الاندبندنت: كلما طال إخفاء تواطؤ السعودية استمر الإرهاب

وجه ناجون وأسر ضحايا هجمات 11 سبتمر رسالة مكتوبة إلى رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، حثوا فيها على ضرورة الكشف عن محتوى تقرير الحكومة البريطانية حول حجم التمويل السعودي للإرهاب داخل بريطانيا، ودعوا فيها إلى وقف مبيعات الأسلحة إلى الرياض لاستخدامها في قتل المدنيين اليمنيين، وفقا لتقرير حصري نشرته صحيفة "الاندبندنت" البريطانية.

 

والتقرير الذي تتحفظ ماي على الإفراج عنه، كان كلف رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون بإجرائه كجزء من صفقة بهدف الحصول على دعم سياسي من خلال تصويت البرلمان لمصلحة شن بريطانيا غارات جوية في سورية.

 

وفي يوليو، قالت وزيرة الداخلية البريطانية امبر رود إن التقرير لم ينشر بسبب حجم المعلومات الشخصية التي يتضمنها ولأسباب مرتبطة بالأمن القومي. وقالت الرئيس المشتركة لحزب الخضر كارولين لوكاس إن رفض إعلان التقرير مرتبط بتردد الحكومة البريطانية في انتقاد المملكة التي لطالما ربطتها بها علاقات استراتيجية واقتصادية.

 

ودعا مجموعة تمثل الناجين من هجمات الحادي عشر من أيلول، وكذلك أقارب عدد من ضحايا الهجمات، رئيسة وزراء بريطانيا إلى "اغتنام الفرصة" والكشف عن التقرير، حتى وإن لم يكتمل بعد.

 

وجاء في الرسالة التي وقعها 15 شخصاً: "إن أمام بريطانيا الآن فرصة تاريخية فريدة لوقف موجة القتل من قبل إرهابيين يستلهمون أفكارهم من الوهابية من خلال الإفراج عن تقرير الحكومة حول تمويل الإرهاب في بريطانيا والذي يضع السعودية بحسب التقارير الإعلامية في موقع المسؤولية".

 

ومما جاء في الرسالة: "إنه كلما طال إخفاء تواطؤ السعودية، استمر الإرهاب. ويجب وقفهم، ولكن من سيوقفهم؟".

 

وأضافت الرسالة التي حصلت "الاندبندنت" على نسخة منها: "إننا نحثكم بكل احترام على إصدار التقرير الآن أو الانتهاء منه. نطلب منكم النظر في جميع ضحايا الإرهاب، الذي ترعاه الدولة والممول من السعودية، وأسرهم وناجياتهم في المملكة المتحدة وفي جميع أنحاء العالم".

 

وتصر شارين بريمولي، وهي إحدى الناجيات من الهجمات، وكانت حينها في الطابق رقم 80 من البرج الشمالي لمركز التجارة العالمي عندما هاجمت أول طائرة تابعة للقاعدة، وهرعت إلى مكان آمن، إن الهحمات لم تكن لتحدث دون دعم السعودية.

 

وقالت السيدة بريمولي، من فيرمونت، لصحيفة "الاندبندنت" إنه خلال السنوات الـ16 التي انقضت منذ وقوع الهجمات، تتبعت هي وآخرون "مسار المال" لتمويل الإرهابيين. وقالت "إننا دائما ما نصل إلى المصدر - السعودية".

 

السيدة بريمولي، مؤلفة كتاب "مذكرات الخريف: في طريق العودة من 11 سبتمبر"، قالت إن الحكومة الأمريكية تشارك بنشاط في تغطية دور المملكة العربية السعودية. وبالإضافة إلى ذلك، قالت إن الولايات المتحدة وبريطانيا تروجان لعلاقات اوثق مع الرياض وبيعها الأسلحة.

 

وأضافت أن الأسلحة التي تباع للسعودية تستخدمها الآن لتدمير اليمن وقتل آلاف المدنيين اليمنيين.

 

كما دان ناجون واقارب ضحايا هجمات 11 من سبتمبر بيع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أسلحة إلى المملكة العربية السعودية لاستخدامها في قتل المدنيين اليمنيين.

 

وكشف استطلاع حديث أجرته صحيفة "الاندبندنت"، ان الغالبية العظمى من البريطانيين يشعرون بقلق عميق من تورط حكومتهم في مساعدة السعودية بقتل وذبح اليمنيين ودعوا لوقف مبيعات الأسلحة إلى الدولة الاستبدادية السعودية.

 

ويعتقد أغلبية ساحقة من البريطانيين انه من الخطأ بالنسبة لبريطانيا أن تقدم مليارات الجنيهات من الأسلحة إلى المملكة لشن حرب مدمرة على اليمنيين.

 

وقد أرسلت نسخا من الرسالة إلى زعيم حزب العمل جيريمي كوربين، ووزيرة الداخلية في حكومة الظل ديان أبوت، وكذا إلى السفير البريطاني لدى واشنطن سير كيم داروتش.

 

ومن بين الذين وقعوا الرسالة هم بريت وجيل إيجلسون، ابن وارملة جون إيغلتون، الذي توفي في الطابق السابع عشر من البرج الثاني. وإلين ساراسيني، أرملة فيكتور ساراسيني، طيار لشركة الطيران المتحدة 175، التي اختطفت في طريقها من بوسطن إلى لوس أنجلوس وضربت البرج الجنوبي. وكذا ايضا كاثي أوينز، الذي قتل زوجها، بيتر، في الطابق 104 من البرج الشمالي.

 

وعلى الرغم من أن 15 من الـ19 من خاطفي الطائرات الذين نفذوا الهجمات على نيويورك وواشنطن كانوا من السعودية، إلا ان الحكومة تنفي دائما أي دور لها.

 

وفي وقت سابق من هذا العام، رفعت دعوى قضائية في نيويورك بالنيابة عن أسر 850 شخصا قتلوا وأصيب 1500 آخرون.

 

وتطالب الدعوى التي رفعت إلى محكمة اتحادية في المنطقة الجنوبية من نيويورك، وسيستمع إليها القاضي الأمريكي جورج دانيلز، بتعويضات مالية غير محددة، وتقول إن السعودية تدعم تنظيم القاعدة بأربع طرق حاسمة - دعم الجمعيات الخيرية المرتبطة بالحكومة التي تدير معسكرات تدريب الإرهابيين، والتمويل المباشر لمجموعة أسامة بن لادن الإرهابية، ودعم الخاطفين من خلال تزويدهم بجوازات سفر، وأخيرا، توفير الدعم الميداني للخاطفين في الأشهر الـ18 التي سبقت الهجمات.

 

وقال المحامي البارز جيم كريندلر إن "هجمات 11 من سبتمبر لم تكن لتحدث بدون دعم السعودية لتنظيم القاعدة".

 

ويعتقد العديد من البريطانيين والأمريكيين أن لدى المملكة المتحدة والولايات المتحدة تاريخا طويلا في دعم واستغلال الإرهابيين، من أجل تحقيق أهداف استراتيجية واقتصادية وعسكرية. وكتب مؤخرا المؤرخ مارك كورتس، ومؤلف الشؤون السرية، عن تعاون بريطانيا مع الإسلام الراديكالي، حيث كتب أن دور السعودية في دعم الوهابية مسألة معروفة منذ عقود، وأن النخب البريطانية على دراية بهذا الدور الذي تلعبه السعودية في إثارة الإرهاب.

 

وفي أكتوبر 2014، كتب مساعد رئيس الأركان الدفاعية في الجيش البريطاني السابق الجنرال جوناثان شو لصحيفة الدايلي تلغراف، ان السعودية وقطر هما الدولتان الاساسيتان المسؤولتان عن صعود الإرهاب الذي هو مصدر إلهام لإرهابيي داعش.

 

وليست هذه المرة الأولى التي تسعى فيها حكومة بريطانية إلى حماية العلاقات الاستراتيجية مع المملكة العربية السعودية من خلال تغطية ودفن المعلومات المحرجة أو الضارة. ففي عام 2006، أوقف توني بلير تحقيقا جنائيا رئيسيا في قضية فساد من قبل شركة الأسلحة "بي إي سيستمز" والمسؤولين السعوديين المشاركين في صفقة أسلحة اليمامة، بحجة ان مواصلة التحقيق سيعرض أمن بريطانيا للخطر - وهو نفس العذر الذي ادعته اليوم وزيرة الداخلية البريطانية رود.

 

وقد أسفرت هجمات عام 2001 عن مقتل أشخاص من جميع أنحاء العالم. وبالاضافة إلى أكثر من 2600 ضحية أمريكي، قتل 372 اجنبيا من 61 دولة. وكان الضحايا البريطانيون ثاني أكبر عدد 67.

 

وقالت النائبة من حزب الخضر لوكاس من برايتون بافيليون إنها دعمت جهود الناجين. وأضافت: "أؤيد تماما هؤلاء الناجين من أحداث الحادي عشر من سبتمبر في ندائهم إلى تيريزا ماي للإفراج عن هذا التقرير. وقالت في بيان إن رفض الحكومة نشرها وبيانها الغامض حول هذه القضية غير مقبول على الإطلاق".

 

وأضافت في بيان: "تعترف الحكومة أن التمويل الأجنبي هو مصدر دخل هام لبعض الجماعات المتطرفة هنا في بريطانيا - لكنها لن تفصح علنا ​​من أين تأتي هذه الأموال. هؤلاء الناجون من أحداث 11 سبتمبر لديهم الحق في المطالبة بالإجابات... وآمل أن تستجيب تيريزا لنداءاتهم".