مسؤول أمريكي سابق يحذر ترامب من التأييد الأعمى لـ"بن سلمان" طمعاً في المال

بينما تدخل الموجة غير المسبوقة من الاعتقالات لشخصياتٍ رفيعة المستوى، ومصادرة الأصول، وتهديدات الحرب في المملكة العربية السعودية أسبوعها الثاني، لم يعرب دونالد ترامب حتى الآن عن شيءٍ بخلاف إشادته ودعمه الكامل لكل هذا.

 

وغرَّد الرئيس الأميركي مُعبِّراً عن "ثقته الكبيرة" في الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ومُطمئِناً العالم "أنَّهما يعيان تماماً ما يفعلانه".

 

"وبالنظر إلى المخاطر التي تنطوي عليها تلك الموجة -المتعلقة باستقرار أكبر منتج للنفط في العالم وخطر اندلاع حربٍ إقليمية- لا يسع المرء إلا أن يأمل بأن يكون الرئيس على حق"، حسبما قال فيليب غوردون مساعد وزير الخارجية السابق والزميل البارز بمجلس العلاقات الخارجية، في مقال نشر بصحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

 

وقال غوردون: نظراً لأهمية سياسة الولايات المتحدة تجاه السعودية، يجب على المرء كذلك أن يأمل بأن ترامب على علمٍ بما يفعله بالضبط. وإذا لم تتمكن الولايات المتحدة من المساعدة في توجيه طاقات وطموحات ولي العهد السعودي الثوري الشاب على نحوٍ إيجابي، فإنَّ تلك الثورة يمكن أن تفشل مُتسبِّبة في تكلفة هائلة للمنطقة والعالم".

 

الصفقة

منذ بداية رئاسته، عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على القيادة في الرياض صفقةً ضمنية، مُفادها أنَّ عليكم شراء المزيد من الأسلحة الأمريكية، والإعلان عن الاستثمارات في الولايات المتحدة، والتعهُّد بمكافحة التطرف الإسلامي، وفي المقابل، سنُقدِّم لكم دعماً غير مشروط في مواجهتكم ضد إيران، وفي حرب اليمن، وأي ممارسات داخلية تراها السلطات مناسبة.

 

وكان العرض أكثر وضوحاً عندما زار ترامب الرياض، في مايو/أيار 2017. فحين كان ترامب مُرشَّحاً للرئاسة، كان يكيل الانتقادات للمملكة العربية السعودية، واقترح منع دخول جميع المسلمين إلى الولايات المتحدة، لكن بعدما أصبح رئيساً، انتهى به المطاف باختيار المملكة لتكون أول رحلة خارجية له، وتبنَّى أجندة الرياض.

 

فلقاء المقابل المتواضع المتمثِّل في الترحيب والاحتفاء الحافِل بزيارة ترامب، والإعلان عن صفقات أسلحة كبيرة واستثمارات أخرى (التي كان الكثير منها جارياً بالفعل)، حصل السعوديون من واشنطن على الدعم غير المشروط الذي أرادوه.

 

الصفقة الجديدة

والآن، يأمل ترامب في الحصول على مكافآت إضافية في شكل اتفاقٍ مع الرياض، لإدراج الطرح العام الأوليّ لشركة أرامكو السعودية، وهي شركة النفط الوطنية، في بورصة نيويورك، عندما يجري الطرح في العام المقبل، 2018، حسب المسؤول الأميركي.

 

وعلى نحوٍ أوسع، فإنَّ صفقة كبرى بين البلدين تعتبر أمراً منطقياً، لأنَّ الولايات المتحدة لديها مصلحة كبيرة في نجاح المملكة. فمع بلوغ أسعار النفط حوالي 60 دولاراً للبرميل، يقترب العجز السنوي في الميزانية من 100 مليار دولار أمريكي، ويتزايد أيضاً عدد الشباب المعرضين للتطرف في حال عدم خلق فرص عمل.

 

نتائج عكسية

المشكلة هي أنَّ الخصائص التي تجعل من الأمير محمد أملاً إصلاحياً كبيراً، تحمل في طياتها احتمالاً لنتائج عكسية أيضاً، حسب رأي فيليب غوردون.

 

فمن خلال تقديم واشنطن -التي لا تزال الحليف الأهم الذي لا غنى عنه للرياض- دعماً كاملاً للسعودية، سيُشجِّع ترامب السعوديين على الذهاب إلى ما لا يطيقون داخلياً وخارجياً.

 

فقد صعَّدت المملكة حربها المكلفة في اليمن، وهو ما لم يؤدِ سوى إلى تدهور الوضع هناك، وعدم تحقيق أهداف الحملة، وأطلقت مقاطعةً ضد قطر، ما دفع بالأخيرة للاقتراب أكثر من إيران وتركيا.

 

وفي الوقت الذي تُلوِّح فيه الرياض الآن بالحاجة المحتملة لعملٍ عسكريٍ ضد إيران ولبنان، ينبغي على الرئيس أن يفكر ملياً قبل أن يُبدي دعم الولايات المتحدة الكامل للسعودية، في حال رأت المملكة أنَّ الحرب هي الحل.

 

الفساد

داخلياً، ليس هناك من شكٍّ في أنَّ الفساد المُتفشِّي يُمثِّل مشكلةً لم تَعُد السعودية قادرة على تحمُّلها، حسب المسؤول الأميركي السابق.

 

لكنَّ السيطرة المُحتملة على السلطة يجري خلالها استعداء أركان النظام الرئيسية، وخلق أعداء كُثر بين الأمراء الآخرين، وإثارة قلق المستثمرين قد يقوض آفاق الإصلاحات ذاتها، التي كانت تلك الإجراءات الأخيرة ترمي لإنجازها.

 

وإذا كان ترامب صديقاً حقيقياً للمملكة، وينظر نظرة بعيدة المدى للمصالح الأميركية، فإنَّه سيستخدم علاقته الخاصة بالقيادة الجديدة لتوضيح تلك النقاط سراً، ولكن بحزم.

 

أمَّا عدم قيامه بذلك، ونشره ببساطة لتغريداتٍ تدعم المملكة، على أمل الحصول على فوائد مالية على المدى القريب فهو أمرٌ لا يخدم مصالح السعودية، أو الولايات المتحدة.