالف السعودي.
 
ميدانياً.. لابد من التذكير أن بداية التحول في الصراع، كانت مع الاشتباكات التي شهدها مطار عدن، بين قوات موالية لعبدربه منصور هادي وأخرى لدولة الامارات، وما ترتب على ذلك من تسليم المطار لقوات سودانية، لعبت دورا محوريا في الاعتداء على عناصر الحماية الموالين لحكومة أبوظبي.
 
ويذكر أن أزمة مطار عدن، بدأت بدفع من اللوبي الاخواني المسيطر على مكتب هادي، حيث استدعى لواءً عسكرياً (اللواء الرابع حرس رئاسي)، جرى تأليفه حديثاً، ويقوده مهران القباطي، وهو من قيادات ما تعرف بـ (المقاومة الجنوبية)، المرتبطة بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
 
ومن هنا تحولت أزمة مطار عدن، إلى صراع متقدم، بين تيارين، الأول موال للسعودية، ويمثله عبدربه منصور هادي وتنظيم الإصلاح الاسلامي، والآخر الإمارات والمجاميع المسلحة التي تولت واجهة الترتيبات السياسية والعسكرية والأمنية في مدينة عدن ومحيطها، بعد السيطرة عليها خلال 2015.
 
ويفسر سياسيون ما يحدث بأنه "توجه من هادي لتقليص نفوذ الإمارات في عدن، بعد أن كانت صاحبة القرار الأول في المدينة والمحافظات المحيطة بها، وأسست قوات معروفة بالولاء لها، وهي قوات الحزام الأمني، كما تدعم فصائل وقيادات محلية قريبة من الحراك الجنوبي، في مقابل قيامها بتقليص نفوذ حزب الإصلاح (اخوان اليمن).
 
وكانت الخلافات بين هادي والإماراتيين قد ظهرت في أكثر من مناسبة، على هيئة تصريحات أو تسريبات باتهامات متبادلة، ومنها تصريح شهير لوزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، في يونيو/حزيران 2016، قال فيه "إن محمد بن زايد أدرك مبكراً أن الشرعية ليست في البقاء في المنافي والفنادق"، فيما قُرأ على أنهم تهجم على هادي، الذي كان حينذاك في العاصمة السعودية الرياض.
 
 
نسخة عصرية من صراع "يناير"
 
بيد ان "صراع الاشقاء" في عدن، أخذ بُعداً أكثر خطورة، في غضون الاشتباكات التي شهدها مطار عدن في خور مكسر، خاصة مع الاصطفاف المناطقي للقيادات المحلية، الذي صاحب أزمة المطار واستمر إلى ما بعدها.
 
وعند هذه النقطة تحديداً برزت حديثاً ملامح صراع جنوبي ذي نفس مناطقي، تحت تأثير افرازات الصراعات القديمة التي شهدها جنوب اليمن، منتصف عقد الثمانينيات بين تياري "الطغمة" و"الزمرة"، والتي كانت سببًا في لجوء عبد ربه منصور هادي إلى الشمال في 1986م.
 
وتشكل محافظتا أبين والضالع، في الوقت الراهن، طرفي معادلة الصراع السياسي والعسكري، بين الفصائل المتناحرة في مدينة عدن، حيث تلعب القيادات المنتمية لهاتين المحافظتين، دور الحامل الرئيس للتوترات الأمنية والعسكرية في المدينة الساحلية الواقعة على الضفة الشرقية لخليج عدن.
 
وحملت تجاذبات المعسكرين، خلال الأيام الأخيرة، في عدن، وما رافقها من تصاعد سريع لوتيرة الخلاف، إشارات صريحة إلى أجندات لدول خليجية متصادمة في اليمن، على أن الصراع ربما يشتد ما لم تحدث صفقة لتأجيله إلى ما بعد التسوية السياسية أو الانتهاء من الحرب.
 
وبموازاة التحولات السياسية والميدانية الدراماتيكة، يكثف المعسكر المدعوم من السعودية، التحركات لتكريس نفوذه مقابل تحجيم نفوذ أبو ظبي، وصولاً إلى انتزاع مطار عدن من المخالب الإماراتية، من دون اغفال بديهية استفادة هادي والإصلاح من الإخفاقات الادارية للسلطة المحلية بعدن المحسوبة على الامارات.
 
بيد أن سيطرة المال الاماراتي على الجناح الحراكي المتطرف للانفصال، يفرض واقعاً ميدانياً وسياسيًا صعبًا على هادي وفريقه ومن خلفهم السعودية، ولعل الأخيرة استشعرت لوهلة تداعيات هذه الورقة في مسار الصراع والكلفة الباهظة المترتبة عليها، وإثره استدعت شخصيات جنوبية موالية للإمارات، لأول مرة، إلى الرياض.
 
وقد بدت الصورة أكثر وضوحًا، بعيد مغادرة احمد بن دغر مدينة عدن متوجها إلى الرياض، بعد ساعات محدودة من وصوله رفقة عدد من وزراء حكومة المهجر، حيث إن المغادرة جرت تحت ضغط حدة الخلاف بينه وبين قيادات حراكية على رأسها المحافظ ومدير الأمن، المدعومين إماراتياً.
 
في السياق.. ثمة معلومات عن اتجاه حكومة أبو ظبي لتصنيع ما يبدو "بلاك وتر محلي" في عدن، بالاعتماد على عناصر من مناطق جنوبية معينة، بعد أن لمست حكومة أبوظبي عدم ولاء مطلق من جانب العناصر المسلحة التي جندتها في إطار ما تعرف بقوات الحزم الأمني. الأمر الذي قد يشكّل قواعد ميدانية يمكن الانطلاق منها لاستعادة النفوذ في الجنوب.
 
 
اقرأ المزيد: