فيما يحتفل صحفيو العالم باليوم العالمي للصحافة.. يقبع عشرات الصحفيين اليمنيين في معتقلات الحوثي

صورة قاتمة لواقع الإعلام والصحافة في اليمن اليوم، هذا هو الحال مع احتفال كل صحفيي العالم ب"اليوم العالمي للصحافة"، الذي يصادف مرورها، غدا الخميس 3 مايو 2018.

معاناة بلا حدود يتجرعها الصحفيون اليمنيون في سجون مليشيا الحوثي الارهابية، فيما آخرون بين مشرد وعاطل عن العمل، لن يجد المتأمل للصحف المرصوفة في إحدى المكتبات والاكشاك الخاصة ببيع الصحف الورقية في العاصمة صنعاء غير عدد من الصحف الرسمية أو الحزبية او المستقلة التي لاتتجاوز عدد اصابع اليد، لهن أسماء مختلفة ولكن جميعها تصب باتجاه واحد ولون واحد ورأي واحد وهدف واحد ومصدرها واحد وكلها تصب في خدمة مليشيا الحوثي الكهنوتية وتمول وتطبع بمطابع الدولة.

أغلقت وتوقفت الكثير من الصحف المستقلة والمختلفة بعد إفلاسها وعدم قدرتها على الاصدار ودفع تكاليف الطباعة بعد الحرب التي بدأت في 25 مارس 2015 والتي أفقدت المئات من الصحفيين وبائعي الصحف المتجولين ومالكي المكتبات والاكشاك مصادر دخلهم، واغلقت الكثير من المكتبات وأكشاك الصحف الأبواب جراء عدم قدرة مالكيها تسديد الإيجار وعزوف القراء من الصحافة الورقية الى الاعلام المرئي الإلكتروني.

احتكار الرأي وقنواته وضيق في الرؤية والافق وتكميم للافواه وغياب لحرية التعبير والرأي الآخر والفكر المختلف هذا هو المشهد على أرض الواقع بعد إجهاز مليشيا الحوثي على ما تبقى من وسائل الإعلام فلا صحف ولا محطات تلفزيونية ولا إذاعات تعمل في العاصمة صنعاء والمناطق التي يسيطر عليها الحوثيون باستثناء الموالية لهم.

وتحولت وسائل الإعلام الرسمية قنوات (اليمن ، سبأ، الايمان، عدن) واذاعة "صنعاء" إلى نسخة من "المسيرة" القناة الرسمية لمليشيا الحوثي واصبحت هذه القنوات ابواقا ووسائل معبرة عن صوت المليشيات لاتهتم ولاتغطي غير فعالياتها ومسيراتها وانشطتها وانتصاراتها الميدانية الزائفة بعيدة عن الشعب اليمني ومعاناته واختلاف الاحزاب والانتماءات في المجتمع.

ويقول الناشط والإعلامي وليد عفاش، ساخراً على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "‏الإعلام في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي: عشرة أشخاص تقريباً، ترى وجوههم على الشاشات، وتسمع أصواتهم في الإذاعات، وتقرأ لهم في الصحف والمجلات.. نحن نعيش أزهى عصور التنوع"!

ومنذ سيطرت مليشيا الحوثي، في 21 سبتمبر/أيلول من عام 2014 الفائت على العاصمة صنعاء، أحاط الويل والمعاناة بحياة الصحفيين والإعلاميين، وتوزعت الانتهاكات بين تعرض بعضهم للموت جراء التعذيب في السجون الحوثية وبين الاختطاف والاخفاء القسري لفترات طويلة واحتلال مقرات للصحف ومراكز لوكالات اخبارية وقنوات إعلامية ونهبها والعبث بمحتوياتها.

و‏قامت مليشيا الحوثي باستهداف واقتحام ونهب العشرات من المؤسسات الإعلامية والصحف منها على سبيل المثال: قناة اليمن الرسمية، وقناة سهيل، كان آخرها الاستيلاء على فضائية "اليمن اليوم" الموالية للمؤتمر الشعبي العام واستئناف نشاطها برؤية حوثية عبر بث البرامج المضللة للرأي العام منذ انتفاضة 2 من ديسمبر العام المنصرم.

كما ضيقت المليشيات الخناق على اعلام المؤتمر واحتلت مقر صحيفة "اليمن اليوم" الموالية للمؤتمر الشعبي العام ونهبت كل محتوياتها وتوقفت عن الصدور وقطعت ارزاق موظفيها وكل كوادرها.

وسمح الحوثيون لصحيفة "الميثاق" لسان حال المؤتمر الشعبي العام بالصدور تحت اشرافهم وأجبروا هيئة ورئاسة تحرير الصحيفة على إزالة صورة الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح، من الترويسة الرئيسية في حادثة هي الاولى منذ تأسيسها، مؤكدين بأن قرار إعلام المؤتمر الشعبي العام في صنعاء ليس بيد الحزب، وإنما مليشيا الحوثي هي من توجه وتملي الأوامر عليه.

كما سمحت المليشيات لموقعي "المؤتمرنت"، و"الميثاق نت" الاخباريين، باستئناف العمل برؤية حوثية وتحت رقابة وإشراف من قبلها، فيما واصلت حجب موقع وكالة "خبر" للأنباء، ومواقع اخبارية موالية لحزب المؤتمر الشعبي العام.

واقتحمت مليشيا الحوثي منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء نحو 84 مؤسسة إعلامية واغلقت صحفا وقنوات فضائية ومواقع اخبارية إلكترونية.

فيما يحتفل كل صحفيي العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة، يدفع العشرات من الصحفيين ثمناً باهظاً في معتقلات ميليشيا الحوثي، بينما يعاني المئات منهم أوضاعاً صعبة في مناطق النزوح والشتات، فقدوا بسببها أعمالهم ووظائفهم.

وسعت مليشيا الحوثي منذ انطلقتها من صعدة وغزوها للمدن اليمنية وصولا حتى صنعاء في استقطاب إعلاميين ودفعت لهم المال للترويج لافكارها ومشروعها الظلامي وتبرير توسعها لتحقيق اهدافها وأسست اتحادا أسمته "اتحاد الاعلاميين اليمنيين" ككيان نقابي بديل ومحاولة لازاحة أولى نقابة للصحفيين في اليمن المعروفة" نقابة الصحفيين اليمنيين".

ليس هذا وحسب أصدر وزير الإعلام في سلطة الامر الواقع "الحوثيين" أحمد حامد.. أواخر أغسطس الفائت لائحتين تنفيذيتين، الأولى "لائحة تنظيم المنشآت الصحفية الخاصة المسموعة والمرئية "، والثانية "لائحة تنظيم الصحافة الالكترونية"، اشتملتا على مواد تفرض عقوبات مالية وشروط إدارية ذات تعقيد في تضييق واضح وتدخل في رسم خط العمل والتحرير في العمل الصحفي، وتمنح وزير الإعلام صلاحيات غير قانونية او شرعية في اتخاذ إجراءات عقابية بالحجب والمنع لايحق لاحد تنفيذها غير القضاء ومحكمة الصحافة، ولا يتم ذلك الا بعد عرض هذه اللائحتين على مجلس النواب للمصادقة عليهما.

تعددت محاولات الحوثيين في عزل الإعلام المخالف وحجب الحقيقة عن العالم الخارجي عبر احتكارها للرأي ووسائل الإعلام ومنع الصحفيين والمراسلين العرب والاجانب من دخول المناطق الخاضعة لسيطرتهم، فما مابين "الإقصاء والحجب والقمع" اصبحت حرية التعبير وتعدد الاراء واختلافها وتنوعها ذكرى لدى القراء اليمنيين.

وعمدت مليشيا الحوثي على استهداف عدد من الصحفيين والإعلاميين مؤخرا اما بالقنص او عبر الصواريخ الموجهة والقذائف اثناء تغطيتهم لسير المعارك في جبهات القتال بمحافظتي تعز والبيضاء وقتلت عددا منهم.

وذكرت نقابة "الصحفيين اليمنيين"، أنها رصدت العام المنصرم نحو 300 حالة انتهاك طال، صحفيين ومصورين وعشرات الصحف والمواقع الالكترونية، ومقار إعلامية وممتلكات صحفيين" في عموم اليمن، ارتكبت المليشيا الحوثية 204 حالات منها".

وأشارت النقابة، "أن حالات الانتهاك تنوعت بين اختطافات واعتقالات وحجب المواقع الإلكترونية، والاعتداءات والتهديد والتحريض، إلى جانب الشروع في القتل والمصادرة والنهب للممتلكات".